علم الفرائض
يُعرَف علمُ الفرائض بأنّه أحد أنواع العلوم الإسلاميّة المتفرّعة من الفقه الإسلاميّ، ويُصنّف من العلوم الشرعية، ويسمّى أيضا بعلم المواريث الذي يُعنى بتَرِكة الميت وميراثه، وهو أول العلوم التي ترفع من الأرض، وقد تأسس هذا العلم بداية تأسيس المدارس الفقهية، باجتهادات بعض الصحابة. ومن أبرزها اجتهادات زيد بن ثابت، الذي صاغ أصول التوريث. ثم اجتهادات أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعمر بن الخطاب وغيرهم كعلي بن أبي طالب وغيره، لكن اختص من بينهم زيد بن ثابت الذي صاغ أصول التوريث بمنهجة المتخصص، بمعنى آخر: أن اجتهادته تركزت في صميم علم الفرائض ليصبح علما معروفًا بخصوصية موضوع دراسته، ومن خلاله يمكن دراسة تعريف الميراث، وتقسيمه وأسبابه وموانعه.[١]
تعريف الميراث
يمكن تعريف الميراث لغة بأنه البقاء؛ فالإرث بقيّة الشيء، وهو مما تعلق بعلم المواريث، وبقاء شخص بعد موت آخر، بحيث يأخذ الباقي ما يخلفه الميت، أو انتقال مال الميت إلى الحي. أما في الاصطلاح فيتم تعريف الميراث بأنه خلافة المنتمي إلى الميت بنسب إلى سبب في ماله وحقه القابل للخلافة، ويمكن تعريف الميراث بأنه خلافة الحي للميت في ماله بحكم الشريعة الإسلامية، أو نصيب مقدر شرعًا من ميت لوارث، ويؤطّر الإرث في إطاره العلمي ما يسمى: علم المواريث، أو علم الفرائض، وهو: قواعد فقهية وحسابية يعرف بها نصيب كل وارث من التركة.[٢]
أسباب الميراث
يُضاف إلى تعريف الميراث دائمًا، الأسباب التي تدعو إلى الميراث، فمن هم الذين يرثون، وما طبيعة العلاقة بين الميت والحي التي توجب الميراث. هناك ثلاثة أسباب للميراث، وهي: القرابة والنسب: الذي يعني الاتصال بين إنسانين بولادة قريبة أو بعيدة، لقوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}.[٣] وتشمل القرابة والنسب الأصول، لقوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُس}[٤]، ويرث منهم: كل ذكر لم يُدلِ بأنثى: كالأب، وأبيه وإن علوا بمحض الذكور، ولا يرث أبو الأم؛ لأنه أدلى بأنثى. وكل أنثى لم تُدلِ بذكر قبله أنثى: كالأم، وأم الأم، وأم الأب، ولا ترث أم أبي الأم؛ لأنها أدلت بذكر قبله أنثى. كما تشمل القرابة والنسب الفروع، لقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}،[٥] ويرث منهم كل من لم يُدلِ بأنثى، كالابن، وابن الابن، وإن نزلوا بمحض الذكور، والبنت، وبنت الابن، ولا يرث ابن البنت؛ لأنه أدلى بأنثى، وبنت البنت لا ترث؛ لأنها أدلت بأنثى.
والنكاح من أسباب الميراث: ويعني عقد الزوجية الصحيح، فيرث به الزوج من زوجته والزوجة من زوجها بمجرد العقد، وإن لم يحصل دخول ولا خلوة؛ لقوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُم}،[٦] وقوله {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ}.[٧] أما السبب الثالث فهو الولاء: أي عتق الرقبة، فمن أعتق مملوكا فله الحق في أن يرثه في حال إذا لم يكن للمملوك المعتق أحد يرثه.[٨]
أركان الميراث
من خلال تعريف الميراث، يمكن معرفة أركانه، فللميراث أركان ثلاثة، وهي: المورِّث: وهو المتوفى. والوارث: وهو الحي الذي يستحق الإرث. والميراث: وهو مال المتوفى الذي يأخذه الوارث. ويمكن تفسير هذه الأركان بما يزيد عمّا يرد في تعريف الميراث المجمل، من خلال ما يأتي:[٢]
- المورِّث: وهو اسم مشتقّ للدلالة على اسم الفاعل الذي قام بالفعل، وهو الميت الذي ترك مالا أو حقًا حقيقة أو حكمًا أو تقديرًا؛ فالحقيقة تكون بتحقق وقوع الموت بالمورث مشاهدة أو استفاضة أو شهادة عدلين، والحكم يكون بحكم القاضي بموت المورِّث مع احتمال الحياة، كما في حال المفقود، والتقدير فمن افترضت حياته ثم يموت، كالجنين الذي ينفصل ميتًا بجناية على أمه.[٢]
- الوارث: وهو الركن الثاني من أركان الميراث في تعريف الميراث، وهو الشّخص الذي يخلف الميت في أمواله، لسبب من أسباب الميراث، على سبيل الحقيقة أو التقدير؛ أمّا الحقيقة فمقصوده أن يكون الوارث حيًا حياة حقيقية مستقرة حال وفاة المورث، والتقدير فمقصود به الحياة الثابتة تقديرًا للجنين حال موت المورث، فإذا انفصل حيًا واستهلّ صارخًا ولو للحظة ثبت له الحق في الميراث.[٢]
- الموروث: وهو اسم مشتق للدلالة على اسم المفعول، أي من وقع عليه فعل الفاعل، وهي الأموال أو الحقوق التي تنتقل من المورث إلى الوارث بعد التجهيز، وقضاء الديون، وتنفيذ الوصايا.[٢]
أقسام الإرث وموانعه
عند تعريف الميراث، لا بُدّ من التطرق إلى أقسام الإرث، وهو يقسم إلى قسمين: إرث بفرض وإرث بتعصيب؛ أما الإرث بالفرض فيكون للوارث نصيب مقدر كالنصف والربع، والفروض الواردة في كتاب الله ستة فروض هي: النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس؛ أي الربع وضعفه ونصفه، والثلث وضعفه ونصفه، أما ضعف الربع فهو النصف، ونصف الربع هو الثمن، وأما ضعف الثلث فهو الثلثان، ونصف الثلث هو السدس. وأما الإرث بالتعصيب فيكون للوارث نصيب غير مقدر بتقدير محدد وإنما يأخذ الباقي إن كان هناك باق.[٨]
ولا يُغفل عن النظر إلى موانع الإرث بعد تعريف الميراث، وهي ثلاثة: القتل: أي إزهاق الروح مباشرة أو تسببًا بغير حق، بحيث يأثم بتعمده لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يرث القاتل شيئًا"[٩]؛ لأنه قد يقتل مورّثه ليتعجل إرثه منه. أما القتل الذي لو تعمده لم يكن آثمًا كقتل الصائل فلا يمنع الإرث، وكذلك القتل الحاصل بتأديب أو دواء أو نحوه؛ فإنه لا يمنع الإرث إذا كان مأذونًا فيه، ولم يحصل تعدٍّ ولا تفريط.[٨]
أمّا المانع الثاني للميراث فهو اختلاف الدين، فيكون أحدهما على ملة والثاني على ملة أخرى؛ مثل أن يكون أحدهما مسلمًا والآخر كافرًا، أو أحدهما يهوديًا والآخر نصرانيًا أو لا دينَ له؛ فلا توارث بينهما لانقطاع الصلة بينهما شرعًا، ولذلك قال الله لنوح عن ابنه {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}،[١٠] ولحديث أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ".[١١] والمانع الثالث هو الرق والعبودية، ويعني أن الإنسان مملوكًا يباع ويوهب، والرق مانع للإرث؛ لأن الله أضاف الميراث إلى مستحقه باللام الدالة على التمليك، والرقيق ليس له حق في التملك؛ لأنه هو أصلًا ملك لسيده مستعبد له.[٨]
المراجع
- ↑ "الإرث: مفهومه، أركانه، أسبابه، موانعه"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج "الإرث: مفهومه، أركانه، أسبابه، موانعه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 75.
- ↑ سورة النساء، آية: 11.
- ↑ سورة النساء، آية: 11.
- ↑ سورة النساء، آية: 12.
- ↑ سورة النساء، آية: 12.
- ^ أ ب ت ث "علم الفرائض"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الرباعي، في فتح الغفار، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 1375/3، من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف.
- ↑ سورة هود، آية: 46.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم: 2223، حديث صحيح.