محتويات
تعريف الاجتهاد
يُعرف الاجتهاد في اللغة بأنّه بذل قُصارى الجهد والوسع في أمرٍ ما، والجهد من المشقّة، وأمّا الاجتهاد في الاصطلاح الشرعيّ؛ فهو بذل الجهد واستفراغ الوسع في الأحكام الشرعية بعد النظر في الأدلة الشرعيّة، ويُطلق على العالم الذي يمارس عمليّة الاجتهاد: المجتهد، ويكون ممتلكًا للشروط تؤهّله للقيام بهذه المهمة.[١]
مشروعيّة الاجتهاد
وردت أدلّة شرعيَّةٌ كثيرةٌ دالَّةٌ على مشروعيّة الاجتهاد وحاثَّة عليه، ومن ذلك:[٢]
- من القرآن الكريم: عموم الآيات الداعية إلى التفكّر وإعمال العقل، كقوله تعالى: (إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ)،[٣] وقوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)،[٤] وقوله تعالى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ).[٥]
- من السنّة ما رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من قوله: "إذا حكم الحاكِمُ فاجتهد فأصاب فله أجرانِ، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجرٌ".[٦]
- الإجماع: حيث أجمع الصحابة وعلماء السلف بعدهم على مشروعيّة الاجتهاد.
- العقل يقتضي أن يكون الاجتهاد مشروعًا؛ إذ إنّ نصوص القرآن الكريم والسنّة النبويّة لم تتناول أحكام كلّ المسائل، كما أنّ المسائل والحوادث تستجدّ مع تغيّر الأزمنة وتطوّرها؛ ما يعني الحاجة إلى الاجتهاد لبيان أحكام هذه المسائل والحوادث.
حكم الاجتهاد
إنّ معرفة الحكم الشرعيّ للمسائل والوقائع بوجهٍ عامٍّ واجبٌ شرعًا، وفي حقّ المجتهد فإنّ حكم الاجتهاد يختلف من حالٍ لآخر، وبيان ذلك آتيًا:[٢]
- يكون الاجتهاد فرض عينٍ على المجتهد إذا كان قادرًا على الاجتهاد في المسألة محلّ النظر وتوصّل إلى حكمٍ فيها، فإنّ الحكم الذي وصل إليه باجتهاده يكون لازمًا له، كما أنّ الاجتهاد يتعيّن على المجتهد ويكون فرض عينٍ عليه إذا خشي أن تفوت المسألة أو الواقعة، ولم يوجد مجتهدٌ غيره.
- يكون الاجتهاد فرض كفايةٍ في حقّ المجتهد إذا وجد غيره من المجتهدين وكانوا قادرين على الإجابة.
- يكون الاجتهاد مستحبًّا في المسائل التي لم تقع.
شروط الاجتهاد
لا بُدّ من توافر جملةٍ من الشروط في العالم حتى يبلغ الدرجة التي تؤهّله للاجتهاد:[١]
- العلم بالقرآن الكريم وعلومه من ناسخٍ ومنسوخ وأسباب النزول وغيرها، والعلم بالسنة النبوية، واللّغة العربيّة.
- العلم بمواطن الإجماع؛ حتى لا يجتهد في مسألةٍ سبق أن أجمع عليها العلماء.
- العلم بالقياس؛ آليّته وشروطه.
- أن يكون ذكيًّا فطنًا، حاضر البديهة، ولديه مَلكَةٌ فقهيَّةٌ.
أهمّية الاجتهاد
إنّ للاجتهاد أهميَّةً بالغةً في التشريع الإسلاميّ، فيما يلي بيانٌ لأبرز مظاهر أهميّته:[٧]
- الاجتهاد وسيلةٌ في غاية الأهميّة لاستنباط الأحكام الشّرعية من الأدلّة الشّرعية.
- بالاجتهاد يمكننا الوصول إلى حلولٍ للمسائل المُستجدّة في حياة الأفراد اليوميّة.
- مواكبةُ التّغيرات التي تطرأ على حياة الأفراد في مختلف الأزمان، وفي ذلك تأكيدٌ على صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان.
- إنّ في ترك الاجتهاد وعدم القيام به تعطيلًا لمجالاتٍ حياتيَّةٍ عدَّة، وهو سببٌ لتراجع نهضة المجتمع المسلم؛ لأنّ الاجتهاد يدفع حركة المجتمع العلميّة.
المراجع
- ^ أ ب محمد حسن عبد الغفار، تيسير أصول الفقه للمبتدئين، صفحة 6-7. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد مصطفى الزحيلي، الوجيز في أصول الفقه، صفحة 276-281. بتصرّف.
- ↑ سورة الرعد، آية:3
- ↑ سورة الحشر، آية:2
- ↑ سورة النساء، آية:83
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5396، حديث صحيح.
- ↑ محمد مصطفى الزحيلي، الوجيز في أصول الفقه، صفحة 300-304. بتصرّف.