البلاغة
إنّ البلاغة في اللغة تعني بلوغ الشيء والوصول إليه، أمّا في الاصطلاح فلها تعريفات كثيرة، منها أنّها مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وهي صفة لكلام المتكلم لا له،[١] ويقول ابن الأثير في كتابه المثل السائر: "مدار البلاغة كلّها على استدراج الخصم إلى الإذعان والتسليم؛ لأنّه لا انتفاع بإيراد الأفكار المليحة الرائقة، ولا المعاني اللطيفة الدقيقة دون أن تكونَ مُستجلبةً لبُلوغِ غرضِ المخاطب بها"، وينقسم علم البلاغة في اللغة العربية ثلاثة أقسام: علم البيان، وعلم البديع، وعلم المعاني، ومن أقسام علم البيان يأتي التشبيه، وهذا المقال سيكون مداره على تعريف التشبيه في اللغة العربية.[٢]
تعريف التشبيه في اللغة العربية
إنّ التشبيه -كما مرّ آنفًا- فرع من علم البيان، وتعريف التشبيه في اللغة العربية يتطلّب غوصًا في بطون كتب البلاغة لاستخراج الدّرر منها، وفصل الغث عن السمين، فالتشبيه كثير في كلام العرب، ولو قال قائل إنّه أكثر كلامهم فإنّه لا يبعد عن الصواب، وتعريف التشبيه في اللغة العربية من جهة اللغة هو المماثلة، وهو مصدرٌ للفعل الرباعي شبّه، فيُقال: شبّه الأمر بالأمر تشبيهًا، وأمّا من جهة الاصطلاح فقد أطلق عليه البلاغيّون تعريفات كثيرة، منها -على سبيل المثال- ما قاله ابن رشيق القيرواني في كتابه العُمدة: "هو صفةُ الشيء بما قاربه وشاكَلَهُ من جهةٍ واحدةٍ أو جهاتٍ كثيرةٍ لا من جميع جهاته؛ لأنّه لو ناسبَهُ مُناسبةً تامّةً لكان إيّاه"، فالذي يظهر من هذا التعريف -وكل التعريفات الأخرى التي قد وضعها علماء البلاغة- أنّ التشبيه هو مشاركة شيء لشيء بصفة أو أكثر وليس بكلّ الصفات، وقد كان التشبيه سببًا في كثير من المؤلّفات البلاغيّة عند العرب؛ إذ يذكر مَعْمَرُ بن المُثنّى أبو عبيدة أنّ سبب تأليفه لكتاب مجاز القرآن هو سؤال قد وجّهه له ملحدٌ يزعم أنّ القرآن ليس عربيًّا، ويستشهد بقوله تعالى في سورة الصّافّات: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ}،[٣] ويرى ذلك المُلحد أنّ المُشبَّه في اللغة العربية ينبغي له أن يكون أمرًا معروفًا، ورؤوس الشياطين أمرٌ غير معروف، فكان ردّ أبي عبيدة بالعقل والحُجج المعروفة عنه، ثمّ بعده ألّفه كتابه مجاز القُرآن ليدافع به عن القرآن الكريم، وهكذا يكون قد تبيّن تعريف التشبيه في اللغة العربية.[٤]
أركان التشبيه في اللغة العربية
بعد معرفة تعريف التشبيه في اللغة العربية من جهة اللغة ثمّ من جهة الاصطلاح ينبغي أن يُعرَفَ أمرٌ وهو أنّ التشبيه يقوم بأركان أربعة قد اتّفق عليها علماء البلاغة، وكلّ ركنٍ منهم له عملٌ يختصّ به دون غيره، وأركان التشبيه هي:[٥]
- المُشبّه: وهو الأمرُ الأوّل الذي يُرادُ إلحاقُه بغيره.
- المُشبّه به: وهو الأمرُ الثّاني الذي يُلحَقُ به المُشبّه، ويُسمّى هذان الركنان طرفَي التشبيه.
- وجهُ الشّبه: وهو المعنى المُشترك بين الطّرفين، ويكونُ في المُشبّه به أقوى منه في المُشبّه، وقد يُذكرُ في الكلام وقد يُحذف.
- أداةُ التّشبيه: وهي اللّفظُ الذي يَدلُّ على التّشبيه، ويحصُلُ به الرّبط بين المُشبّه والمُشبّه به، وأيضًا قد تُذكر الأداة وقد تُحذف، وهكذا يكون قد تمّ مقال تعريف التشبيه في اللغة العربية.
المراجع
- ↑ "ما البلاغة؟ (تعريف البلاغة)"، www.majles.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 08-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "بلاغة"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 08-01-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الصافات، آية: 65.
- ↑ محمد هيثم غرّة، منيرة محمد فاعور (2011)، البلاغة العربية (البيان والبديع) (الطبعة الأولى)، دمشق: مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، الصفحة 21 وما بعدها. بتصرّف.
- ↑ أ. د. علي عيسى عاكوب (2017)، المُفصّل في علوم البلاغة العربية (الطبعة الأولى)، حلب: مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، صفحة 381 وما بعدها.