محتويات
الصحابة رضي الله عنهم
إنّ لأصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- مكانةً عظيمةً في قلوب المسلمين، فهم أفضل البشر بعد الأنبياء والمرسلين، حيث إنّ حبّ الصحابة -رضي الله عنهم- من حبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولذلك فإنّ حبّهم جزءٌ لا يتجزأ من عقيدة أهل السنة والجماعة، وقد أخبر الرسول الصادق -عليه الصلاة والسلام- بأنّهم خير القرون، حيث قال: (إن خيرَكم قرني، ثم الذين يلونَهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)،[١] بالإضافة إلى نقلهم الشريعة من رسول الله إلى الأمة من بعده، فكانوا أعلام الهدى، ومنارات العلم، ونشروا الفضيلة، والأخلاق، والأدب، والصدق، وقد أثنى الله -تعالى- عليهم في العديد من الآيات، ومنها قوله: (وَالسّابِقونَ الأَوَّلونَ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ وَالَّذينَ اتَّبَعوهُم بِإِحسانٍ رَضِيَ اللَّـهُ عَنهُم وَرَضوا عَنهُ وَأَعَدَّ لَهُم جَنّاتٍ تَجري تَحتَهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا ذلِكَ الفَوزُ العَظيمُ)،[٢] وقوله أيضاً: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا).[٣][٤]
تعريف الصحابة
معنى الصحابي لغةً
الصحابة اسمٌ مشتقٌ من كلمة صحب، التي تُعرّف لغةً بمقارنة الشيء ومقاربته، ومنها الصاحب، وجمعها الصحب، واستصحبه بمعنى لازمه، ويُقال: صاحبه أي عاشره، والصاحب هو المعاشر، والجمع أصحاب، والصحابة هم الأصحاب، ومن الجدير بالذكر أنّ أهل اللغة أجمعوا على أنّ كلمة صحابي مشتقةٌ من الصحبة، ولا تدلّ كلمة صحابي على قدرٍ مخصوصٍ من الصُحبة، وإنّما تُستخدم لمن صحب غيره قليلاً أو كثيراً، فيُمكن القول: صحبت فلاناً دهراً، أو شهراً، أو سنةً، أو يوماً، أو ساعةً، فيقع اسم الصحبة بقليل ما يقع منها كثيره، فالواجب لغةً إجراء هذا الاسم على من صحب رسول الله-صلّى الله عليه وسلّم- ولو لساعةٍ واحدةٍ، ولا يُشترط لغةً لإطلاق الصحبة أن تكون الملازمة بين الشيئين طويلةً، بل تطلق على من صحب غيره بغض النظر عن مقدار الصحبة، لذلك قال السخاوي: (الصحابي لغةً يقع على من صحب أقل ما يطلق عليه اسم صحبةً، فضلاً عمّن طالت صحبته، وكثرت مجالسته).
تعريف الصحابي اصطلاحاً
بيّن ابن حجر أنّ أصحّ تعريفٍ للصحابي: أنّه من لقي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، مؤمناً به، ومات على الإسلام، وبناءً على ذلك يدخل كلّ من لقي النبي عليه الصلاة والسلام، سواءً طالت مجالسته، أو قصرت، وسواءً شاهده، أم لم يشاهده، بسبب عجزٍ ما، كالعمى مثلاً، وسواءً غزا معه، أو لم يغزو، أو روى عنه الأحاديث، أو لم يروِ، ويدخل بقول: مؤمناً به، كلّ من آمن به من الإنس أو الجن، وقد أشار ابن حزم في كتاب الأقضية من كتابه المحلى إلى صحبة من لقي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وآمن به من الجنّ، حيث قال: (من ادعى الإجماع فقد كذب على الأمة؛ فإنّ الله تعالى قد أعلمنا أن نفراً من الجن آمنوا وسمعوا القرآن من النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ فهم صحابة فضلاء؛ فمن أين للمدعي إجماع أولئك)، ويخرج من لقيه كافراً، حتى وإن أسلم فيما بعد، طالما لم يجتمع به مرةً أخرى وهو مسلم، ويخرج أيضاً من لقيه مؤمناً بغيره، كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب، قبل أن يُبعث، وأمّا من لقيه منهم، وهو مؤمنٌ أنه سيُبعث، كبحيرة الراهب وغيره، فأولئك محلّ خلافٍ، ويخرج بقول: ومات على الإسلام، أنّ من لقيه مؤمناً، ثمّ ارتد عن الإسلام، ومات على ردته، ومنهم الذي كان زوجاً لأم حبيبة رضي الله عنها، وهاجر معها إلى الحبشة، ثمّ تنصّر هناك، ومات نصرانياً، وهو عبيد الله بن جحش، ومنهم عبد الله بن خطل، الذي ارتدّ فقُتل، وهو مُتعلّقٌ بأستار الكعبة، ومنهم ربيعة بن أمية بن خلف، ويدخل فيه من ارتدّ ثمّ عاد إلى الإسلام قبل وفاته، واجتمع بالنبي -عليه الصلاة والسلام- مرةً أخرى، أم لم يجتمع، وأمّا من ارتدّ وعاد إلى الإسلام بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، فقد أبدى به بعض العلماء احتمالاً، ولكنّه مردودٌ، إذ إنّ أهل الحديث عدّوا الأشعث بن قيس من الصحابة رضي الله عنهم، وأخرجوا أحاديثه في الصحاح والمسانيد على الرغم من أنّه ارتدّ، وعاد إلى الإسلام بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، وكان ذلك في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وتجدر الإشارة إلى أنّه ثمة أقوالاً شاذةً في تعريف الصحابي، ومنها عدم الاعتداد بالصحابي، إلّا من اتصف بأحد الأوصاف الأربعة، وهي: من حفظت روايته عن النبي عليه الصلاة والسلام، أو طالت مجالسته له، أوغزا معه، أو استشهد بين يديه.
تفاوت الصحابة في الفضل
من المعلوم عند العلماء وأهل الإيمان أنّ الصحابة -رضي الله عنه- متفاوتون في الفضل، وذلك بحسب سبقهم للإسلام، والهجرة، والإيواء، والنصرة، والجهاد في سبيل الله، حيث إنّ أفضلهم السابقون الأولون من الأنصار والمهاجرين، الذين قاتلوا وأنفقوا في سبيل الله قبل صلح الحديبية، الذي سماه الله -تعالى- فتحاً، حيث قال: (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَـئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّـهُ الْحُسْنَى وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)،[٥] ومن الجدير بالذكر أنّ الله اختصّ أهل بدر من المهاجرين والأنصار، مصداقاً لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لعلَّ اللَّه اطَّلع على من شهد بدراً فقال: اعملوا ما شِئتُم فقد غفرتُ لكم)،[٦] وعددهم ثلاثمئةٍ وبضعة عشر رجلاً.[٧]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم: 2535 ، صحيح.
- ↑ سورة التوبة، آية: 100.
- ↑ سورة الفتح، آية: 29.
- ↑ "فضل الصحابة"،www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الحديد، آية: 10.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 4274، صحيح.
- ↑ "تفاوت الصحابة رضوان الله عليهم في الفضل ومراتبهم فيه "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-10-2018. بتصرّف.