مسألة الدين
الفيلسوف الفرنسي الحائز على جائزة نوبل للآداب هنري برجسون يقول: "لقد وجدتُ وتوجد جماعاتٍ إنسانيةٍ من غير علومٍ وفنونٍ وفلسفاتٍ، ولكنه لم توجد قط جماعةٌ بلا ديانةٍ"، فتكاد مسألة الدين والديانة المسألة الأبرز التي شغلت بال الإنسان منذ فجر التاريخ ويعود السبب وراء ذلك إلى حاجة الإنسان المُلِّحة إلى قوةٍ إلهيةٍ خارقةٍ يعتمد عليها في تذليل الصعاب وتحقيق النجاة من المهالك والحماية من قوى الشر، وقد تنوعت أشكال الدِّين منذ القِدم وحى العصر الحديث ما بين الدين الحقيقيي والخرافات والأوهام، وهذا المقال يسلط الضوء على تعريف الدين لغة واصطلاحًا كمدخلٍ لفهم ماهية الدين.
تعريف الدين لغة واصطلاحًا
تعدّدتِ التعاريف حول الدين بين علماء الدين وعلماء النفس والفلاسفة وغيرهم ممّن بحثوا مسألة الدين من زوايا متعدّدة كلٌّ بحسب معتقده وإيمانه النابع من الدين الذي يعتنقه، أمّا تعريف الدين لغة واصطلاحًا ففي اللغة كلمة الدين -بكسر الدال المُشدّدة- مأخوذةٌ من الفعل الثلاثي دَانَ بمعنى أطاع وأذعن وانقاد وخضع واستسلم، ففي تعريف الدين لغة واصطلاحًا هناك تعريفٌ عامٌّ للمعنى الاصطلاحي للدين إذ يُطلق على كل ما يؤمن به الإنسان ويعتقد به وينقاد له من المبادئ والسلوكيات والتعاليم المرتبطة بكل ما غاب عن الوجود ولم تدركه الحواس من الأمور المقدسة والغيبيات والموت والحياة وما بعد الموت والجن والملائكة.
أمّا تعريف الاصطلاح الإسلامي للدين فهو الخضوع التامّ والانقياد لله -سبحانه وتعالى- وِفق ما جاءت به الرسالات السماوية من عند الله تعالى من لدن آدم -عليه السلام- حتى محمّد -صلى الله عليه وسلم- متمثِّلًا في دين الإسلام وهو الدين الوحيد الذي نجى وحُفِظ من التحريف والتبديل على الرغم من اعتقاد أتباع هذه الرسالات السماوية المُحرَّفة أنهم على الدِّين الحق وأنهم يتقرّبون إلى الله تعالى بما جاء في كتبهم المُحرَّفة -التوراة والإنجيل-. [١][٢]
بعد تعريف الدين لغة واصطلاحًا من المهم بمكان تسليط الضوء على القواسم المشتركة بين جميع الأديان -جمع دين- ومنها: الإيمان المُطلق بوجود إلهٍ لا يشبه أيًّا من المخلوقات والكائنات المعروفة للإنسان هو المتحكِّم في الكون وخالق ما فيه، وطقوس العبادة في تقديس الإله وصرف أشكالٍ من العبادات له ولكل مقدَّسٍ في اليوم أو في المناسبات الدينية، والخضوع لقانون أخلاقي يُنظِّم العلاقة مع الذات المقدسة ومع الآخرين، وجود عبادة الصلاة في غالبية الأديان بأساليب متعددة بحسب كلِّ دينٍ، ووجود كتاب مقدس لكل دينٍ يشمل على القراءات والتلاوات والأحكام التشريعية والتصور عن اليوم الآخِر وما بعد الموت والحساب والجزاء وعالم الأرواح. [٢]
الدين في القرآن الكريم
القرآن الكريم في ثنايا سوره اشتمل على لفظ الدِّين كواحدةٍ من الكلمات الأساسية والتي أتت بعدة معانٍ، ومن لفظ الدِّين والفعل دان اشتُق اسم الله تعالى الدَّيان ويعني القهار فوق عباده والقاضي الحكم بين الناس، ومن أهم معاني الدِّين في القرآن الكريم الإشارة إلى الإسلام على أنه دين البشرية قال تعالى:"إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ"[٣] وقال تعالى:"وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"[٤] وقال تعالى:"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"[٥].
ومن معاني الدِّين في القرآن الكريم أتت بمعنى الجزاء والحساب على العمل قال تعالى:"أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ"[٦] كما أطلق القرآن لفظ يوم الدِّين على يوم القيامة إذ فيه الجزاء قال تعالى:"مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ"[٧] وقد ورد لفظ يوم الدِّين في القرآن إحدى عشرة مرةً، ومن معانيها في القرآن حُكم الحاكم ومُلك السطان والقائم بالأمر قال تعالى:"مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ"[٨].
ومن معانيها أيضًا الطريقة والمِلَّة قال تعالى:"لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ"[٩]، ومعنى آخر هو الحكم والنفوذ قال تعالى: "وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ"[١٠]. [١١][١٢]
المراجع
- ↑ الحوار مع أصحاب الأديان مشروعيته وشروطه وآدابه،, "shamela.ws"، اطُّلع عليه بتاريخ 06-03-2019، بتصرف
- ^ أ ب ديانة،, "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 06-03-2019، بتصرف
- ↑ {آل عمران: الآية 19}
- ↑ {آل عمران: الآية 85}
- ↑ {المائدة: الآية 3}
- ↑ {الصافات: الآية 53}
- ↑ {الفاتحة: الآية 4}
- ↑ {يوسف: الآية 76}
- ↑ {الكافرون: الآية 6}
- ↑ {الأنفال: الآية 39}
- ↑ معنى كلمة الدين: لغة واصطلاحاً،, "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 06-03-2019، بتصرف
- ↑ لفظ (الدِّين) في القرآن الكريم،, "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 06-03-2019، بتصرف