تعريف السرد لغة واصطلاحًا

كتابة:
تعريف السرد لغة واصطلاحًا

تعريف السرد لغة

ما معنى كلمة السرد في اللغة العربية؟

كلمة السرد من المصطلحات التي يكثر استخدامها عند الحديث عن النصوص الأدبية، لا سيما في القصة والسيرة الذاتية والرواية، إذ يُشكّل السرد عنصرًا أساسيًا في بناء النص، وللسرد في اللغة تعريف يُوضّح معناه، وهو أن السرد يعني التتابع والتسلسل في الحديث، ويُقال سرد الحديث يسرده سردًا إذا تابعه، فكلمة السرد تدلّ على تتالي الأحداث، وهذا يتناسب مع النصوص القصصية والروائية.[١]


ممّا ورد في معجم المعاني أنّه يُقال: سرد الحديث أي: رواه وعرضه وقص دقائقه وحقاقه، وسرد الكتاب قرأه بسرعة، وسرد الشيء تابعه ووالاه، وممّا يجدر ذكره أن كلمة سرد في اللغة لها معانٍ أخرى غير التتابع والتتالي في الكلام مثل: سرد الجلد إذا ثقبه بالمخرز ثقوبًا متتابعة، وسرد الدرع أي: نسجها وسمّر طرفي حلقتيها، والمشترك في كل هذه المعاني هو التتابع والتتالي، وكما أنّ لكلمة سرد في اللغة مرادفات مثل: أعلم وأخبر وروى وقصّ ونبأ، فإنّ لها أضدادًا مثل: أخفى وكتم وسكت وصمت وستر ووجم.[٢]


تعريف السرد اصطلاحًا

كيف عرّفت كتب الأدب مصطلح السرد؟

إنّ التعريف الاصطلاحي للسرد لا يبتعد ابتعادًا كبيرًا عن تعريفه اللغوي، بل على العكس يثبت التعريف الللغوي ويُوضّح معناه أكثر، فالسرد اصطلاحًا هو: نقل الأحداث أو الأخبار، سواء كانت من صميم الواقع أم من نسج الخيال أم متنوعة بين الاثنين معًا، وذلك ضمن إطار زماني ومكاني، ووفق حبكة فنية متقنة ومحكمة تجذب المتلقي للاستمرار بمتابعة الأحداث المسرودة.[٣]


ممّا ينبغي ذكره عن السرد أنه يُعدّ من تقنيات التعبير الكتابي المهمة، لأنّ الكثير من النصوص تعتمد عليه، حتى أنّه يعد نمطًا من أنماط النصوص الأدبية، ويُسمى بالنمط السردي، ويُقصد به أنّه أسلوب لسرد الأقاصيص والحكايات ونقل أحداثها بصورة منتظمة متسلسلة، وضمن سرد منتظم واضح المعالم، ويُبنى على العقدة والحل، وأنّ السرد يعتمد اعتمادًا كبيرًا على الأفعال الماضية وضمائر الغائب.[٣]


من أبرز مميزات السرد في النصوص الأدبية أنّه يساعد في إبراز الشخصيات المؤثرة في القصة أو الرواية، إضافة إلى كثرة الأفعال الدالة على التتابع وسير الأحداث، مع استخدام حروف العطف لا سيما الواو عندما يكون السرد متواصلًا في وصف الأحداث وحركة الشخصيات، وممّا يشترك مع السرد في الأعمال الأدبية ويُعد مكملًا له هو الحوار، فيُعد الحوار عنصرًا مهمًا من عناصر السرد القصصي.[٤]


أما أهمية هذا السرد ودوره في النصوص الأدبية فإنه يُعد عنصرًا رئيسًا يُساعد في حركة النص القصصي أو الروائي، ويُبيّن للقارئ أو المتلقي أهمية التواصل مع الأحداث ومتابعتها حتى يتعلم كيف يُمكنه إيجاد الحلول لمشاكله بناء على موضوع السرد والغاية منه، إضافة إلى تنمية ملكة الخيال والتصور عند المتلقي، والارتقاء بالذوق الفني والجمالي في كتابة القصة ونقدها أيضًا.[٤]

الرؤية السردية

بعد ما وردَ تعريف السرد في اللغة العربية، لا بدّ من المرور بالرؤية السردية مرورًا تفصيليًّا؛ لأنها مرتبطة بالسرد ارتباطًا وثيقًا، حيث إنّ الرؤية السردية هي مفهوم نقدي يتناول الخطاب السردي أو يتناول الطريقة التي اتبعها الكاتب في سرد أحداث قصتِهِ أو روايتِهِ، فالرؤية السردية تُعنى بالمكونات الخاصّة بالنص المسرود من حيث الشخصيات والأحداث والحبكة الأساسية في النَّصّ وما شابه ذلك، وينقسم مفهوم الرؤية السردية النقدي إلى ثلاثة أقسام، وهي:

  • الرؤية من الخلف: ويمكن تعريف هذا القسم من الرؤية السردية على أنّه قدرة الكاتب أو السارد على معرفة مشاعر وأحاسيس شخصياتِهِ التي ابتكرها في نصّه، فهو العارف الوحيد بكلِّ خفاياهم وهو الكاشف الوحيد لما يدور في خلجات نفوسهم.
  • الرؤية المصاحبة أو الملازمة: يحضر في هذه الرؤية التساوي بين مقدار معرفة الكاتب للأحداث في النص ومقدار معرفة شخصياتِهِ التي ابتكرها للأحداث في النصِّ، فهو وشخصياتُه في المستوى نفسه من حيث معرفة أحداث القصة أو الرواية.
  • الرؤية من الخارج: أمّا في هذه الرؤيا فتكون معرفة الكاتب قليلة أمام معرفة شخصياتِهِ لأحداث النص، فبالرغم أنّه الكاتب إلّا أنّه أقل علمًا بالأحداث من الشخصيات التي ابتكرها. [٥].

مكونات الخطاب السردي

بعد تعريف السرد وتعريف الرؤية السرديّة، لا بدّ من المرور على مكونات الخطاب السردي، ويتألّف الخطاب السردي أو النصّ السردي بشكلٍ عامّ من عدة مكونات ضرورية لكمال النص، وهذه المكونات هي:

  • السرد: وهو -كما وردَ سابقًا- الكيفية التي تُروى بها القصة أو هو الطريقة التي يُحكى بها النصّ السردي، وهي مختلفة بين كاتب وآخر وفقًا لعوامل عدّة، من بينها:
    • زاوية رؤية الكاتب.
    • حضور الكاتب في النص من خلال معجمه اللغوي الخاص، فتعدد الكتّاب في نصّ واحد سيحدث تعددًا في طريقة السرد في النص.
  • الشخصية الحكائية: وهي مكوّن رئيس من مكونات الخطاب السردي، فلا يمكن كتابة رواية دون شخصيات، فالشخصية هي محور كلّ عمل سردي، فالصلّة وثيقة جدًّا بين شخصيات النص السردي والحدث المقصود في النص السردي.
  • الفضاء الحكائي: وهو المكانُ الذي يختارُه السارد أو الكاتب لإجراء أحداث روايتِهِ أو قصّته فيه، وهو عنصر مهم جدًّا من عناصر الخطاب السردي، فتحديد المكان الذي قامت به أحداث النص السردي يجعل احتمال حدوث النصّ في الحقيقة كبيرًا جدًّا، فالمكان يُخرج النص من الحروف إلى الصورة العينيّة في ذهن القارئ عندما يفتح خياله لتصوّر أحداث النص في الفضاء الحكائي المحدد.
  • الزمن الحكائي: وهو الزمن الذي يختارُهُ الكاتب لتدور به أحداث قصتهِ وهو ضروري أيضًا لإتمام صورة الحدث في ذهن القارئ، فلا يمكن أن تدور أحداث قصة أو رواية دون ذكر زمن هذه الأحداث، ويجب أن يكون التسلسل الزمني بين الأحداث في النص منطقيًّا ومعقولًا.
  • الوصف في الحكي: وهذا يعتمد على خيال الكاتب، فالتجميل في الوصف والتشويق في وصف أدق تفاصيل الحدث يجذب القارئ وهذه وظيفة الوصف الجمالية، أما وظيفتُهُ التفسيرية فتكمن في تفسير كثير من الأشياء التي تحتاج أن يتم تناول أدق تفاصيلها لتكون واضحة تمام الوضوح[٦].
  • أشكال السرد

    إنَّ تعريف السرد -كما مرَّ- الطريقة التي يسرد بها الكاتب قصّتَه أو روايته، وقد تمّ المرور على كلّ مكوّنات الخطاب السردي، ولا بدّ بعد ما سبق من المرور بأشكال السرد لضرورة التعرّف عليها، وأشكال السرد تتميز عن بعضها بعنصر الزمن، فالزمن هو الشيء الوحيد الذي يفرّق بين أشكال السرد والتي هي:

    • السرد المتسلسل: السرد المتسلسل هو السرد القائم على تخطيط مسبق في تصوّر زمن النصّ، والمقصود بالسرد المتسلسل هو قيام الكاتب بسرد الأحداث وفقًا لتسلسلها الزمني بشكل دقيق، وهذا السرد ينطبق تمامًا على النصوص المتعلّقة بالتاريخ، أو النصوص التي تختص في أجزائها بكتابة أحداث متسلسلة بشكل يومي، ويكون هذا التسلسل منطقيًّا، ومرنًا حيث ينتقل الكاتب من المقدمة إلى الحدث فالحبكة فالحل فالخاتمة بشكل منطقي.
    • السرد المتقطع: امّا تعريف السرد المتقطع: فهو عكس السرد المتسلسل؛ فهو قائم على عدم الدقة في تسلسل الأحداث المنطقيّ، فلا يكون هناك بداية وحبكة ونهاية واضحة في النص، فقد يقوم الكاتب بذكر الحبكة في آخر حدث من أحداث النص، وهذا ما يُسمّى سردًا متقطعًا.
    • السرد التناوبي: السرد التناوبي هو السرد قائم على تناوب الأحداث، فقد يكونُ الكاتب في قصة ثم ينتقل إلى أخرى ثمّ يعود إلى القصة الأولى، وهذا كثير في طريقة سرد أحداث القصص التي تتحوّل إلى أعمال تلفزيونية مصوّرة. [٥].

    نظريات السرد الحديثة

    إنّ موضوع نظريات السرد موضوع حديث العهد، فلم يكن في العصور السابقة أيّ اهتمام بهذا المجال النقدي، فقد ظهر في القرن الماضي، حينما منح بعض الكتّاب المهتمّين هذا المجال قليلًا من اهتمامهم، فتمَّ نشرُ عدد من المقالات التي تختصّ بهذا المجال، فقد أصبحت نظرية السرد محطَّ اهتمامٍ عالميٍّ للدراسة والتحليل، وكانت هذه المقالات تعالج كلَّ اتجاهات نظرية السرد، ومن أوائل من اهتم بنقد السرد وحاول إنشاء نظرية للسرد هما: فراي وبوث، حيث حاولا إيجاد موجز لنقد السرد وتقديمه ليقلل من اهتمام النقاد والأدباء آنذاك بالنظريات القديمة، والتي وُصفتْ بالتعقيد، على حدّ تعبير "والاس مارتن" في كتابهِ نظريات السرد الحديثة.

    وبعد أنْ أصبحت نظرية السرد محطَّ اهتمامِ النقاد، وأصبحتْ قطبًا يتوجّه إليه الباحثون، كثرتْ النظريات والفرضيات التي تُعنى بدراسة السرد القديم والحديث في تلك الفترة، وقامت على هذه الفرضيات كتبُ نقد السرد في كلِّ مجالات الكتابة، وكان هذا التقدم في دراسة السرد نابعًا من اعتبار النقاد البنيويين دراسةَ الأدب قسمًا من أقسام علوم الإنسان.

    ويجب القول إنّ نظريات السرد الحديثة لم تقمْ على دراسة القصص والروايات الواقعية التي انتشرت في تلك الفترة فقط، بل قامت أيضًا على تحليل ودراسة الحكايات الشعبية وقصص الموروث المتداولة بين الناس، فقد بنى بعض النقّاد نظرياتِهم في تلك الفترة على تقاليد قديمة، فلم يلتفتوا للأعمال الأدبية الحديثة آنذاك، وممن اهتم بالأعمال القديمة الناقدان الفرنسيان: كلود بريموند، وجريماس.

    وقام الروسي فيكتور شكلوفسكي بجعلِ نظرية السرد جسرًا يربط بين مكرورية الأدب القديم الكلاسيكيّة وبين طرق السرد الحديثة والمختلفة عما سبق، فدرس البنية الأدبية والفكرية للنصوص القديمة والحديثة، وقارن بينها ووضع القواسم المشتركة بين السرد القديم والحديث، واهتم بالتفصيل في كلِّ أنواع السرد، وكانَ ملمًّا بكلِّ مظاهر السرد الحديثة والقديمة؛ فلم يخلُ بحث من بحوث السرد من اسمه.

    وكانَت كلّ هذه النظريات تزيد من الأسئلة أكثر مما كانت تجيب عن الأسئلة، ولكنَّ النقاد برهنوا على قيمة وأهمية نقدهم في تقويم نتاج الأدباء وفي الكشف عن أسئلة جديدة يتناولها النقاد في السنوات القادمة. [٧].


    لقراءة المزيد حول الموضوع: أنواع السرد في الأدب.

    المراجع

    1. إحسان عطايا وعبد السلام عبدالله (2007)، مباحث في تقنيات التعبير الكتابي (الطبعة 4)، بيروت:مركز دار الكتاب، صفحة 64. بتصرّف.
    2. "تعريف و معنى سرد في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 9/3/2021. بتصرّف.
    3. ^ أ ب إحسان عطايا وعبد السلام عبدالله (2008)، زاد الطالب في اللغة العربية (الطبعة 2)، بيروت:مكتبة الآداب، صفحة 17. بتصرّف.
    4. ^ أ ب جرجس جرجس وجوزف شهدا (2009)، القواعد الوظيفية والأنماط الكتابية (الطبعة 2)، بيروت:دار الناشر اللبناني، صفحة 30. بتصرّف.
    5. ^ أ ب النص السردي, ، "www.alukah.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 07-10-2018م، بتصرّف
    6. مكونات الخطاب السردي, ، "www.shamela.ws"، اطُّلِع عليه بتاريخ 07-10-2018م، بتصرّف
    7. نظريات السرد الحديثة, ، "www.arablib.com"، الفصل الأول، رقم الصفحة: 24، اطُّلِع عليه بتاريخ 07-10-2018م، بتصرّف
    10302 مشاهدة
    للأعلى للسفل
    ×