محتويات
الدليل الشرعي
الدليل لغة: هو الهادي إلى الشيء خير أو شر، حسي أو معنوي، أمّا الدليل الشرعي اصطلاحاً: فهو ما يعمد إليه المسلم للاستفادة منه في حكمٍ شرعيٍّ عمليٍّ، سواء كان هذا الدليل على سبيل القطع، أو على سبيل الظنّ، لذا فإنّ الأدلة الشرعية تنقسم من حيث الدلالة إلى نوعين: أوّلهما: أدلة شرعية قطعية الدلالة، وثانيهما: أدلة شرعية ظنية الدلالة، وممّا تجدر الإشارة إليه أمرين:[١]
- أوّلهما: أنّ الأدلة الشرعية التي يُستدلّ بها على الأحكام العملية والمتفق عليها من جمهور العلماء أربعة وهي: القرآن الكريم، والسنة، والإجماع، والقياس، وقد استدلوا على ذلك بقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)،[٢] حيث أنّ طاعة الله -تعالى- تفيد اتباع القرآن، وطاعة رسوله تفيد اتباع السنة، وطاعة أولي الأمر تفيد اتباع ما اتفق عليه المجتهدين، وردّ الأمور والوقائع المختلف فيها إلى الله ورسوله تفيد االلجوء الى القياس.
- ثانيهما: أنّ العلماء اتفقوا على أولوية الاستدلال بالأدلة الشرعية الأربعة؛ القرآن ثمّ السنة ثمّ الاجماع ثمّ القياس، حيث أنّ الآية المشار إليها مسبقاً تفيد هذا الترتيب أيضاً.
تعريف الأدلة الشرعية
القرآن الكريم
هو كلام الله -تعالى- بلفظه ومعناه، نزل به جبريل -عليه السلام- على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- باللغة العربية، والمتعبد بتلاوته، والمعجز بنفسه، المنقول بالتواتر كتابةً ومشافهةً، المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس، وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ جميع نصوص القرآن الكريم قطعية من حيث ثبوتها ونقلها عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، أمّا من حيث دلالتها فتنقسم إلى قسمين:[٣][٤]
- نصوص قطعية الدلالة: هي النصوص التي تدلّ على معنى واحدٍ ولا يُفهم غيره، بحيث لا يكون هناك مجال للتأويل، ومن أمثلة ذلك قول الله -تعالى-: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ)،[٥] فيُفهم من هذه الآية أنّ حد الزنا مائة جلدة لا أقل ولا أكثر من ذلك.
- نصوص ظنية الدلالة: هي النصوص التي تدلّ على معنى معينٍ، لكن تحتمل التأويل لمعنى آخر، ومن أمثلة ذلك قول الله -تعالى-: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ)،[٦] حيث أنّ لفظ قروء يحتمل معنيين في اللغة وهما الحيض أو الطهر.
السنة النبوية
وهي جميع ما نُقل عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- غير القرآن الكريم من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ، وتعد مع القرآن الكريم أصلاً للأدلة الشرعية، وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ نصوص السنة النبوية قد تكون قطعية أو ظنية الثبوت، وقد تكون قطعية أو ظنية الدلالة.[٣][٧][٨]
الإجماع
هو الاتفاق الواقع من مجتهدي أمة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعد وفاته على أمر ديني سواء كان في مجال العبادات، أو المعاملات، أو العقوبات، أو غير ذلك، وقد ثبتت حجيته بالقرآن الكريم والسنة، ومن ذلك قول الله -تعالى- المشار إليه مسبقا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ).[٢][٣][٩]
القياس
في اللغة :هو التقدير، وفي الاصطلاح الشرعي: هو إلحاق واقعةٍ أو حادثةٍ لم يثبت حكمها بنصٍ من الكتاب أو السنة بواقعة قد ثبت حكمها بنص؛ وذلك لاشتراكهما في علة الحكم، وقد ثبتت حجية القياس في القرآن، والسنة، والاجماع، ومن ذلك ما ثبت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: (أنَّ امْرَأَةً مِن جُهَيْنَةَ، جاءَتْ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَتْ: إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حتَّى ماتَتْ، أفَأَحُجُّ عَنْها؟ قالَ: نَعَمْ حُجِّي عَنْها، أرَأَيْتِ لو كانَ علَى أُمِّكِ دَيْنٌ أكُنْتِ قاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ فاللَّهُ أحَقُّ بالوَفاءِ)،[١٠] حيث ألحق رسول الله دين الله -تعالى- المتمثل بالوفاء بالنذر بدين الآدمي بجامع أنّ كلاً منهما حقّ لا يسقط إلا بأدائه إلى أهله.[٣]
المراجع
- ↑ عبد الوهاب خلاف، علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع المدني، صفحة 24-25. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة النساء، آية:59
- ^ أ ب ت ث سعد العتيبي، "أسس السياسة الشرعية"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 19/2/2022. بتصرّف.
- ↑ عبد الوهاب خلاف، علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع المدني، صفحة 26-36. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية:2
- ↑ سورة البقرة، آية:228
- ↑ ابن المبرد، غاية السول إلى علم الأصول، صفحة 67. بتصرّف.
- ↑ عبد الوهاب خلاف، علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع المدني، صفحة 42-43. بتصرّف.
- ↑ ابن المبرد، غاية السول في علم الاصول، صفحة 81. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1852، صحيح.