الأخلاق الذميمة
يُعرّف الخُلق بأنّه: السَّجيَّة والطَّبع والدِّين، وهو صورة الإنسان الباطنية، أمّا صورة الإنسان الظاهرة فهي الخُلق، وما ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيرًا إلا دل أمته عليه، ولا علم شرًا إلا حذر أمته منه، ومن جملة الشر الذي حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- منه، سوء الخلق، فالخلق السيء خلق فاسد متصف بالشر، وقد حذر العلماء من صحبة سيء الخلق، فقد قال الفضيل بن عياض: لا تخالط سيء الخلق فإنه لا يدعو إلّا إلى شر، وقال الحسن: من ساء خلقه عذب نفسه، ويأتي تعريف النميمة، أحد الأخلاق الذميمة.[١]
تعريف النميمة
إنّ تعريف النميمة يطلق في الأكثر على من ينم قول الغير إلى القول فيه، ويمكن تعريف النميمة أيضًا بأنّها: نقل الكلام بين طرفين لغرض الإفساد، وإن المجتمع المسلم لَيتميز بصفات المحبة والأخوة، تزين المحبة القلوب وتُجمل الابتسامة الوجوه، وقد حرم تعالى على المؤمنين ما يوقع بينهم العداوة والبغضاء، حفاظًا على أخوَّتِهم، وحفاظًا على سلامة صدورهم، وإن تعريف النميمة محرم بإجماع المسلمين وقد تظاهرت على تحريمه الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة، والنميمة كبيرة من كبائر الذنوب![٢] والتي لا تكفرها كفارة المجلس، وإنما التوبة النصوح، والنية بعدم الرجوع لها، وإنّ على كل من حملت إليه النميمة وقيل له أن فلانًا يقول فيه كذا وكذا، فعليه ما يأتي:[٣]
- ألّا يصدقه؛ لأنّ النمام فاسق وهو مردود الشهادة.
- أن ينهاه عن ذلك وينصح له ويقبح عليه فعله، وذلك من إنكار المنكر.
- أن يبغضه في الله فإنّه بغيضٌ عند الله تعالى ويجب بغض من يبغضه الله تعالى.
- ألّا يظن بأخيه الغائب السوء لقول الله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}[٤]
- ألّا يحمله ما حكي له على التجسس والبحث والتحقق، اتباعا لقول الله تعالى: {وَلا تَجَسَّسُوا}[٤]
- ألّا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه، فيكون بذلك نمامًا ومغتابًا وقد يكون قد أتى ما عنه نهى، وهكذا يكون قد تم تعريف النميمة.
صفات النمام
لقد حذّرت الشريعة الإسلامية المسلمين من الغيبة، وحتى أنها نهت مجالسة النمامين وأي صاحب قول السوء، لقوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[٥]، فبعد معرفة تعريف النميمة، يجب معرفة صفات النمام، وهي:[٦]
- أنه حلاف كثير الحلف ولا يكثر الحلف إلا إنسان غير صادق يدرك أن الناس يكذبونه ولا يثقون به فيحلف ليداري كذبه ويستجلب ثقة الناس.
- أنه مهين لا يحترم نفسه ولا يحترم الناس في قوله، وآية مهانته حاجته إلى الحلف، والمهانة صفة نفسية تلصق بالمرء ولو كان ذا مال وجاه.
- أنه هَمّاز يهمز الناس ويعيبهم بالقول والإشارة في حضورهم أو في غيبتهم على حد سواء.
- أنه مَشّاء بنميم يمشي بين الناس بما يفسد قلوبهم ويقطع صلاتهم ويذهب بمودتهم وهو خلق ذميم لا يقدم عليه إلا من فسد طبعه وهانت نفسه.
- أنه مَنّاع للخير يمنع الخير عن نفسه وعن غيره.
- أنه مُعتدٍ أي متجاوز للحق والعدل إطلاقًا.
- أنه أثيم يتناول المحرمات ويرتكب المعاصي حتى انطبق عليه الوصف الثابت والملازم له أثيم.
- أنه عتل وهي صفة تجمع خصال القسوة والفضاضة فهو شخصية مكروهة غير مقبولة.
- أنه زنيم وهذه خاتمة صفاته، فهو شرير يحب الإيذاء ولا يسلم من شر لسانه أحد.
دوافع النميمة
بعد تعريف النميمة، ومعرفة صفات النمام، يجب معرفة دوافع النميمة، فقد حرم الله جل وعلا المشي بالنميمة لما فيها من إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين ورخص في الكذب في الإصلاح بين الناس ورغب في الإصلاح بين المسلمين، قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}[٧]، وهذا ما يفعله العاقل محتسب الأجر، ولكن بعض العصاة، يحب النميمة ويمشي بها، وتاليًا تذكر دوافع تعريف النميمة:[٣]
- جهل البعض بحرمة النميمة وأنّها من كبائر الذنوب، تؤدي إلى شر مستطير، وتفريق أحبة، وتهديم بيوت، وإشاعة التباغض والتناحر بين المسلمين.[٣]
- التَّشفِّي من الغيظ، بأنْ يحدث من شخصٍ في حَقِّ آخَر؛ لأنَّه غَضبان عليه، أو في قلبه حسد وبغض عليه، وموافقة الأقران.[٨]
- مسايرة الجلساء ومجاملتهم والتقرب إليهم بخبر جديد وأمر يستمعون إليه.[٨]
- إرادة إيقاع السوء للمحكي عنه كنقل الكلام إلى من بيده سلطة أو قوة، أو مرادة إيقاع الضرر بأي شكل كان.[٣]
- إظهار الحب والتقريب للمحكي له وكأنّه أصبح من أعوانه وأحبابه فلا يرضى بما قال عنه فلان من الناس، بل ينقل إليه كل ذلك وربما يزيد رغبة في زيادة محبة المنقول إليه.[٣]
- اللعب والهزل فإن هناك مجالس تقام على الضحك والهزل ونقل الكلام بين النّاس.[٣]
- إرادة التصنع ومعرفة الأسرار والتفرس في أحوال النّاس فينمّ عن فلان ويهتك ستر فلان.[٣]
التخلص من النميمة
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول -الله صلى الله عليه وسلم-: "تَجِدُونَ النَّاسَ مَعادِنَ، خِيارُهُمْ في الجاهِلِيَّةِ خِيارُهُمْ في الإسْلامِ، إذا فقِهُوا، وتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ في هذا الشَّأْنِ أشَدَّهُمْ له كَراهيةً، وتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذا الوَجْهَيْنِ الذي يَأْتي هَؤُلاءِ بوَجْهٍ، ويَأْتي هَؤُلاءِ بوَجْهٍ"[٩]، فعلى المسلم إن ينأى بنفسه أن يكون من هؤلاء الذين ذمهم الله ورسوله، وتاليًا تذكر أهم البنود التي تعين المسلم على التوبة من هذه الآفة، وهي أن يتذكر:[٣]
- أنّه متعرضٌ لسخط الله ومقته وعقابه.
- أن يستشعر عظيم إفساده للقلوب وخطر وشايته في تفرق الأحبة وهدم البيوت.
- أن يتذكر الآيات والأحاديث الواردة في النميمة وعليه أن يحبس لسانه.
- عليه إشاعة المحبة بين المسلمين وذكر محاسنهم وحفظهم في غيبتهم.
- أن يعلم أنّه إن حفظ لسانه كان ذلك سببًا في دخوله الجنة.
- أنّ من تتبع عورات النّاس تتبع الله عورته وفضحه ولو في جوف بيته.
- عليه بالرفقة الصالحة التي تدله على الخير وتكون مجالسهم مجالس خير وذكر لله.
- أنّ من يتحدث فيهم اليوم وينال من أعراضهم هم خصماؤه يوم القيامة.
- أن يتذكر الموت وقصر الدنيا وقرب الأجل وسرعة الانتقال إلى الدار الآخرة.
المراجع
- ↑ "من عواقب سوء الخلق وأضراره"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "تعريف النميمة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 05-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د "النميمة"، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 05-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة الحجرات، آية: 12.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 68.
- ↑ "النميمة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 05-10-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 1.
- ^ أ ب "خطر الغيبة والنميمة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 05-10-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الإمام البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3493.