تعريف الفلسفة الوجودية

كتابة:
تعريف الفلسفة الوجودية

ما هي الفلسفة الوجودية؟

ما هو التعريف الأكثر شمولًا للفلسفة الوجودية؟

الفلسفة الوجودية -أو ما يُعرف بمسمى فلسفة الوجود- هي تيّار لاعقلانيّ في الفلسفة الحديثة، حاول أن يخلق نظرة جديدة للعالم، طبقًا للإطار العقلي لدى بعض شرائح المفكرين، وقام الفيلسوف الكانطي الجديد ف. هاينمان بصياغة مصطلح الفلسفة الوجودية بشكله النهائي، وأضِيفَ بعد ذلك إلى الموسوعات والمعاجم الفلسفيّة.[١]


تنقسم الفلسفة الوجودية إلى قسمين في تاريخ الفلسفة الكلاسيكيّ، هما: الفلسفة الوجودية المؤمنة، والفلسفة الوجودية الملحدة، وغالبًا ما يشار إلى الفلسفة الوجودية كردّ فعل على الأزمة التي كانت تعانيها الليبرالية؛ ويعود السبب في ذلك إلى عدم قدرة الليبرالية بالردّ على التساؤلات التي تفرضها الممارسات الاجتماعية والاقتصادية، كما أنها فقدت القدرة على تفسير عمليات الصعود والهبوط في المجتمعات الرأسمالية، فقامت الوجودية بمحاولة لتقديم تفسيرات لكلّ الأزمات التي تمر فيها المجتمعات، والتي أرهقت الإنسان في مختلف العصور، ومعنى الفلسفة الوجودية يتضمّن نظرة جديدة للإنسان والعالم، تُعلي من قيمة الإنسان في الوجود، وتحاول تفسير العالم المحيط به، وتقديم حلول للأزمات التي يمرّ بها.[١]  

تاريخ ظهور الفلسفة الوجودية

ما هي مراحل تطور الفلسفة الوجودية؟

إن مفهوم الوجود مِن أهم المفاهيم الفلسفية؛ فالمباحث الفلسفيّة تُقسم إلى ثلاثة أقسام، وهي: مبحث الأنطولوجيا: وهو مبحث الوجود، ومبحث الأبيستيمولوجيا: والمقصود به المعرفة، أو السعي نحو صياغة نظرية في المعرفة واكتشاف حدود للمعرفة البشرية وطرق تحصيلها، أما المبحث الثالث فهو مبحث الأكسيولوجيا: ويُعنَى هذا المبحث بدراسة القيم المعيارية والأخلاق، وبذلك نستنتج أنّ مبحث الوجود هو أبرز المباحث الفلسفية، وأول ما اهتم الفلاسفة به هو صياغة نظرية في الوجود البشري، ووَضْع معنى للفلسفة الوجودية، سواء كانوا يقصدون الوجود الماديّ -أيْ الفيزيقيّ- أم الوجود المثالي -أيْ الميتافيزيقي-، ويعد تعريف أرسطو للفلسفة الأولى هو أول التعريفات التي أكدت على ربط فعل التفلسف بالوجود، وهو أولى مراحل صياغة مصطلح الوجود.[٢]


فالفلسفة الأولى عند أرسطو هي علم الوجود أو الوجود المجرّد، أو الوجود بما هو موجود "الميتافيزيقا"، وكل هذه التعريفات التي تُنسب إلى أرسطو يُقصد بها دراسة للوجود الخالص والمفروض منطقيًا، فمن المستحيل أن يقوم أيّ إنسان بالبحث عن أي شيء مهما كان، إلّا إذا كانت له صفة الوجود أولًا، فهذه الصفة سابقة منطقيًا على أيّة صفة أُخرى.[٢]


وتعدّ الفلسفة الحديثة المرحلة الثانية التي حاول فيها الفلاسفة وَضْع مفهوم آخر للوجود ارتبطَ إلى حدٍّ كبير بالدين، فقد ظهر التيّار الوجوديّ المؤمن على يد الفيلسوف الدنماركي كيركجارد، الذي كان يعتق بأن الوجود الإيماني المستمدّ من الدين هو أعلى نظريّات الوجود، فانتشر في العصور الحديثة ثلاثة أنواع للوجود وهي: الوجود الأخلاقي، الوجود الجمالي، والوجود الإيماني الديني، وهو الأهمّ.[٣]


والمرحلة الأخيرة لمفهوم الوجود تمّ صياغتها في القرن التاسع عشر والقرن العشرين على أيدي فلاسفة معاصرين، وكان له رواج كبير في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ألمانيا وفرنسا بعدالحرب العالمية الثانية، فارتبط مفهوم الوجود بالتعبير عن حالة اليأس والخوف وفقدان الأمل التي عاشها الفرد بعد الحروب التي ألحقت الهلاك بالفرد، كما أنّها كانت ردّ فعل على فلسفة الأنوار والفلسفات الكلاسيكيّة الألمانيّة، فيصنفها بعض المفكرين على أنّها رد فعل لاعقلانيّ على فلسفات كانت تعظم من العقل البشريّ، وقدرته على التحسين من واقع الفرد.[١]

مبادئ الفلسفة الوجودية

لماذا تعد الفلسفة الوجودية من أكثر الفلسفات انتشارًا في أوروبا؟ 

قامت الفلسفة الوجودية على مجموعةٍ من الأسس والمبادئ التي جعلتها ذات سيط واسع الانتشار في أوروبا، وكذلك في بعض الدول العربية، ومن أهمّ هذه المبادئ:[٤]

مركزية الفرد في الخطاب الوجودي

تُسمّى الفلسفة الوجودية أحيانًا بفلسفة الفرد، فالفرد وكلّ ما يعنيه هو جُلّ اهتمام الفلسفات الوجودية على الرّغم من بعض الفروقات بين التيّارات الوجودية، وكان للنّزعة الفرديّة التي أرستها الفلسفة الوجودية أثر كبير على الأدب والفنّ الحديث والمعاصر.[٤]

أسبقية الوجود على الماهية

يعدّ مبدأ أسبقية الوجود على الماهية المبدأ الأساس في الفلسفة الوجودية، خاصّة في لدى الفلاسفة المعاصرين وأهمّهم جان بول سارتر، والمقصود بهذا المبدأ أن الإنسان يوجد أولًا ثم يعترف إلى نفسه بوجوده، ومن ثمة يحتكّ بالعالم الخارجي، فتكون له صفاته، ويشرع في الاختيار التي تحدّد صفاته، كما يؤكد سارتر أنّ الإنسان لا يكون إلّا ما يختار لنفسِه، فالإنسان يوجد ثمّ يريد ما يكون، ولا يحق لأي إنسان آخر أن يختار عنه، كما لا يجوز لأيّ تيار أو توجّه أو حتى أيديولوجيا معينة أن تستلبَ حقّه في حريّته في الاختيار.[٥]

الذاتية

يؤكّد الفلاسفة الوجوديّون على ربط مفهوم الذاتية بمفهوم آخر وهو الحريّة، وبسبب ذلك يقول سارتر: إنّ الذاتية تعني الحرية، فالذات تتشكل عندما يقوم الفرد بممارسة عملية الاختيار لنفسه، مما ينتج عن ذلك استحالة تجاوز الإنسان لذاتيته من جهة، ومن جهة أخرى فإنّه يخلق نفسَه وذاته ويشكّلها في ممارسة الاختيار.[٦]

تجاوز النظريات اللاهوتية

لقد تجاوزت الفلسفة الوجودية النظريات الدينية واللاهوتية التي تقوم بشكل رئيس على وصايا المسيح؛ وذلك لأنها تفترض أن الوجود الإنساني يتحقّق في اختيارات الفرد التي لا يجب لأيّ توجه أن يتدخل فيها سواء كان الدين أم غيره، والدين وضَعَ أسسًا سابقة على الوجود، وهذا ترفضه الوجودية؛ كونه يعيق اختياراتِ الفرد.[٧]

الحرية

يعدّ مفهوم الحرية في الفلسفة الوجودية من أهمّ المفاهيم التي حاول الفلاسفة صياغة نظرية جديدة له، تتناسب مع الوقائع التي شهدها العالم من حروب وانتهاكات في القرن العشرين، ومن أهمّ ما قام الفلاسفة الوجوديّون، هو تحويل مشكلة الحرية إلى قضية أخلاقية بالدرجة الأولى؛ وذلك لأنّه من المفروض أخلاقيّ أن يكون الفرد حرًّا، والحرية عند الوجوديّين كانت ذات بُعد فرديّ واجتماعيّ؛ فالفرد والمجتمع ينبغي أن يكونا على القدر نفسه من الحرية، ويكمُن مصدر النزعة الإراديّة في الفلسفة الوجودية في أنّه مِن حقّ كل إنسان أن يختار، حتى أنه من حقه ألّا يختار، فعزوف الفرد عن الاختيار هو اختيار في حدّ ذاته.[٤]

المسؤولية

إنّ المسؤوليّة هي المرحلة التالية للحريّة تحديدًا في فلسفة سارتر، فحسب وجهة نظره، عندما يختار الإنسان لنفسه يجب عليه أن يأخذ باعتبار كلّ ما يترتّب عليه من مسؤوليات سواء على الصعيد الشخصي أم المجتمعي، وبهذا يظهر البُعد الاجتماعيّ للفلسفة الوجودية؛ فهي ليست فلسفة فردية بحت، إنما قصد سارتر بالاختيار أن يختار لنفسه ويختار للناس جميعًا، بمعنى أن يتصوّر الفرد أفعاله من وجهة نظر إنسانية، فيقول سارتر القاعدة الأخلاقيّة: اختاروا كما مثلما اخترنا، فلا يمكن أن نختار الشرّ لأنفسنا، وما نختاره بشكلٍ دائمٍ هو خير لكل الناس.[٨]

اتجاهات الفلسفة الوجودية

لماذا انقسمت الفلسفية الوجودية إلى اتجاهات مختلفة؟

انقسم الفلاسفة الوجوديّون في تاريخ الفلسفة إلى اتجاهَيْن رئيسَيْن؛ ويعود السبب في هذا الانقسام إلى وجود اختلافات أيديولوجية والفلسفية في توجّهات روّادها، وهذان الاتجاهان هما:

الفلسفة الوجودية المؤمنة

انتشرت الفلسفة الوجودية المؤمنة كردّ فعل على الفلسفة المثالية الألمانية، والمقصود بالفلسفة المثالية؛ هي الفلسفة التي تعتقد بأسبقية الفكر أو الوعي على المادة، أيْ أنّ هناك أفكارًا تؤسّس للواقع والعالم "الفيزيقي" أيْ العالم الماديّ، كانت الفلسفة المثالية ذائعة الصّيت في القرن التاسع عشر في أوروبّا، فهيغل كان بمثابة الأب الروحي للفلاسفة المثاليين، وأوّل من أسس لهذا التيار الفلسفي هو الفيلسوف كيركجارد، فلسفة كيركجارد الوجودية المؤمنة، فلسفة هيغل من وجهة نظر ذاتية بحتة، فالحقيقة على الدوام ذاتية.[٩]

الفلسفة الوجودية الملحدة

ظهرت الفلسفة الوجودية الملحدة كرد فعل على الفلسفات الحديثة، ويعد سارتر أحد أبرز الفلاسفة الوجوديين الملحدين، ومؤسس لهذا التيار الفلسفي، ولم تكن النزعة الإلحادية نتيجة حجج عقلية قدّمها سارتر لرفض الدين، إنما كانت نتيجة لمشروع فلسفي ضخم في الفلسفة الوجودية الملحدة يقوم على أساس الحريّة الإنسانية، وجاء نقده للأديان بسبب إعاقتها للحرية البشرية، فالفلسفة الوجودية السارترية الملحدة تؤكد أنّ الإنسان هو الذي يحدّد مصيره وماهيّته، ولا يوجد شيء آخر يقوم بالاختيار نيابةً عنه.[١٠]


رواد الفلسفة الوجودية 

لماذا تعد الفلسفة الوجودية أكثر الفلسفات شهرةً؟

تعدّ الفلسفة الوجودية أكثرَ الفلسفات شهرة؛ وذلك لتعدد روادها وانتشارهم في عدة بلدان أوروبية مثل: ألمانيا، فرنسا، والدنمارك، وهناك العديد من الفلاسفة الوجوديين الذين انتشرت فلسفاتهم في العصور الحديثة، أبرزهم ما يأتي.

كيركجارد

سورين كيركجارد (1813م -1855م)، مفكّر وفيلسوف دنماركي، ويعدّ من أهم فلاسفة الفلسفة الحديثة،[١١] يُصنف على أنه من الفلاسفة الوجوديين المتصوفين، كتَبَ العديد من الكتب الفلسفية، أهمّها كتاب "إمّا أو" ويحتل هذا الكتاب مكانة كبيرة؛ لأنه ناقش موضوع المشكلات الشبقيّة الموسيقية، وكتاب "مفهوم الخوف" وكتاب "المرض حتى الموت" ناقش كيركجارد فيهما مفهوم الخطيئة الأولى، فقد وجه كيركجارد فيهما نقدًا كبيرًا للفلسفة الهيغيلية، أمّا فلسفة كيركجارد الوجودية فهي مركّب من فلسفة المتناهي وفلسفة اللامتناهي، ويقصد بهما المؤقّت والأبديّ، وجه كيركجارد في السنوات الأخيرة من حياته نقدًا كبيرًا للكنيسة الرسمية؛ وذلك لنقص التقوى لديها من وجهة نظره.[١٢]

هايدغر

مارتن هايدغر (1889م -1976م)، فيلسوف ومفكر ألماني، يؤكد هايدغر على أن السؤال عن مفهوم الوجود هو الذي حرك فكره وحدد نقطة انطلاقه، كما أنه وجّهَ نقدًا كبيرًا للفلسفات الوجوديّة السابقة التي اهتمّت بالبحث بالوجود الخاصّ، واقتصرت على جزئيّة محدّدة من الوجود، فقد صرّح أنه إذا كانت هذه هي الفلسفة الوجودية فهو ليس فيلسوفًا وجوديًّا، كما أن هايدغر عمل على إعادة صياغة مفهوم الموت في الفلسفة الوجودية، الذي يعدّ من أكثر المفاهيم تعقيدًا في تاريخ الفلسفة، عمل الفيلسوف المصري عبد الرحمن بدوي الكثير من الدّراسات حوله.[١٣]

وجاء طرح هايدغر لمفهوم الوجود على أساس جديد وبأسلوبٍ مغاير؛ والسبب في ذلك هو نقدُه لمسار الميتافيزيقا التقليديّ في الفكر الغربيّ، ويعتق هايدغر أنّ الميتافيزيقا التقليدية كانت بحثًا في الموجود، وليست بحثًا في الوجود.[١٤]


كما أنّ لهايدغر تعريفًا خاصًّا للميتافيزيقا فهي ترتبط بالكينونة أو الوجود، فالميتافيزيقا: هي فكر الكينونة الشّبيهة أو هي الفكر الشبيهي بالكينونة، وإنّه فكر زيغٍ وضلال من وجهة نظر هايدغر؛ وذلك لأنه لم يهتم بفعل الانبثاق إلى الوجود أو فعل البدو، وهو ما يُطلق عليه الشأن غير المفكّر فيه.[١٥]

سارتر

جان بول سارتر (1905م -1980م)، فيلسوف فرنسيّ، يعد من أبرز الفلاسفة المعاصرين، ومن أهمّ كتبه كتاب الوجود والعدم، وهو عنوان أطروحته لنيل درجة الدكتوراه وكتاب الوجودية مذهب إنساني، تأثر سارتر بمنهجية سيغموند فرويد في التحليل النفسي، وتصور سارتر الإنسان على أنه كائن لذاته،[١٦] كان لفلسفته تأثير كبير على الأدباء، وأبرزَ فلسفته من خلال أعمال أدبية روائية ومسرحية، فقد نال شهرة واسعة على الصعيدَيْن الأدبي والفني، وبعض مسرحياته تم تمثيلها في الكثير من المسارح الأوروبية، أهم هذه المسرحيات هي مسرحية الذباب، التي تعبّر عن حالة البؤس التي عاشتها الإنسانية بعد الحرب العالمية الثانية، وأكد فيها قيمًا إنسانية عُليا، مثل: الحرية والمسؤوليّة الأخلاقية.[١٧]


لقراءة المزيد عن فلسفة سارتر، إليك هذا المقال: الفلسفة الوجودية عند سارتر.


كامو

ألبير كامو (1913م -1960م)، فيلسوف وكاتب فرنسي يعدّ من أبرز ممثلي الفلسفة الوجودية المُلحِدة نال جائزة نوبل عام 1975م، أهم أعماله: كتاب أسطورة سيزيف ورواية الطاعون وكتاب الإنسان المتمرد، تشكلت معظم آراء كامو بتأثير كبير من فلسفة شوبنهاور، نيتشه، والفلاسفة الوجوديين الألمان، يرى كامو أن العالم الخارجي ما هو إلا حالة من حالات الذات، وتعد قضية الانتحار القضية المركزية في كتابات كامو، والإنسان في نظره كائن يعيش في عبثية، ويواجه مواقف عبثية طيلة وجوده، وتتجلى النزعة الفردية واللاعقلانية في أعمال كامو إلى حدٍّ متطرّف.[١٨]



لقراءة المزيد عن عبثيّة كامو، إليك هذا المقال: العبثية في أدب ألبير كامو.


علاقة الوجودية بالفلسفات الأخرى

ما هي الفلسفات ذات الصلة بالفلسفة الوجودية؟

تعدّ الفلسفة الماركسية أكثرَ الفلسفات الحديثة والمعاصرة ذات الصلة بالفلسفة الوجودية، فالماديّة الجدلية هي الفلسفة التي وضعها كلٌّ من ماركس وأنجلز؛ من أجل تغيير العالم ومصير الإنسان فيه، وتتجسد في قسمين هما: المادية والجدل، والمقصود بالمادية من وجهة نظر أنجلز: الفلسفة التي تتخلى عن كل المثاليات التي لا تنسجم مع الواقع، وهي الفلسفة التي تنظر إلى الطبيعة على أنّها الأسبق على الوعي أو الروح.[١٩]


أمّا النظرة التطوريّة الجدلية للكون، فكانت تقوم على أساس أن كل شيء في الكون يتغيّر، وليس هناك شيء ثابت، وهي لا تنظر إلى التطوّر كعمليّة هادئة، مستمرّة، ولا تنقطع، إنّما كعملية تعترض فيها مراحل التطور التدريجي انقطاعات، تكون شبيهة بالوثبات الفجائية من حالة إلى أخرى.[٢٠]


حاولَ الفلاسفة الوجوديّون التوفيق بين الطرح الماركسي والفلسفة الوجودية، ويظهر هذا في فلسفة سارتر، فقد استعان سارتر في أواخر حياته بأطروحات ماركس وأنجلز لإثبات صحة أنّ الإنسان هو ما يصنع نفسه، والعمل على تحسين الواقع البشري الذي عانت منه الشعوب إبّان فترة الحرب العالمية الثانية.[١٠]


لقراءة المزيد عن الماركسية، إليك هذا المقال: معلومات عن الفكر الماركسي.


الفلسفة الوجودية والدين

لماذا يعد أول تيار وجودي في الفلسفة تيارًا مؤمنًا؟

للفلسفة الوجودية علاقة كبيرة مع الدين، فإن أول فلسفة وجودية كانت مؤمنة؛ وذلك لأنها أكدت على أن الوجود الديني هو أعلى وأكمل أنواع الوجود، ومن أبرز الفلاسفة الذين تبنوا هذا الطرح هو كيركجارد، فقد صاغ كيركجارد فلسفة وجودية تصوّفية إلى حد كبير، مما جعل بعض الفلاسفة يرون أنها فلسفة متطرفة، ومن جهة أخرى لقد رفضت الفلسفات الوجودية الملحدة وممثلها سارتر، الذي كان كل تركيزه منصبًّا على حرية الإنسان، ورفض كل ما من شأنه أن يعيقها ويحدد ماهيته، والدين يحدد ماهية الإنسان قبل وجوده؛ لذلك لم تؤمن الفلسفة الوجودية الملحدة بالأديان.[١٢]

الفلسفة الوجودية وتطبيقاتها التربوية 

هل يمكن الاستعانة بالفلسفة الوجودية في العلوم الأخرى؟

يمكن الاستعانة بالفلسفة الوجودية في العلوم أخرى مثل علم النفس، الذي استطاع أن يوظف الفلسفة الوجودية ضمن أحد فروعه الذي يطلق عليه علم النفس الوجودي، كما يمكن الاستعانة بها في العلوم التربوية، وهناك العديد من الدراسات التي أثبتت أن هناك تطبيقات عديدة للفلسفة الوجودية في مجال التربية، ومن أبرز التطبيقات التربوية للفلسفة الوجودية: مهنة التعليم، فوظيفة المعلم والذي يُعد ذا رسالة تربوية حسب وجهة نظر الفلاسفة الوجوديين، تكمن في تقديم المساعدة للتلميذ من أجل أن يحقق ذاته بشكل حر، وأن يحث المعلم تلاميذه على إثباته ذواتهم، كتجسيد لمفهوم الحرية، وفي الوقت نفسه تحمل مسؤولية قراراتهم التي يتخذونها.[٢١]


وكل ما ينطبق على مهنة التعليم ينطبق أيضًا على دور الآباء في تربية أبنائهم؛ فيتوجّب على الوالدين أن يتركوا مساحة حرية لأبنائهم كي يثبتوا ذواتهم، كما قدمت الفلسفة الوجودية طريقة مختلفة للتدريس بعيدًا عن عملية التلقين، فلقد رأى غابريل مارسيل -وهو فيلسوف وجوديّ- أن أهم مكان في المدرسة أو الجامعة هو المكتبة، وباقي المنشآت غير ضرورية ويمكن الاستغناء عنها.[٢١]

نقد الفلسفة الوجودية 

ما هي أهم الانتقادات التي تم توجيهها إلى الفلسفة الوجودية؟

  • النقد الماركسي: رغم محاولات سارتر في التوفيق بين الماركسية والوجودية إلا أن الماركسية لا تعتقد بصحة كل الفلسفات التأملية البعيدة عن الواقع البشري ومعاناة الإنسان، ومن ضمنها الفلسفة الوجودية.[٢٢]
  • النقد اللاهوتي: رفضت الفلسفة الوجودية تدخل الأديان في حياة الإنسان كي لا تقف عائقًا أمام حريته، لكن الدين يعد أساسًا من أسس تشكل الحضارات، وبغض النظر عن الدين السائد في أي دولة كانت، لا بد من وجود معتقد، وقد وجهت الديانة المسيحية المتمثلة في الكنيسة الكاثوليكية نقدًا كبيرًا لفلسفة سارتر بوجه خاص؛ وذلك لإنكاره وصايا المسيح.[٢٢]


كتب عن الفلسفة الوجودية

ما هي أهم المراجع لدراسة الفلسفة الوجودية؟

  • الوجودية: مقدمة قصيرة جدًا، وهذا الكتاب من تأليف توماس أرفين: ترجمته إلى العربيّة مروة عبد السلام، صدر عن مؤسسة هنداوي للنشر عام 2014م، يعرض الكتاب الفلسفة الوجودية في القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين بطريقة بسيطة.[٢٣]


  • الوجودية مذهب إنساني، تأليف الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر: ترجمَه عن الفرنسيّة عبد المنعم الحنفي صدر عن مطبعة الدار المصرية عام 1964م، يعدّ من أبسط الكتب التي تقدم الفلسفة الوجودية كمذهب للحرية والمسؤولية الأخلاقية.[٢٢]
  • دراسات في الفلسفة الوجودية، تأليف الفيلسوف المصري الوجودي عبد الرحمن بدوي: صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ويعد من أفضل المراجع لدراسة الفلسفة الوجودية بمختلف تياراتها، ويوضّح في نهاية الكتاب خلاصة مذهبه الزمان الوجودي، وهو عنوان أطروحته لنيل درجة الدكتوراه في جامعة السوربون في باريس.[٢٤]

المراجع

  1. ^ أ ب ت مجموعة أكاديميين سوفياتيين، الموسوعة الفلسفية، موسكو:دار التقدم، صفحة 579. بتصرّف.
  2. ^ أ ب غادة إمام وبدرالدين مصطفى، الميتافيزيقا، صفحة 67-68. بتصرّف.
  3. مجموعة أكاديميين سوفياتيين، الموسوعة الفلسفية، موسكو:التقدم، صفحة 400. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت مجموعة أكاديميين سوفياتيين، الموسوعة الفلسفية، موسكو:التقدم، صفحة 579. بتصرّف.
  5. جان بول سارتر، الوجودية مذهب إنساني، صفحة 14. بتصرّف.
  6. جان بول سارتر، الوجودية مذهب إنساني، صفحة 16. بتصرّف.
  7. جان بول سارتر، الوحودية مذهب إنساني، صفحة 12-13. بتصرّف.
  8. جان بول سارتر، الوحودية مذهب إنساني، صفحة 17. بتصرّف.
  9. مجموعة أكاديميين سوفياتيين، الموسوعة الفلسفية، موسكو:التقدم، صفحة 399-400. بتصرّف.
  10. ^ أ ب مجموعة أكاديميين سوفياتيين، الموسوعة الفلسفية، موسكو:التقدم، صفحة 238. بتصرّف.
  11. عبد الرحمن بدوي، دراسات في الفلسفة الوجودية، صفحة 27. بتصرّف.
  12. ^ أ ب مجموعة أكاديميين سوفياتيين، الموسوعة الفلسفية، موسكو:التقدم، صفحة 399-400. بتصرّف.
  13. يحيى هويدي، دراسات في الفلسفة الحديثة والمعاصرة، القاهرة مصر:دار الثقافة، صفحة 329-380. بتصرّف.
  14. غادة إمام وبدرالدين مصطفى، الميتافيزيقا، عمان الأردن:المسيرة، صفحة 168. بتصرّف.
  15. د.محمد الشيخ، نقد الحداثة في فكر هايدغر، بيروت لبنان:الشبكة العربية للأبحاث والنشر، صفحة 310. بتصرّف.
  16. مجموعة أكاديميين سوفياتيين، الموسوعة الفلسفية، موسكو:التقدم، صفحة 238. بتصرّف.
  17. جان بول سارتر، الذباب، صفحة 16-19. بتصرّف.
  18. مجموعة أكاديميين سوفياتيين، الموسوعة الفلسفية، موسكو:التقدم ، صفحة 386. بتصرّف.
  19. موريس كورنفورث، مدخل إلى المادية الجدلية، صفحة 27-28-33-34. بتصرّف.
  20. موريس كورنفورث، مدخل إلى المادية الجدلية، صفحة 85. بتصرّف.
  21. ^ أ ب الدكتور مصطفاوي الحسين، التيارات التربوية الحديثة، صفحة 1-2. بتصرّف.
  22. ^ أ ب ت جان بول سارتر، الوجودية مذهب إنساني، صفحة 6-7. بتصرّف.
  23. توماس آرفين، الوجودية مقدمة قصيرة جدًا، صفحة 105. بتصرّف.
  24. عبد الرحمن بدوي، دراسات في الفلسفة الوجودية، صفحة 285. بتصرّف.
7380 مشاهدة
للأعلى للسفل
×