تعريف الزواج

كتابة:
تعريف الزواج

تعريف الزَّواج

تعريف الزَّواج لغةً

يُعرَّف الزَّواج لُغةً على أنَّه الضَّمُّ، ويدلُّ أيضاً على الوَطء، وعلى العَقد.[١] كما أنَّ لفظ الزَّواج يدلُّ على الجَمع بين الأمرين، وقد يُطلق أيضاً على عقد الزَّواج ذاته، فإذا قيل إنَّ شخصاً نَكح امرأةً؛ فيدلُّ هذا اللَّفظ على أنَّه يريد أن يَتزوَّجها وأن يَعقد عقد القران عليها، وأمَّا إن قِيل إنَّ شخصاً نَكح امرأته فيُراد بهذا اللَّفظ المُجامَعة،[٢] كما ويُعرَّف الزَّواج لُغةً على أنَّه الاقتران والاختلاط؛ فتَزويج الشَّخص لإبله يَعني أنَّه قَرن بعضها ببعض، ومن ذلك قوله -تعالى-: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ)،[٣][٤] ومن تعريفات الزَّواج في اللُّغة أيضاً التَّداخل، فقولنا مثلاً إنَّ الأشجار تَناكحت؛ يُراد به انضمامها إلى بعضها البعض، وقولنا إنَّ المَطر يَنكح الأرض؛ يُراد به أنَّ المطر يَختلط بتراب الأرض.[٥]


تعريف الزَّواج اصطلاحا

يُعرَّف الزَّواج في الاصطلاح بأنَّه عقدٌ من العُقود المَشروعة في الإسلام، والذي يُبنى عليه إباحة الاستمتاع بالمرأة، سواءً كان ذلك الاستمتاع من خلال الجِماع أو المُباشرة أوالتَّقبيل أوالضَّمِّ أوغيرها من طُرق الاستمتاع المَشروعة بين الزَّوجين، ويُشترط لذلك أن تكون المرأة الذي يُريد الرَّجل الزَّواج منها غير مُحرَّمةٍ عليه؛ سواءً كان سبب التَّحريم النَّسب، أو الرِّضاع، أو المُصاهرة. وعقد الزواج تمَّ وضعه من قِبل الشَّرع ليُحقِّق للرَّجل مِلك الاستمتاع بالمرأة، ويحقِّق للمرأة حِلَّ الاستمتاع بالرَّجل؛ أي أنَّ هذا العقد يُرتِّب أثراً مُختلفاً على كلّ من الرَّجل والمرأة؛ بحيث إنَّه يُرتِّب المِلك الخاص بالرَّجل فلا يَحلُّ لأحدٍ غيره، وبذلك لا تستطيع المرأة أن تتزوَّج بأكثر من رَجلٍ في آنٍ واحد، وأمَّا بالنِّسبة للمرأة فالزَّواج يُفيد لها حِلُّ الاستمتاع بالرَّجل ولكنَّه لا يُوجب المِلك الخاص لها، وإنَّما يَجوز تعدُّد الزَّوجات؛ وذلك بأن يتزوَّج الرَّجل من امرأةٍ أخرى وزوجَته الأولى ما تَزال على ذمَّته، فعندها يكون حقُّ الاستمتاع للرَّجل مُشتركاً بينهما.[١]


وقد عرَّف الحنفيَّة الزَّواج على أنَّه عقدٌ يُقصد به تحقِيق المِلك للمُتعة؛ أي أنَّه يُحِلُّ استمتاع كل من الرَّجل والمرأة ببعضهما البعض، بشرط عدم وُجود أيُّ مانعٍ من الموانعِ الشَّرعية والتي تَحول دون زواج الرَّجل بالمرأة، ويتمُّ هذا العَقد بالقَصد المُباشر،[١] كما وعرَّف بعض العُلماء الزَّواج على أنَّه عقدٌ من العُقود الإسلاميَّة والذي لا بدّ وأن يتضمَّن لفظ إنكاح، أو تَزويج، ويكون المَعقود عليه في عقد الزواج مَنفعة استمتاع كلٌّ من الزَّوجين بالآخر.[٢] كما عرَّف العُلماء الزَّواج على أنَّه عقدٌ يُبيح استمتاع الرَّجل بالمرأة، واستمتاع المرأة بالرَّجل، ولكن شريطة أن يكون هذا الاستمتاع بأحد الطُّرق المشروعة.[٤][٥]


وبناءً على هذه التَّعريفات يُستنتج أنَّ عقد الزَّواج يُعدُّ عقداً من عقود التَّمليك في الإسلام، ويتعلَّق مجال المِلك فيه بالمُتعة؛ من خلال تمتُّع كلٍّ من الرَّجل والمرأة ببعضهما البعض، ويُعدُّ الزَّواج من عقود التَّمليك والتي يترتَّب أثرها على الفور لا على التَّراخي، كما أنَّ عقد الزواج غير محدودٍ بزمنٍ مُعيَّن، فلا يَجوز تحديد مُدَّة الزَّواج بزمنٍ معين ينتهي بعد انقضائها الزَّواج.[٦]


حكمة مشروعية الزواج

شَرَعَ الله -سبحانه وتعالى- الزَّواج لحِكمٍ متعدِّدة وفوائد عظيمة، تعود بالنَّفع على المسلم في دِينه ودُنياه، كما أنَّها تَعود بالنَّفع أيضاً على المُجتمع كاملاً، ونورد هذه المَنافع والحِكم فيما يأتي:[٧][٨]

  • يُساعد الزَّواج على عفَّة النَّفس؛ فيحافظ المَرء نفسه وزوجه عن الوقوع في الحَرام مثل الزنا.
  • تحقيق الإمتاع النَّفسيِّ والجسديِّ لِكلا الزَّوجين، وتحقيق السكن والرّاحة النفسية والجسدية ضمن حدود الشرع، حيث يقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).[٩]
  • تحقيق كافِّة مُتطلبات الرجل والمرأة النَّفسية والجَّسدية، ومن خلال الطَّريق المَشروع والنَّظيف، ممَّا يُحقِّق السَّكينة والاطمئنان لدى الزَّوجين.
  • حفظ النَّوع الإنساني من الزَّوال والانقراض، حيث يُعدُّ الزَّواج الوسيلة الوحيدة المَشروعة للإنجاب والتَّوالد.
  • حفظ الأنساب وتَكريمها، وحِمايتها من الاختلاط فيما بينها، وذلك من خلال مَجيئها عن طريق النِّكاح لا طريق السِّفاح.
  • إقامة الأسرة والتي تُعدُّ نُواة المجتمع الأولى والأهم.
  • تحقيق التَّعاون والتَّكافل بين أفراد الأُسرة الواحدة، وإعانتهم لبعضهم البعض على تَحمُّل مَشاق وأعباء الحياة.
  • إشباع الغريزة الجنسيَّة بالطُّرق السَّليمة والتي تقي من الأمراض الجنسيَّة المُنتشرة، والتي تَنتج عن الممارسات الغير شرعية بين الرَّجل والمرأة.[٢]
  • إشباع لغريزتيِّ الأمومة والأبوَّة، والتي تتحقّق من خلال الإنجاب.[٢]


حكم الزواج

الأصل في الزَّواج أنَّه مَندوب، وهذا يكون عند تحقُّق الاستطاعة الجنسيَّة والماليَّة، لقول الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أغَضُّ لِلْبَصَرِ، وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ)،[١٠][١١] ولكنَّ حُكم الزَّواج لا يبقى ثابتاً؛ بل يتعدَّد باختلاف أحوال الشَّخص، وتوضيح ذلك فيما يأتي: [١٢][١٣]

  • الوجوب: وذلك عندما يكون الشَّخص مُتمكِّناً من أداء المَهر، والنَّفقة، وسائر الواجبات الزَّوجيَّة، مع تيقُّنه أنَّ عدم زواجه سُيوقعه في الزِّنا، فعندها يجب عليه الزَّواج.
  • الاستحباب: ويكون ذلك عند قدرة الشَّخص على الزَّواج وامتلاكه مؤنته ونفقته، وتتوُّق نفسه إلى الزَّواج، ولكنَّه لا يخشى على نفسه الوقوع في الزِّنا إن لم يتزوَّج.
  • فعله خلاف الأولى: وذلك عند احتياج الشَّخص للزَّواج، ع عدم قدرته على نَفقاته وتكاليفه، لقوله -تعالى-: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ).[١٤]
  • مَكروه: إذا كان الشَّخص غير محتاجٍ للزَّواج؛ إمَّا فطرةً، أو لمرضٍ ما، ولا يَجد أُهبة له؛ وذلك لأنَّ النِّكاح يُرتِّب التزامات عديدة على الشَّخص، فإن لم يكن راغباً به لن يُؤديها على وجهها الصَّحيح.
  • الأفضل تركه: إذا كان الشَّخص يقدر على تكاليف ونفقات الزَّواج ولكنَّه غير مُحتاج إلى النِّكاح، ولا تَتوق نفسه إليه، وكان مُنشغلاً عن الزَّواج في العبادة أو طلب العلم أو غير ذلك؛ فعندها قد يَنشغل بهذه الأمور عن الزواج؛ لأنَّه لا يَحتاجه، فيُفضَّل عندها ترك الزَّواج.
  • الأفضل فعله: إذا لم يكن مُنشغلاً عن الزَّواج ويجد الأُهبة له، لكنَّه غير مُحتاج إليه، فالزَّواج هنا أفضل من عدمه؛ لأنَّ فراغ الشخض وعدم انشغاله بشيءٍ نافع قد يُفضي به إلى الفواحش.
  • الحُرمة: وهذا يكون عند التَّيقن من أنَّه لو تزوَّج سيظلم زوجته، وقد يُكره الزَّواج عندها كراهةً تحريميَّة عند خوفه من ظلم زوجته.
  • الإباحة: ويكون هذا في حال من لا يَجد رغبة في الزَّواج، ولكنَّه لا يجد أيضاً مانعاً منه.[١١]


المراجع

  1. ^ أ ب ت وهبة الزحيلي، الفقه الاسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا: دار الفكر، صفحة 6513، جزء 9. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث صالح السدلان (1425)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الاولى)، السعودية: وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد، صفحة 121. بتصرّف.
  3. سورة الصافات، آية: 22.
  4. ^ أ ب مصطفى الخن، مصطفى البغا، علي الشربجي (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة)، سوريا: دار القلم، صفحة 90، جزء 4. بتصرّف.
  5. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين (1424)، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، السعودية: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 291. بتصرّف.
  6. عبدالوهاب خلاف (1938)، أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الاسلامية (الطبعة الثانية)، مصر: دار الكتب المصرية، صفحة 13. بتصرّف.
  7. وهبة الزحيلي، الفقه الاسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا: دار الفكر، صفحة 6515، جزء 9. بتصرّف.
  8. عبدالرحمن عبدالخالق (1988)، الزواج في ظل الاسلام (الطبعة الثالثة)، الكويت: دار السلفية، صفحة 29-21. بتصرّف.
  9. سورة الروم، آية: 21.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1905، صحيح.
  11. ^ أ ب محمد الجوابي (2000)، المجتمع والاسرة في الاسلام (الطبعة الثالثة)، السعودية: دار عالم الكتب، صفحة 95. بتصرّف.
  12. مصطفى الخن، مصطفى البغا، علي الشربجي (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة)، سوريا: دار القلم، صفحة 19-17، جزء 4. بتصرّف.
  13. عبدالوهاب خلاف (1938)، أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الاسلامية (الطبعة الثانية)، مصر: دار الكتب المصرية، صفحة 38. بتصرّف.
  14. سورة النور، آية: 33.
4982 مشاهدة
للأعلى للسفل
×