محتويات
تعريف اللسانيات عند دوسوسير
يعرّف دي سوسير علم اللسانيات بأنّه دراسة اللغة لذاتها، ومن أجل ذاتها،[١] فاللغة التي يدرسها دي سوسير هي اللغة الإنسانية على وجه العموم، إذ يدرسها كما هي، فليس للباحث فيها أن يُغيِّر من طبيعتها، وبذلك فهو يبحث فيها عن غرض الدراسة نفسها، ويُعنى بدراستها دراسةً موضوعية تستهدف الكشف عن حقيقتها.[٢]
يقول دوسوسير: "اللغة نظام علامات يُعبر عن أفكار. ولذا، يُمكن مقارنتها بالكتابة، بأبجدية الصم - البكم، بأشكال اللياقة، بالإشارات العسكرية، وبالطقوس الرمزية، إلخ... على أنّ اللغة هي أهم هذه الأنظمة على الإطلاق".[٢]
ثنائيات اللسانيات عند دوسوسير
انفرد دوسوسير بأفكارٍ جديدة من خلال محاضراته، ثمثّلت بتفريقه بين المسائل الثنائية المتعارضة، والتي من أهمّها ما يأتي:
ثنائية (لسان، كلام)
فرّق دوسوسير فيها بين ثلاثة مصطلحات، وهي كالآتي:[٣]
هي ملكة إنسانيّة لها أشكال متعددة، تتجلى في القدرات الفطرية التي يملكها الإنسان تسمح له بالإنجاز الفعلي للكلام، كما تُعدّ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﻢّ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻠﻐﺔ، ﺃﻭ ﻫﻲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺗُﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﻓﻜﺮﺓ ما.
- اللسان
هو النظام التواصلي الذي يملكه الفرد المتكلم، ويُعدّ جزءًا متحققًا من اللغة بمعناها الإنسانيّ الواسع، وهو اجتماعيّ مكتسب، كما يُشكل نظامًا اجتماعيًا متعارفًا عليه داخل جماعة إنسانية محددة، مثل: اللسان العربي، الفرنسي.
هو عملٌ فردي ينتمي إلى اللسان، ويشمل ما يعتري أداءَ الفرد للسان من ملامحَ فردية، وﻫﻮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺍﻟﺘﺤﻘﻖ ﺍﻟﻌﻴﻨﻲ، والإنجاز الفعليّ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ اللسانية.
ثنائية (دال، مدلول)
فالدال هو اللفظ أيّ الصورة الصوتية للكلمة، أما المدلول فيُعبر عن المعنى أيّ أنّه الصورة المفهومية، إذ المدلول يُحيل إلى الدال، فالوصول لدلالة المعنى تتم من خلال اقتران الصورتين اللفظية والمفهومية، أيّ الكلمة ومعناها، فهذا الاقتران يُوصلنا لدلالة المعنى.[٣]
ثنائية (تزامن/ تعاقب)
اللسان هو نظام تواصلي يمتلكه كل فرد ينتمي إلى مجتمع له خصوصيات ثقافية وحضارية متجانسة، إذ يرى دوسوسير أنّ الظاهرة اللسانية يتم دراستها بإحدى الطريقتين، وهي كالآتي:[٣]
- الدراسة في زمن محدد (التزامن)
وهي الدراسة في زمن محدد، بحيث تتشابه مع النظام التزامني الوصفي.
- الدراسة عبر مراحل زمنية متتالية (التعاقب)
هي الدراسة التي تكون على مراحل زمنية متتابعة، بحيث تتشابه مع النظام التعاقبي والتاريخي والتطوري.
ثنائية (استبدال، توزيع)
إنّ دوسوسير فرق بين المجموعات اللغوية في الذهن، وهذا يُسمى الاستدل أو المحور الاستبدالي، إلى جانب المجموعات اللغوية الحاضرة في الجملة، وهذا يُسمى التوزيع أو المحور النظمي، كما بيّن دوسوسير أنّه لإدراك أيّ معنى، فيجب النظر إلى المحورين؛ استبدال وتوزيع.[٣]
مثال ذلك: "قولنا: سقطت طائرة مروحية قرب المطار؛ فمعنى (الطائرة المروحية) ضمن نسق الجملة ما يستخلص من المحور النظمي، على حين أن معناها الذي لا يُقدمه نسق الجملة يُستفاد من كلمات أُخرى على المحور الاستبدالي، نحو: طائرة ركاب، طائرة حربية، طائرة شراعية، طائرة نفاثة ونحوها".[٣]