تعريف التمييز في اللغة العربية

كتابة:
تعريف التمييز في اللغة العربية

تعريف التمييز لغةً واصطلاحًا

التمييز لغة: هو فصل الشيء عن غيرِهِ، كما قال ربنا: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُون[١] أي انفصلوا من المؤمنين،[٢] وأما في الاصطلاح فقدْ عرَّفَهُ النُّحاةُ بقولِهم: هو اسم نكرة فضلة منصوب يُذكَر ليُفَسِّر المبهَمَ من حيث ذاتُه أو صفتُهُ.[٣]


يظهر لنا من هذا التعريف أنّ التمييز والحال بينهما أوجه شبه وأوجه اختلاف، فأمّا أوجه الشبه فكلٌّ منهما: منصوب وفضلة ومُبيِّنٌ لإبهام، وأمّا أوجه الاختلاف بينهما: الحال في غالبه مشتقّ من المصدر، وأمّا التمييز ففي غالبه جامد غير مشتق، الحال يبيِّن الهيئاتِ ولا يبين الذوات، وأما التمييز فهو يبيِّن الذوات ويبيّن أيضًا جهة النسبة، كما سيأتي تفصيله.[٤]


أنواع التمييز في اللغة العربيّة

إنَّ التمييز في كلام العرب يجيء على نوعين بناء على جهة البيانِ التي تُراد، وهذان النوعان هما: التمييز المفرد والتمييز الجملة، وتفصيل ذلك:[٥]


التمييز المفرد

وهو ما يُعرَفُ عند النحاة باسم "تمييز الذات"، وهو ما كان مُفسِّرا لاسم مُبْهَم ملفوظ، كما في قول ربنا: {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا[٦] فالاسم المُبْهَم الملفوظُ هنا هو قوله "اثْنَيْ عَشَرَ"، فجاءت كلمةُ "نَقِيبًا" تفسيرًا لذلك الاسم المُبْهَم الذي سبقها، وهو العدد،[٤] يمكن تقسيم التمييز المفرد على خمس حالات تَبَعا لأنواع الاسم المبهم الذي يسبق التمييز، وهي:[٧]

  • إذا كان الاسم المبهم عددًا: سواء أكان العدد صريحًا، وهو معروف الكمية كقول ربنا: {إِذ قالَ يوسُفُ لِأَبيهِ يا أَبَتِ إِنّي رَأَيتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوكَبًا[٨] أم كان مُبْهَما، وهو ما كان كناية عن عدد مجهول الكمية، وعلامته أنه يأتي بعد "كم" الاستفهامية، كقولنا: كم مقالا كتبت؟[٧]
  • إذا كان الاسم المبهم دالّا على مقدار: أي على شيء يمكن تقديره بآلة، كالكَيل في قولنا: "خذ صاعًا شعيرًا"، وكالمِساحة في قولنا: "اشتريتُ شِبرًا أرضًا"، وكالوزن في قولنا: "احمل رطلًا زيتًا".[٧]
  • إذا كان الاسم المُبهَم شبيهًا بنوع من أنواع المقادير المتقدمة: وعلامته أنه غير مقدَّرٍ بآلة خاصة، كأنْ يكون يُشبِهُ المساحة، كما في قولنا: "عندي مدُّ البصر زيتونًا"، أو يكون يشبه الكيل كالأوعية، مثل قولنا: "عندي جَرَّةٌ ذهبًا"، أو يكون يشبه الوزن كقول ربنا: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}.[٩]
  • أنْ يقعَ التمييز بعد ما هو مُتَفرِّعٌ عنه: كقولنا: "هذا خاتمٌ فضةً" وذلك لأنّ الفضة هي الأصل، والخاتم مُشتَقٌ عنه، فهو فرعه.[٧]


التمييز الجملة

وهو ما يُعرَفُ عند النحاة باسم "تمييز النسبة"، وهو ما كان مُفسِّرا لجملة مُبهَمَةِ النسبة، ومنه قول ربنا: {وَاشتَعَلَ الرَّأسُ شَيبًا[١٠] وهو على حالتَينِ، هما:[١١]


مُحوَّل

وهو ما كان أصله فاعلًا أو مفعولًا به أو مبتدأ، فمثال الأول قولُ ربنا: {وَاشتَعَلَ الرَّأسُ شَيبًا[١٠] فأصل الكلام: اشتعل شيبُ الرأس، فجُعِل المضافُ إليه فاعلًا والمضافُ تمييزًا، والمثال الثاني قول ربنا: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونا[١٢] فأصل الكلام: فجّرنا عيون الأرض، فجُعِل المضافُ إليه مفعولًا به والمضافُ تمييزًا، والمثال الثالث قولنا: "خالد أكثر منك طولًا"، فأصل الكلام: طولُ خالدٍ أكثر، فجُعِل المضافُ إليه مبتدأ والمضافُ تمييزًا.[١١]


غير مُحَوَّل

وهو الذي لم يتحول عن شيء، كقولنا: "أكرمْ بتميمٍ قبيلةً". وقولنا: "للهِ درُّكَ عادِلًا"، وقولنا: "امتلأتْ غرفتي كُتُبًا". سما عمرو أديبًا. وقولنا: حسبُك به محارِبا.[١٣] وهذا النوع قليل استعماله في لغة العرب كما قال ذلك ابن هشام، لذلك بعض المؤلفين لا يُدرج هذا النوع، وإنما مقصد ابن هشام الأنصاري أنّ العرب قليل ما تستعمل هذا النوع، وليس يقصد أنه مطروح.[١٤]


إعراب التمييز

التمييز دائما يكون منصوبًا، ولا يتغيّر إعرابه مهما تغير تركيب الجملة، وبيان ذلك بالأمثلة على الأنواع المتقدمة:[٢]

  • جاء أحد عشر طفلًا: طفلًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. "تمييز مفرد".
  • كم مسجدًا زرتَ؟ مسجدًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. "تمييز مفرد".
  • أتلفتُ صاعًا أرزًا: أرزًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. "تمييز مفرد".
  • زرعتُ مِترًا قمحًا: قمحًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. "تمييز مفرد".
  • اجلب لنا رطلًا خبزًا: خبزًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. "تمييز مفرد".
  • عندي ارتفاعُ الجبل عنبًا: عنبًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. "تمييز مفرد".
  • هذا بابٌ خشبًا: خشبًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. "تمييز مفرد".
  • سلمى أكثر منكِ سِترًا: سترًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. "تمييز جملة".
  • لله درك شاعرًا: شاعرًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. "تمييز جملة".


إذا تقرر هذا فإنّ العرب تستعمل التمييز في كلامها لتفسير المُبهمات من كلامها، وهذا التمييز إمّا أن يكون مفسِّرا لجملة مبهمة، وإمّا يكون مفسِّرا لاسم ملفوظ مُبهم.


المراجع

  1. سورة يس، آية:59
  2. ^ أ ب إبراهيم البيجوري، فتح رب البرية على الدرة البهية نظم الىجرومية، صفحة 151. بتصرّف.
  3. مصطفى الغلاييني، جامع الدروس العربية، صفحة 576. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ابن هشام الأنصاري، شذور الذهب في معرفة كلام العرب، صفحة 257. بتصرّف.
  5. ابن هشام الأنصاري، شذور الذهب في معرفة كلام العلاب، صفحة 257. بتصرّف.
  6. سورة المائدة، آية:12
  7. ^ أ ب ت ث مصطفى الغلاييني، جامع الدروس العربية، صفحة 567-568. بتصرّف.
  8. سورة يوسف، آية:4
  9. سورة الزلزلة، آية:7
  10. ^ أ ب سورة مريم، آية:4
  11. ^ أ ب ابن هشام الانصاري، قطر الندى وبل الصدى، صفحة 460-462. بتصرّف.
  12. سورة القمر، آية:12
  13. مصطفى الغلاييني، جامع الدروس العربية، صفحة 569. بتصرّف.
  14. ابن هشام الأنصاري، قطر الندى وبل الصدى، صفحة 460-463. بتصرّف.
6507 مشاهدة
للأعلى للسفل
×