تعريف الوقف الخيري

كتابة:
تعريف الوقف الخيري

أعمال الخير في الإسلام

يُعدّ العمل الخيري في الإسلام من أهم الأعمال التي ترفع شأن المسلم في حياته وبعد مماته، وهو أحد عناصر الفوز والفلاح، والزاد الحقيقي الذي ينفع الإنسان في أخرته بدليل قوله تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}،[١] حتى إنّ العمل قليل كان أم كثيرًا، بالمال أم بالوقت؛ فإنّه لا يضيع ويُقبل عند الله -عزّ وجلّ- بدليل قوله: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}،[٢] فذلك الخير يشمل كلّ عمل صالح؛ من طاعة لله، و الإحسان إلى الناس، وإماطة الأذى عن الطريق، وبرّ الوالدين، وإغاثة الملهوف، والدعوة إلى الله تعالى، والوقف الخيري الذي يُعدّ أكبر خير، فهو بابٌ كبيرٌ يلجأ إليه الإنسان لنيل مرضاة الله عزّ وجلّ؛ ليترك عظيم الأثر في الدنيا، وينال الفوز في الآخرة، وسنتعرف في هذا المقال على تعريف الوقف الخيري، وحكمه وبعضٌ من ثمراته.[٣]

تعريف الوقف الخيري في الإسلام

عُرف الوقف الخيري بأنّه باب من أبواب الخير وقربة عظيمة إلى الله عزّ وجلّ، دلّت عليها الآيات والأحاديث النبوية، وهو شكل من أشكال الصدقة الجارية التي يؤجر عليها العبد في حياة وبعد مماته، ووردت تعريفات كثيرة تشتمل على معنى الوقف في الإسلام، ويأتي ذكرها لغةً واصطلاحًا،[٤] والوقف لغةً هو مصدر وقف، والجمع أوقاف وأصل الوقف: هو الحبس والمنع، ويقال: وقفت الدار وقفًا حبستها في سبيل الله،[٥] كما وتم تعريف الوقف الخيري: بأنّه ما يُصرف ريعه ومنافعه على جهة خيرية؛ كمساعدة الفقراء والمساكين وابن السبيل، وبناء المساجد أو المستشفيات ودور الأيتام و ما إلى ذلك،[٦] واختلف الفقهاء في تعريف الوقف اصطلاحًا؛ لاختلاف أحكامه و أنواعه، وفيما يأتي بيان تعريفات المذاهب الأربعة من حيث الإصطلاح الشرعي والتي تشمل الآراء الفقهية في تعريف الوقف الخيري:[٧]

  • الشافعية: هو حبس المال الذي يُنتفع به مع بقاء عينه؛ بمنع التصرف في رقبته على مصرف مباح.
  • الحنفية: هو حبس العين على ملك الواقف، والتصدق بالمنفعة على جهة الخير.
  • المالكية: هو إعطاء المنفعة دون تحديد للمدة، وبقاء هذه المنفعة في مُلك الواقف ولو تقديرًا.
  • الحنابلة: هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة.

حكم الوقف الخيري

إنّ الله -عز وجل- شرع للعباد الكثير من الأعمال الصالحة التي يكون الأجر فيها دنيوي وأخروي، فأجاز الله -عزّ وجلّ- الوقف الخيري وجعله مستحبًا، وأورد ذلك في كتابه وسنة نبيه، وسنذكر بعضًا من تلك الأيات:[٧]

  • قال الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}.[٨]
  • قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.[٩]
  • قال الله تعالى: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ}.[١٠]
  • وتدل تلك الآيات على تعدد طرق الإنفاق في البرّ والصلاح، والتصدق بالمنفعة على جهة الخير كما ورد في تعريف الوقف الخيري لنيل مرضاة الله عزّ وجلّ، ومن الأحاديث التي وردت في ذلك أيضًا ما يأتي:
    • عن أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- قال: أنّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال: "إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له".[١١]
    • عن أنس بن مالك -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- عنه قال: لما قَدِمَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - المدينة، وأمر ببناء المسجد قال: "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُم هَذَا"، قَالُوا: لَا وَاللهِ لَانَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللهِ".[١٢]

ثمرات الوقف الخيري

إنّ من أعظم الخيرات التي يمكن أن يتحصل عليها العبد في حياته هي ثمرات وفوائد الوقف الخيري، التى تتعدى إلى ما بعد الممات، فيأخد الأجر والثواب في الدنيا من بركة في المال والصحة ولا ينقطع أجرها بعد موته، ومن ثمرات الوقف الخيري ما يأتي:[١٣]

  • بناء المجتمع واستخدام منافعه في أبواب الخير؛ وذلك عن طريق التشجيع على بناء المساجد ودور العلم وحفر الآبار.
  • مضاعفة الحسنات وترك الأثر في الحياة الدنيا بعد الرحيل.
  • مساعدة الفقراء ومساندة المحتاجين ورفع الضيق عنهم؛ و الذي بدوره يعمّقّ الترابط والوصل بين أفراد المجتمع.

المراجع

  1. سورة المزمل، آية: 20.
  2. سورة آل عمران، آية: 195.
  3. "وافعلوا الخير لعلكم تفلحون"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-12-2019. بتصرّف.
  4. "الوقف من أعمال الخير والبر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-12-2019. بتصرّف.
  5. "تعريف الوقف في اللغة والشرع"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-12-2019. بتصرّف.
  6. "أقسام الوقف وكيفية العمل به وبيان التوافق الفقهي في ذلك"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-12-2019. بتصرّف.
  7. ^ أ ب "الوقف الخيري في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-12-2019. بتصرّف.
  8. سورة آل عمران، آية: 92.
  9. سورة البقرة، آية: 254.
  10. سورة التغابن، آية: 17.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1631، حديث صحيح.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 428 ، حديث صحيح.
  13. "معنى-الوقف-وفائدته-ومدى-الحاجة-إليه"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-12-2019. بتصرّف.
4712 مشاهدة
للأعلى للسفل
×