العروض
العَروض لغةً هو العمود الذي تُنصب به الخيمة ويكون في وسطها، وعلم العَروض هو علمٌ وُضِعَ لمعرفة أوزان الشعر العربي صحيحها من فاسدها، وكذلك معرفة ما يمكن أن يعتريها من علل أو زُحافات، وظهر هذا العلم على يد شيخ العربيّة الخليل بن أحمد الفراهيدي، فجَعَل هذا العلم خمس دوائر يُستنبط منها خمسة عشر بحرًا، وزاد تلميذه الأخفش الأوسط بحرًا فصار المجموع ستّة عشر بحرًا، وسُمّي البحرُ بحرًا عند الخليل؛ لأنّه يمكن أن يُنظم عليه عدد لا حصر له من الأشعار، فهو كبير وواسع كالبحر، ومن بحور الشعر البحر البسيط، وستقف الفقرة القادمة مع تعريف البحر البسيط في الشعر العربي.[١]
تعريف البحر البسيط في الشعر
إنّ تعريف البحر البسيط في الشعر يأتي بعد الاطلاع على تعريفه في كتب العَروض الكثيرة التي أُلّفت في هذا الباب، فيمكن القول باختصار إنّ تعريف البحر البسيط في الشعر هو أنّه واحد من بحور الشعر التي وضعها الخليل، وسُمّي البحر البسيط بسيطًا لأنّه أسبابه منبسطة؛ أي إنّ أسبابه متوالية في مُستهلّ تفعيلاته السُّباعيّة، وقيل لانبساط الحركات في عَروض البحر وضَربه؛ إذ تأتي فيهما ثلاث حركات متتالية، ووزن البحر هو: مُسْتَفْعِلُنْ فَاعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فَاعِلُنْ، وضابطُه؛ أي بيت الشّعر الذي تُحفظُ تفعيلاته منه هو:
إنَّ البَسِيْطَ لَدِيْهِ يُبْسَطُ الأَمَلُ
- مُسْتَفْعِلُنْ فَاعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فَاعِلُنْ
وقد تعتري تفعيلات البحر البسيط علل وزُحافات حاله حال كلّ بحور الشّعر العربي وتفعيلاتها، ومن تلك العلل والزحافات:
- الخَبْن: وهو حذف الحرف الثاني الساكن، فمستفعلن تُصبح مُتَفعلُن، وفاعلن تصبح فَعِلُن.
- الطي: وهو حذف الحرف الرابع الساكن، فتصبح مستفعلن مستَعِلُن.
- الخَبْل: وهو حذف الحرفين الثاني والرابع السّاكِنَين، فتُصبح مستفعلن مُتَعِلُن.
- الخَزْم: وهو زيادة حرف أو أكثر في أوّل صدر البيت أو أوّل عجزه، وهذا باختصار ما يمكن قوله حول تعريف البحر البسيط في الشعر العربي.[٢]
قصائد على البحر البسيط
بعد الوقوف على تعريف البحر البسيط في الشعر العربي وبعض علله وزحافاته ينبغي أخذ أمثلة على أبيات من بعض القصائد التي قيلت على هذا البحر من أشعار العرب الجاهليين ومن جاء بعدهم، ومن تلك القصائد:
- قصيدة عنترة بن شدّاد التي مطلعها:[٣]
لا يَحمِلُ الحِقدَ مَن تَعلو بِهِ الرُتَبُ
- وَلا يَنالُ العُلا مَن طَبعُهُ الغَضَبُ
وَمَن يِكُن عَبدَ قَومٍ لا يُخالِفُهُم
- إِذا جَفوهُ وَيَستَرضي إِذا عَتَبوا
قَد كُنتُ فيما مَضى أَرعى جِمالَهُمُ
- وَاليَومَ أَحمي حِماهُم كُلَّما نُكِبوا
لِلَّهِ دَرُّ بَني عَبسٍ لَقَد نَسَلوا
- مِنَ الأَكارِمِ ما قَد تَنسُلُ العَرَبُ
- وقصيدته الأخرى التي مطلعها:[٤]
ذَنبي لِعَبلَةَ ذَنبٌ غَيرُ مُغتَفِرِ
- لَمّا تَبَلَّجَ صُبحُ الشَيبِ في شَعري
رَمَت عُبَيلَةُ قَلبي مِن لَواحِظِه
- بِكُلِّ سَهمٍ غَريقِ النَّزعِ في الحَوَرِ
فَاِعجَب لَهُنَّ سِهامًا غَيرَ طائِشَةٍ
- مِنَ الجُفونِ بِلا قَوسٍ وَلا وَتَرِ
- وقصيدة حاتم الطّائي التي مطلعها:[٥]
مَهلًا نَوارُ أَقِلّي اللَومَ وَالعَذلَ
- وَلا تَقولي لِشَيءٍ فاتَ ما فَعَلا
وَلا تَقولي لِمالٍ كُنتُ مُهلِكَهُ
- مَهلًا، وَإِن كُنتُ أُعطي الجِنَّ وَالخَبلا
يَرى البَخيلُ سَبيلَ المالِ واحِدَةً
- إِنَّ الجَوادَ يَرى في مالِهِ سُبُلا
إِنَّ البَخيلَ إِذا ما ماتَ يَتبَعُهُ
- سوءُ الثَناءِ وَيَحوي الوارِثُ الإِبِلا
- وقصيدة عمر بن الفارض التي مطلعها:[٦]
ما بَيْنَ مُعْتَركِ الأحداقِ والمُهَجِ
- أنا القَتِيلُ بلا إثمٍ ولا حَرَجِ
ودّعتُ قبل الهوى روحي لما نَظَرْتَ
- عينايَ مِنْ حُسْنِ ذاك المنظرِ البَهجِ
للَّهِ أجفانُ عَينٍ فيكَ ساهِرةٍ
- شوقًا إليكَ وقلبٌ بالغَرامِ شَجِ
وأضلُعٌ نَحِلَتْ كادتْ تُقَوِّمُها
- من الجوى كبِدي الحرّا من العِوَجِ
وأدمُعٌ هَمَلَتْ لولا التنفّس مِن
- نارِ الهَوى لم أكدْ أنجو من اللُّجَجِ
وحَبّذَا فيكَ أسْقامٌ خَفيتَ بها
- عنّي تقومُ بها عند الهوى حُجَجي
أصبَحتُ فيكَ كما أمسيَتُ مكْتَئِبًا
- ولم أقُلْ جَزَعًا: يا أزمَةُ انفَرجي
المراجع
- ↑ "عَروض"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 08-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "بحر البسيط"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 08-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 08-01-2020.
- ↑ "ذنبي لعبلة ذنب غير مغتفر"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 08-01-2020.
- ↑ "مهلا نوار أقلي اللوم والعذل"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 08-01-2020.
- ↑ "ما بين معترك الأحداق والمهج"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 08-01-2020.