تعريف الرهن

كتابة:
تعريف الرهن

مفهوم الرهن في الإسلام 

الرهن في اللغة: دوام الشيء وحبسه والثبوت، أمّا اصطلاحاً فكان للفقهاء معانٍ عدة؛ عرفه الحنفية: حبس شيء مادي مقابل حق ما يمكن الاستيفاء منه، هو اعتبار عين مال وثيقة بدين حتى يتم استيفاؤه في حال عجز المدين عن سداد الدين، وبمعنى آخر: هو ما يعطى من المال كوثيقة للدين، أي توثيق الدين بعين ما في حال تعذر سداد الدين يؤخذ من العين كله أو جزء منه.[١]

وأن الأصل في الرهن أن يكون بالأعيان مثل: الثابت منها كالعقارات، والمزارع، والمتنقل من الآلات كالسيارات وغيرها.[٢]

مشروعية الرهن في الإسلام

شُرِع الرهن في القرآن والسنة والإجماع، وفيما يأتي دليل ذلك:[٣]

  • القرآن

جاء في قوله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ)؛[٤] بينت الآية الكريمة مشروعية الرهن من باب المحافظة على حقوق الناس فيما يتعلق بالمال، وجوازه في حال السفر والإقامة.

  • السنة

ما ورد عن عائشة رضي الله عنها: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اشْتَرَى طَعَامًا مِن يَهُودِيٍّ إلى أجَلٍ، ورَهَنَهُ دِرْعًا مِن حَدِيدٍ)؛[٥] فالغاية من الرهن في ذلك توثيق الدين.

  • الإجماع

أجمع العلماء والمسلمون على مشروعية الرهن في كل الأحوال والأوضاع، سواء كانت بالسفر أو الإقامة، إذ ورد في النص القرآني ما يثبت مشروعيته في حال السفر، وجاء في السنة ما دلّ على جواز الرهن في حال الحضر وذلك لقيام النبي صلى الله عليه وسلم بالرهن.[٣]

الحكم التكليفي للرهن 

إنّ حكم الرهن في الإسلام الجواز باتفاق أهل العلم، ولا يعني وروده في القرآن والسنة على وجوبه بل جاء من جهة الإرشاد والتوجيه، والرهن هو من عقود التبرع مثل الكفالة، والقرض والإعارة وغيرها من العقود، وهذا ما يؤكد عدم وجوبه.

واعتبره الرهن من العقود العينية التي لا تعد ملزمة بشكل تام إلّا في حال تم تسليم العين التي عُقِد عليها، وما قدمه الراهن للمرتهن ليس مقابل شيء.[٦]

أطراف عقد الرهن وشروطها

إنّ عقد الرهن كغيره من العقود، له أركان عدة، وهي:

العاقدون

يشترط في العاقدين بالرهن ثلاثة شروط وذلك باتفاق العلماء، وهي:[٧]

  • الاختيار: فلا يجوز العقد إن كان بالإكراه لأحد طرفي العقد وهما الراهن والمرتهن.
  • الملكية: أن يكون مالك للشيء المرهون، أو له حق فيه حق التصرف مثل الولاية كالولاية على مال اليتيم أو المجنون، أو الوكالة كأن يوكل صاحب المال شخص ما بإجراء العقد.
  • الأهلية: أن يكون كل من طرفا العقد بالغ عاقل، ومن العلماء من لم يشترط البلوغ فصح عندهم عقد الصبي المميز، أما المجنون أو غير المميز أو من كان غير عاقل فأجازه البعض في حال وافق وليه فيتم تنفيذ عقد الرهن.

الصيغة

اشترط الفقهاء شروطاً لصيغة الرهن، وهي:[٨]

  • أن لا تكون الصيغة معلقة بشرط، أو محدد بزمن في المستقبل؛ وإن أضيف لزمن أو عُلق بشرط بطل العقد، وهذا ما ذهب إليه الحنفية.
  • ذهب الشافعية أن الشروط في العقد قد يكون شرطاً صحيحاً، وشرط باطل أو لغو كأن يكون لا غرض له ولا مصلحة، فيصح العقد والشرط يبطل، وشرط مفسد للعقد؛ كأن يكون بشيء يضر المرتهن، وفساد الرهن بإضافته للمستقبل أو تعليقه.
  • المالكية قالوا إن كان في الشرط ما يخالف مقتضى العقد فهو فاسد والرهن بذلك يصبح باطلاً، مثل اشتراط أن يكون الرهن بيد الراهن دون تسليمه للمرتهن.
  • الحنابلة شرطهم مثل المالكية؛ شرط صحيح يتوافق مع مقتضى العقد خالياً من الحرام، وشرط فاسد يخالف العقد، وبذلك قد يبطل الشرط الرهن وقد لا يبطله، وهذان الوجهان ما قال به أهل العلم.

المرهون

للمال الذي يتم رهنه شروط ذكرها العلماء، وهي:[٩]

  • المالكية قالوا بجواز رهن المنفعة وعدم اشتراط أن يكون عيناً، وأن يمكن بيع المرهون عند حلول الوقت.
  • الحنابلة كان لهم استثناء في بعض الأحيان فيما يتعلق بالمرهون، بأن يكون مالاً معلوماً ومع القدرة على التسليم.
  • الشافعية والحنابلة قالوا بعدم جواز رهن مال الآخر إلّا بموافقته لعدم قدرته على التسليم أو البيع، مثل رهن طائر يطير.
  • الحنفية اشترطوا أن يكون الشيء المرهون محوزا، وعد جواز رهن نصف بيت أو جزء من السيارة.

المرهون به

اشترط الفقهاء بالمرهون به شروطاً عديدة، وهي:[١٠]

  • اشترط الشافعية أن يكون ديناً فلا يصح أخذ الرهن بالأعيان سواء كان العين أمانة أو مضمونة، وأن يكون هذا الدين ثابتاً ولازماً أو قَرُب على اللزوم.
  • المالكية قالوا بجواز أخذ الرهن بشتى الأثمان، ويجوز أخذه بدين القرض والسَّلم، واشتراط التسليم في المجلس.
  • الحنفية قالوا بجواز أخذ الرهن بالقرض حتى قبل ثبوته، والرهن بالأعيان المضمونة بعينها.
  • الحنابلة قالوا بصحة الركن بكل دين سواء كان واجباً أو قابلاً للوجوب مثل القرض، وجواز أخذ الرهن على منفعة استئجار بالذمة، وعدم صحة أخذ الرهن بعوض غير ثابت في ذمة أي شخص.

الحكمة من مشروعية الرهن

شرع الرهن لما فيه تخفيف على الناس عند ضيق الحال وحاجته لمن يضمنه ويقف معه لسداد دينه، فهو بهذا لصالح الراهن والمرتهن وكافة أفراد المجتمع، إذ فيه تنفيس كربة الراهن وإزالة الغم عن قلبه، وضمان حق المرتهن وحصوله على الربح بما يوافق شرع الله تعالى، ويصل ذلك إلى أفراد المجتمع من تبادل للحب والتمودة بينهم، وتوسع التعامل التجاري، وحل المشاكل وتنفيس الكربات.[١١]

المراجع

  1. عبدالله بن طاهر، العقود المضافة إلى مثلها، صفحة 236. بتصرّف.
  2. محمد بن ابراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 504. بتصرّف.
  3. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فقه المعاملات، صفحة 709. بتصرّف.
  4. سورة سورة البقرة، آية:283
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2386، صحيح.
  6. مجموعة من المؤلفين، فقه المعاملات، صفحة 713-714. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، فقه المعاملات، صفحة 720-721. بتصرّف.
  8. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي و أدلته، صفحة 4218-4222. بتصرّف.
  9. مجموعة من المؤلفين، فقه المعاملات، صفحة 726-727. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 178-179. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 23-24. بتصرّف.
3320 مشاهدة
للأعلى للسفل
×