تعريف الفنون الأدبية

كتابة:
تعريف الفنون الأدبية

مفهوم الفنون الأدبية

ما المقصود بالعمل الأدبي وما هي وظفيته؟

يعرف الأدب بأنه ما ينتج من الأعمال المكتوبة، أو التي تأخذ شكلًا من أشكال النصوص النثرية أو الشعرية، ويمتاز الأدب باتصاله مع مبدع العمل الأدبي من خلال أفكاره ومشاعره اتصالًا وثيقًا، وهناك الكثير من الأعمال الأدبية التي خلّدت كاتبيها على مر العصور: مسرحيات شكسبير مثلًا وملحمة الإلياذة لهوميروس وأبيات المتنبي الشعرية، وتكمن وظيفة الأدب في نقل ما لدى الكاتب من أفكار ومشاعر وصور التي حصلها من شتى الوسائل والسبل وبث هذه كلها في العمل الأدبي، أي أنّ ما يكمن في العمل الأدبي هو حياة أخرى كاملة، وكما قال العقاد: "أنا اقرأ لأنَّ حياة واحدة لا تكفيني".[١]


أمّا فنون الكتابة الأدبية فتقسم من حيث طيبعة النص إلى قسمين أوّلهما: الشعري وفيه أنواع وأشكال كثيرة كالموشحات والمربعات والمزدوجات وغيرها، وثانيهما: هو الشكل النثري وأشكاله هي: القصة والرواية والمسرحية والمقامة والخطبة والوصية والمقالة والخاطرة، ولكل فن من هذه الفنون الأدبية خصائص وسمات تقود مشاعر القارئ في الاتجاه الذي أراده الكاتب من خلال النص الأدبي.[١]

الفنون الأدبية الشعرية

ما هي أبرز أنواع الفنون الشعرية؟

تقسم هذه الفنون إلى أقسام من حيث الموضوع واللغة والشكل، تفصليها كما يأتي:


أنواع الشعر من حيث الموضوع

أنواع الشعر من حيث الموضوع هي الأغراض التي تخرج إليها هذه الأشعار والمرامي التي كتب لأجلها الشاعر فمنها: الوجدانية، والقصصية، والتمثيلية، والتعليمية وغيرها.

  • الشعر الوجداني: وهو الشعر الذي يُعبّر فيه الشاعر عن انفعالاته وعواطفه الذاتية، وما يخالج نفسه من مشاعر وأحاسيس، وقد يعرض الأحداث والأمور كما يراها هو ووفق انفعالاته، وهو شعر ذاتي بامتياز، وقد عرفه العرب منذ القدم في أغراض متنوعة هي : الفخر والرثاء والغزل والمديح.[٢]
  •  الشعر القصصي: هو الشعر الذي يذكر أحداثًا تاريخية أو اجتماعية ذات هدف، وتظهر فيه قدرة الشاعر على تصوير الأحداث والوقائع فتغدو قصيدته أشبه بالملحمة.[٣]


  • الشعر التمثيلي: وهو شعر حديثٌ نسبيًا ارتبطت نشأته بنشأة المسرح، إذ نشأ لدى الحضارات القديمة وبالذات الإغريق، ودعمت أركانه فيما بعد في فرنسا ولندن، ووصل إلى العرب في العصر الحديث وكان رائده أمير الشعراء أحمد شوقي، وكتب عددًا من المسرحيات الشعرية ثم تبعه عدد من الشعراء منهم حسن القرشي.[٤]


  •  الشعر التعليمي: وهو مجموعة من الحقائق العلمية الموضوعية ينظمها الشاعر ليسهل على طلاب العلم حفظها وهو يخلو من معظم الخصائص الفنية للشعر فليس فيه مثلاً عاطفة أو خيال.[٥]


أنواع الشعر من حيث الشكل

قديمه وهو ما كتب وفق بحور وأوزان، ومنه أيضًا ما خالف قواعد الشعر في قوافيه وطريقة نظمه، أمّا حديثه فقد شهد ثورة على تقاليد القصيدة القديمة من حيث القافية ودخول الألفاظ العامية.


الشعر وفق عمود الشعر العربي

يعرّف على أنه كلامٌ موزونٌ مقفّى، دالّ على المعنى، ويكون غالبًا في أكثر من عشرة أسطر حتى يسمّى قصيدة، أمّا ما أقلّ عن ذلك فهي مقطوعات، وينظم وفقًا للبحور العروضية التي اكتشفها الخليل بن أحمد وهي ستة عشر بحرًا، ويلزم الشاعر بها بقافة واحدة ورويٍ واحد، والبحرهو: نظام إيقاعي لعدد من التفعيلات المكررة بصورة شعرية، أما القافية فهي: المقطع المتكرر في آخر كل بيت من أبيات القصيدة الواحدة، والروي: الحرف الذي يتكرر في كل بيت من أبيات القصيدة وتسمى القصيدة به، فنقول مثلًا: لامية الشنفرى، ميمية الفرزدق، وهكذا.[٦]


الشعر المزدوج

وهو ألّا تتكرر القافية في الأبيات فتختلف من بيت إلى بيت، بينما تتكرر في الشطرين المتقابلين، وعادة ما تنظم المزدوجات على بحر الرجز، وكانت المزدوجات وسيلة من الوسائل التعليمية، كالمزدوجات التي نظمها عبد الحميد اللاحقي، فقد نظم في الفرائض والأحكام، كما نظم كتاب كليلة ودمنة، ومزدوجات أخرى في التاريخ الفارسي[٧]، منها يقول أبو العتاهية:[٨]

هَمُّ القاضي بَيتٌ يُطرِب

قالَ القاضي لَمّا عوتِب

ما في الدُنيا إِلّا مُذنِب

هَذا عُذرُ القاضي وَاِقلِب


الرباعيات

وهي تتألف من أربعة أشطر، يتفق أولها وثانيها ورابعها في قافية واحدة، أما الشطر الثالث فقافيته حرة، قد يلتزم الشاعر القاقية نفسها وقد لا يلتزم، وقد كثر قولها لأغراض المدح والهجاء والأغراض التعليمية، وقد ظهرت الرباعيات في شعر أبي نواس وأبي العتاهية وبشار بن برد، وقد ذاعت الرباعيات وانتشرت في العصر العباسي[٩]، يقول أبو العتاهية:[١٠]

المَوتُ بَينَ الخَلقِ مُشتَرَكُ

لا سوقَةٌ يَبقى وَلا مَلِكُ

ما ضَرَّ أَصحابَ القَليلِ وَما

أَغنى عَنِ الأَملاكِ ما مَلَكوا


الموشحات

شعر مستحْدَث، يختلف عن ضروب الشعر الغِنائي العربي في أمور عدَّة، وذلك بالتِزامه بقواعد معيَّنة في التقفية، وبخروجه غالبًا على الأعاريض الخليليَّة، وباستعماله اللُّغة الدارجة أو العجميَّة في خرجته، ثمَّ باتِّصاله القوي بالغناء، وقد يعتمد الموشَّح أحيانًا على بعض الأوْزان الشِّعْريَّة القديمة، فلا بُدَّ له إذًا من أن يبدل فيها وينوِّع في تفاعيلها[١١]،ومن أشهر الموشحات موشح لسان الدين الخطيب:[١٢]

جادَكَ الغيْثُ إذا الغيْثُ هَمى

يا زَمانَ الوصْلِ بالأندَلُسِ

لمْ يكُنْ وصْلُكَ إلاّ حُلُما

في الكَرَى أو خِلسَةَ المُخْتَلِسِ

إذْ يقودُ الدّهْرُ أشْتاتَ المُنَى

تنْقُلُ الخَطْوَ علَى ما يُرْسَمُ


الشعر الحر

في العصر الحديث نظم الشعراء القصائد على بحور الشعر العربي لكن دون الالتزام بالقافية والروي، ولكن اكتفوا بالتفعيلة دون أن يقيدوا عددها في السطر الشعر الواحد، ويمكن أن نعرفه بأنه: الانتقال من البحر العروضي ذي القالب الوزني الصارم القائم على عدد من التفعيلات حدّده العرف الشعري مسبقًا إلى البيت غير المغلق، الذي يستطيع الشاعر فيه أن يكرر عددًا غير محدود من التفعيلة أدناه مرة واحدة وأقصاه غير معروف، وإنما يتوقف على طبيعة الجملة الشعرية وطولها، ومقدار ما فيها من الشعور والوجدان بين الإطالة والقصر، فالوزن في القصيدة القديمة يتكرر تكرارًا عددي متماثل من التفعيلات، تكرارًا يحتمل التنوع[١٣]، قالت نازك الملائكة:[١٤]

سَكَن الليلُ
أصغِ إلى وقع صدى الأنَّات
في عمق الظلمة تحت الصمت على الأموات
صرخاتٌ تعلو، تضطرب
حزنٌ يتدفَّق يلتهب


أنواع الشعر من حيث اللغة

ما سبق من أنواع الشعر كلّه يُكتب بلغة عربية فصيحة تتراوح بين السهولة والصعوبة، لكن ظهرت أنواع من الشعر كُتبت بلغة عامية شعبية، ومنها:

الزجل

هو الموشَّح المنظوم باللغة العاميَّة، فكما انتشرت الموشَّحات عند الطبقة العليا في المجتمع الأندلسي انتشرت في الطبقة العاميَّة الأزْجال، التي كانت تؤدَّى مصحوبة بالموسيقى، ونظمت دون التِزام بقافية أو وزن، والشَّائع في هذا الفن أن تأتي الأزْجال بأربعة مصاريع، يلتزم الرَّابع منها رويًّا واحدًا في القصيدة، وأمَّا الثَّلاثة فتكون على قافية واحدة، وتسمَّى بـ: "القراديات"، ومن الأزجال:[١٥]

لانسِت إذا زارني حِبّي

وانجلى همّي وزال كربي

قلت له وقتًا أخذ قلبي

قل متى تجين: قال غدًا

وغدًا للناظرين قريب


الشعر النبطي

هو لهجة موحدّه بين كلّ الأقطار، وتعتبر لهجة أهل نجد الأصليّة هي التي ينبع منها الشعر النبطي وأجزاؤه هي: القفل، المشد، الطرق، الطاروق، القارعة، القاف، وتجدر الإشارة إلى أنَّ معظم النقاد لم يعترفوا بهذا الشعر، وقد عدوه ضربًا من الأقوال الشعبيّة، يقول البدوي:[١٦]

تقول فتاةُ الحيِّ سعدى وهاضها

لها في ظعون الباكرين عويل

أيا سائلي عن قبر الزَّناتي خليفة

خذِ النَّعتَ منِّي لا تكون هبيل


الفنون الأدبية النثرية

هل أبدع العرب في النثر إبداعهم في النثر؟

تعدّدت الفنوان الأدبيّة النثريّة، وتفصليها كما يأتي:

الخطابة

وهي من فنون النثر الشفاهي التي عرفها العرب منذ أقدم العصور، كانوا يقولونها لعرض قضاياهم ولاستمالة الناس وكسب تأييدهم فيها، ويقوم هذا الفن على الاتصال بين الخطيب والمستمعين مباشرة، مستعملًا اللغة لنقل حديثه، وجسده للأداء والهيئة، وبعد انتشار الإسلام غدت الخطابة من أهم شعائر الإسلام وخصّصت لها مناسبات هي خطب الجمعة والعيدين، يوعظ فيها المسلمون بما يهمهم في أمور دينهم ودنياهم، ثم أصبحت أداة يُستعان بها في بيان حق أحد العائلات في الحكم وكسب التأييد السياسي ووسيلة لهجو الفرق المعادية وبيان ضلالهم، كما حصل بين العباسيين والأمويين والطالبيين والزبييرين في القرون الهجرية الأولى.[١٧]


أمّا موضوعاتها فتنوّعت بين الدينية والسياسية والاحتفالية، وأما أشهر الخطباء فهم: قِس بن ساعدة في العصر الجاهلي، وثابت بن قيس في صدر الإسلام، زياد بن أبيه في العصر الأموي، ابن نباتة في العصر العباسي، إلا أنَّ هذا الفن النثري أخذ بالتراجع شيئًا فشيئًا مع توالي العصور إلا ان اقتصرت على الخطب الدينية في النثر المعاصر،

ومن خصائصها أنّها تبدأ بحمد الله والصلاة على رسول الله، والإطالة والتكرار والإكثار من الشواهد من الآيات القرآنية وأحاديث النبي، واستعملت الفنون البديعية مثل السجع والجناس التي انتشرت بكثرة في العصر العباسي.[١٨]


المقامة

وهي نوع أدبي يُشبه القصة القصيرة، ظهرت على يد بديع الزمان الهمذاني في القرن الرابع الهجري، وتعني في اللغة "المجلس"، أما في الاصطلاح فتعني قصة قصيرة الحجم تُكتب بلغة إيقاعية، وموضوعها يدور حول حدث واحد متخيل وشخصياتها الثانوية محدودة، ويؤدي دور البطل فيها محتال، ويشاركه راوية يتعرف إليه إثر كل مغامرة ويرويها عنه، وتقع أحداثها في حدود مدينة معينة، وزمن لا يتجاوز مقدار يوم وليلة، ولغتها تميل إلى السجع.[١٩]


قد نشأت المقامة بدافعٍ من عاملين: أولهما فنيّ كقصص الوعّاظ وأحاديث الأعراب، وثانيهما اجتماعيّ، فقد انتشرت الكدية "الاحتيال" وعمت البلاد في ذلك الوقت، وأشهر كتاب المقامة: هم بديع الزمان الهمذاني وأشهر مقاماته المقامة البغدادية التي مطلعها: "اشتهيت الأزاد وأنا ببغداد" ومن كتابها أيضًا الحريري والزمخشري والسيوطي، وفي الأدب الحديث كتب ناصيف اليازجي في فن المقامة ما يزيد على ستين مقامة سار فيها على نهج الحريري، إذ عرف كيف يقلده ويضبط نصوصه ضبطًا دقيقًا.[٢٠]


القصة

وهي أهم الأجناس الأدبية النثرية الحديثة، قطعة نثرية بينة الطول، تنحصر أهميتها في حكاية الأحداث وإثارة اهتمام القارئ أو المستمع للكشف عن خبايا النفس وإظهار البراعة في رسم الشخصيات، وهي أنواع منها القصة القصيرة التي تدور أحداثها حول حدث واحد معين، ويجب أن يتصف بناؤها بالتركيز والوحدة، وأن تتجلى هذه الوحدة في اللغة والحوار، بالإضافة إلى القصة وحيدة الحدث وهي أكبر من القصة القصيرة وأقل من الرواية، تدور حول حدث واحد مكتمل متعدد المراحل والشخوص ولا يشترط فيها التركيز، ورواية ليلة عسل لمؤنس الرّزاز تمثل هذا النوع، وهناك أيضًا القصة القصيرة جدًا وتقع في بضعة أسطر فقط مثل قصة الضحكة لنجيب محفوظ.[٢١]


المسرحية

وهي قصة تمثيلية يرافقها عرض مشاهد مصورة من الحياة وملابس وأدوات مسرحية مختلفة، ويُمثّل أدوارها على خشبة المسرح ممثلون يعتمدون في أداء أدوارهم على الحوار والحركة، عارضين الأخلاق والعادات والطبائع والتقاليد من حاضر الحياة أو ماضيها في نطاق مدة محدودة المكان والزمان، وتتميز عن سائر الفنون الأدب الأخرى بأنّها تُكتب لتمثل على المسرح، وهي نوعان التراجيديا: فن جاد يستقي موضوعاته من حياة الأبطال والملوك والأمراء والنبلاء، وتنتهي دائمًا بهزيمة البطل أو سقوطه، وتهدف إلى إثارة عاطفتي الشفقة والخوف، والكوميديا: وهي النوع الثاني للمسرحية، تُثير الضحك بأسلوب أنيق بعيد عن التهريج وتهدف ألى تسلية الجمهور وإمتاعه.[٢٢]


ينقسم بناء المسرحية إلى أجزاء هي: نقطة البداية، وتحتاج إلى مهارة فائقة في إعداد حوار يُنبئ عن طبيعة الموضوع ومكانه وزمانه وملامح الشخصيات، والصراع الذي يأتي من تدرُّج الأحداث والمواقف ويشتد حتى يصل إلى الذروة، ثم نخلص إلى الحل وفيه تنزل الأحداث من الذروة إلى النهاية حيث الحل، أما أركان العمل المسرحي فتتمثل في النص والممثلين والإخراج ومبنى المسرح والديكور، وقد تُقدّم المسرحية في مختلف الأمكنة؛ في الهواء الطلق في ساحة عامة، أو في بناء غير مسقوف، أو في قاعة مقفلة.[٢٣]


الرواية

جنسٌ أدبيّ بنيته شديدة التعقيد، متراكبة التشكيل، تتلاحم فيما بينها وتتضافر لتُشكّل لدى نهاية المطاف شكلًا أدبيًا جميلًا، وهي تقترب من القصة كثيرًا إلا أنّها تختلف معها في طول سردها الزمني وكثرة أحداثها، وسبر أغوار النفس لشخصيات الرواية، وهي تسبغ وجودًا واقعيًا على الأشياء والكائنات التي تصفها، إذًا هي صورة متخيلةٍ من الواقع تصور أحداثًا بشرية، وشخصياتها مستمدة من واقع الحياة الإنسانية، وسردية ذات أسلوب حكائي تجسد رؤية الكاتب وإحساسه بواقعه.[٢٤]


أما عن بنائها الروائي فيقوم على عدة عناصر تتصف بالوحدة والانسجام وتتفاعل فيما بينها لتمكننا من الحكم عليها، فالرواية تبرز من خلال هذا البناء، وهذه العناصر هي: السرد والشخصية، الحبكة، الزمان، والمكان، والحوار، واللغة، الفكرة. [٢٥]


الخاطرة

وهي فن نثري حديث تفرّع عن المقالة، ارتبط نشأتها بالصحافة في مختلف مناحيها الأدبية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وقد أبدع في كتابتها كبار الأدباء العرب كما أبدعوا في كتابة المقال مثل مي زيادة، تختلف الخاطرة عن المقال إذ إنّ الخاطرة الفكرة فيها لا تبدو مكتملة فهي وليدة اللحظة العارضة التي تكتب فيها، لا تعرض فكرتها كل الآراء التي تتعلق بها، كما أنّها لا تعرض في العدد القليل لكلماتها لحجج وأدلة تدعم الرأي وتثبت صدقه، ومن خصائص الخاطرة: أنّها تدور حول فكرة واحدة والقصر والإيجاز، والتركيز في الأسلوب والاقتصاد في التعبير، والبعد عن التحليل العميق، ومن الممكن أن تتّصف بروح الدعابة والسخرية.[٢٦]

الرسائل

الرسالة هي ما يكتبه شخص إلى آخر للحديث عن شأنٍ من شؤون الحياة الخاصة أو العامة، وتُكتب بشيءٍ من البلاغة واستخدام المعاني الدقيقة، ممّا يجعلها من الفنون الأدبية الرفيعة، وللرسائل أصول وقواعد في الأدب العربي القديم تحدّث عنها القلقشندي في كتابه صبح الأعشى، فذكر أنواع الرسائل وبنائها الفني، وللرسائل ثلاثة أنواع في الأدب العربي القديم، أولها الرسائل الديوانية: وهي رسائل رسمية تتناول تصريف أعمال الدولة وما يتصل بها، وكان كتابها يتّصفون باتقان قواعد اللغة، بالإضافة إلى الإلمام بمختلف الثقافات، وتتصف بالقصر والإيجاز، وبعضها بكثرة البديع خاصة السجع والجناس، ومن أشهر كتابها: ابن العميد، يحيى البرمكي، الفضل بن سهل.[٢٧]


أما النوع الثاني فهي الرسائل الإخوانية: وهي تدور حول العلاقات الاجتماعية والمشاعر الخاصة كالعتاب والاعتذار والمديح، وهي كثيرة دارت بين الأدباء والأقارب وأشهر مَن كتب فيها ابن المقفع ويحيى بن زياد، أما أشهر موضوعاتها فهي: التهنئة، التعزية، السؤال عن المريض، العتاب، وأخيرًا الرسائل الأدبية: وهي التي تُكتب من الأدباء خاصة وتكون موضوعاتها أدبية خالصة، وأهم عناصرها الجدل والحوار.[٢٨]


الوصايا

وهي خلاصة التجربة الإنسانية وتهدف إلى غاية نبيلة تقوم على النصح والإرشاد إلى الطريق القويم، والترغيب في التزام الفضائل والتحلي بالأخلاق الكريمة، وتعد توجيهًا تربويًا توجه عند الإحساس بقرب الموت حول نظرتهم إلى الدنيا وأحوالها، ورأيهم في البشر وطباعهم وسلوكهم، وتبرز فيها مشاعر وجدانية صادقة والقيم والصفات التي يعتو بها العرب، وقد تختم بأبيات شعرية توضح المعنى وتؤكده لما يحدثه الشعر من أثر في النفوس، والوصايا كانت كثيرة ومشهورة في العصور الأولى، وندرت في العصور المتأخرة.[٢٩]


المقالة

بحث في سطور أو صفحات معدودة شاعت كتابتها بعد انتشار الجرائد والمجلات، وتتميّز بالتركيز على المعنى بوضوح العرض والانتهاء، إلى محصلات بارزة ترسخ أذهان القراء، وقد تأثر هذا الفن من الكتابة بالأساليب الأجنبية، ومرت المقالة خلال نشأتها بمراحل عدة، بدأت من الصحف الرسمية على يد رفاعة الطهطاوي والشدياق، ثم تخلت من قيود السجع والتكلف على يد أحمد لطف السيد وشكيب أرسلان، لكن أبرزهم كان المازني باتفاق الجميع.[٣٠]


من أبرز كتّاب المقامة: جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وطه حسين والعقاد، اتّسمت المقالة عندهم بالتركيز والدقة العلمية والميل إلى الثقافة العامة، وبناؤها الفني يتشكل من المقدمة وفيها يتخلص المقال وتظهر الفكرة الرئيسية التي بني عليها، ويجب أن تتسم بالحيوية لجذب القارئ، ثم جسم المقال وفيه يتناول الفكرة الرئيسة بالتحليل والتفصيل والاستدلال ويربط بين المواضيع، والخاتمة وهي الفقرة الأخيرة فيها يجمل الكاتب ما عرضه من التجارب والملحوظات والتأملات في عبارة مركزة موجزة واضحة.[٣١]

العناصر الفنية للفنون الأدبية

ما هي المكونات التي تشكل نسيج العمل الأدبي؟

وهي مكونات النص الأدبية الفنية وتشكل مجتمعة ما يمكن أن نسميه السياج الأدبي، وكل مكون من هذه المكونات مرتبط بشكلٍ أو بآخر ببقية المكونات، فتتضح معالم العمل الأدبي وتخرج بأفضل هيئة ممكنة.

العاطفة

وهي من أهم العناصر الفنية للعمل، فالنص الذي يخلو من العاطفة هو النص الذي لا يحرك مشاعر القارئ ولا يترك في نقسه أثرًا، فيمل القارئ بسرعة، ولا يجد في نفسه الشغف لإكمال قراءة النص، إذ إنَّ مخاطبة مشاعر القارئ سواء أكانت مشاعر السعادة والفرح أم الحزن والكآبة والوحدة، ممّا يزيد التقاعل بين العمل الأدبي والقارئ، والعاطفة في الأساس هي عاطفة الكاتب، قد بثها في نصه وأرسلها إلى القارئ، فكلما كان انتقاؤه لألفاظه وأساليبه أفضل كلما وصلت هذه الصورة بصورة أفضل وأدق.[٣٢]


الأفكار

وليس هناك من عمل أدبي إلا ويكتب إلا ليُحقّق مغزى أو فكرة معينة يقوم عليها العمل الأدبي فهو شديد الصلة ببقية عناصر العمل، على أن إبداع الفكرة وقدرتها على التأثير في نفس القارئ تبرز وتظهر حين لا يتعمد الكاتب أن يُبرزها في العمل الأدبي، بل يجب أن يصل إليها القارئ من تلقاء نفسه، باستثناء ما يتصل بالخطب والوصايا.[٣٢]


اللغة

وهي الوسيلة الوحيدة التي يُعبّر فيها الأديب عن نفسه، فكل ما في الفنون الأدبية الشعرية والنثرية إنّما يتم من خلال اللغة، لذلك يعتمد الكاتب على استخدام تقنيات معينة في اللغة، فقد يستخدم الوصف الخارجي للحوار والسرد، وقد يستخدم أسلوب الحوار الداخلي بقصد التحليل أو الاسترجاع أو تيار الوعي.[٣٢]


الأسلوب

يجب أن يتّسم بالوحدة وأن يكون متناسبًا مع فكرة العمل مراعيًا لمادته الأساسية، ويجب أن يكون جامعًا للنص رابطًا بعضه ببعض، فلا تُصاب الأفكار بالتشتت ولا تهمش الصورة فيغدو النص  في ذهن القارئ ضبابيًا عسيرًا على الفهم والتأثير في نفسه.[٣٢]


الخيال

وهو ما يرسمه ذهن القارئ تبعًا لما يقرؤه، إلأ أنّه يرسمه بريشة الكاتب المبدع لهذا العمل، فهو الذي اختارأفكاره وخصّها بصور وتشبيهات ولغة للتعبير عنها، وانتقى من الأساليب ما يقدم بها هذا العمل، إلا أنَّ على الكاتب ألا يوغل في صناعة الخيال وإلا أضحى الخيال وهمًا.[٣٣]


أهمية تنوع الفنون الأدبية

ما الغاية من تعدد الفنون الأدبية وكثرتها؟

فنون الأدب بشعره ونثره كثير متعددة متنوعة، لها أشكال وأصناف وخصائص وسمات، والغاية من ذلك كما يأتي:[٣٤]


  • إظهار مدى قدرة الأدب على خلق وابتكار أنواع جديدة من حين إلى حين ولا يكتفي بنوعين أو ثلاثة.
  • البعد عن الرتابة والملل، فتنوع الفنون الأدبية يعني التجدد والاختلاف، مما يثير الحماسة للقراءة والاطّلاع عليها.


  • ليست كل المواضيع تصلح لأن تُكتب بكل الأشكال الأدبية، فليس كل ما يصلح للشعر مثلًا يصلح في النثر، وما يُمكن عرضه في المسرحية قد لا يُمكن الحديث عنه في القصة.
  • تنوُّع أذواق القرّاء واختلاف مشاربهم، فقد يكون هناك قارئ نهم للروايات، لكنّه لا يقوى على قراءة الشعر والعكس.

المراجع

  1. ^ أ ب حسني محمود ، فنون النثر الحديث، صفحة 5-7. بتصرّف.
  2. شوقي ضيف ، العصر العباسي الأول، صفحة 157. بتصرّف.
  3. جبور عبد المنعم ، المعجم الأدبي، صفحة 264. بتصرّف.
  4. إبراهيم خليل ، مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث، صفحة 65. بتصرّف.
  5. سامي يوسف أبو زيد ، الشعر العباسي، صفحة 52. بتصرّف.
  6. صفاء خلوصي ، فن التقطيع الشعري والقافية، صفحة 26. بتصرّف.
  7. سامي يوسف أبو زيد ، الشعر العباسي، صفحة 53. بتصرّف.
  8. المسعودي، مروج الذهب، صفحة 360، جزء 3. بتصرّف.
  9. سامي يوسف أبو زيد ، الشعر العباسي، صفحة 52. بتصرّف.
  10. أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، صفحة 98، جزء 4. بتصرّف.
  11. مصطفى الشكعة، الأدب الأندلسي موضوعاته وفنونه، صفحة 373. بتصرّف.
  12. "جادك الغيث"، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 16/3/2021. بتصرّف.
  13. إبراهيم خليل ، مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث، صفحة 265-267. بتصرّف.
  14. نازك الملائكة ، أميرة الشعر الحديث، صفحة 98. بتصرّف.
  15. شوقي ضيف، الفن ومذاهبه في الشعر العربي، صفحة 451. بتصرّف.
  16. محمد ثروت أبو الفضل ، دراسة في الشعر النبطي، صفحة 7. بتصرّف.
  17. سامي يوسف أبو زيد ، الشعر الجاهلي، صفحة 311. بتصرّف.
  18. سامي يوسف أبو زيد ، الأدب العباسي( النثر)، صفحة 155-157. بتصرّف.
  19. محمد رجب النجار ، النثر العربي القديم، صفحة 282. بتصرّف.
  20. شوقي ضيف ، المقامة، صفحة 79. بتصرّف.
  21. سامي يوسف أبو زيد ، النثر العربي الحديث، صفحة 158. بتصرّف.
  22. سامي يوسف أبو زيد، النثر العربي الحديث، صفحة 290. بتصرّف.
  23. سامي يوسف أبو زيد ، النثر العربي الحديث، صفحة 285-287. بتصرّف.
  24. جبور عبد النور ، المعجم الأدبي، صفحة 129. بتصرّف.
  25. سامي يوسف أبو زيد ، النثر العربي الحديث، صفحة 209-211. بتصرّف.
  26. عز الدين إسماعيل ، الأدب وفنونه، صفحة 291. بتصرّف.
  27. جبور عبد النور ، المعجم الأدبي، صفحة 122. بتصرّف.
  28. شوي ضيف ، الفن ومذاهبه في النثر العربي، صفحة 177. بتصرّف.
  29. سامي يوسف أبو زيد، الأدب الجاهلي، صفحة 328-330. بتصرّف.
  30. محمد يوسف نجم ، فن المقالة، صفحة 7. بتصرّف.
  31. إبراهيم السعافين، أساليب التعبير الأدبي، صفحة 257. بتصرّف.
  32. ^ أ ب ت ث سامي يوسف أبو زيد ، النثر العربي الحديث، صفحة 159. بتصرّف.
  33. محمود حسني ، فنون النثر الحديث، صفحة 12. بتصرّف.
  34. تشارلتن، فنون الأدب، صفحة 69. بتصرّف.
6782 مشاهدة
للأعلى للسفل
×