تعريف حقوق الطفل

كتابة:
تعريف حقوق الطفل

حقوق الإنسان

حرصت منظمة العفو الدولية منذ تأسيسها، على الاهتمام بحقوق الإنسان الواجبة له وحمايتها من أي انتهاك، وجاءت فكرة الحقوق بعد حرمان أعداد هائلة من البشر من حقوقهم وانتهاكها من قوى أكثر قوة وسيطرة منها جماعات ودولًا، وكان من بين من اهتمت بحقوقه الطفل؛ أي الصغير من كل شي‏ء، من الولادة إلى البلوغ، واحدًا أو جمعًا، ويطلق اسم الطفل في علم التربية على الفتاة حتى سن البلوغ أو الولد أو على الطفل ما دام ناعمًا، ويطلق على كل طفل ما دام مستمرًا في نموه الجسدي والعقلي، لذلك احتضنت منظمة العفو الدولية في قوانينها الطفل بوضع ميثاق متكامل يحدد له أبعاد حياته وحقوقه[١]، وهذا المقال سيتعرض لتعريف حقوق الطفل.

تعريف حقوق الطفل

تم تعريف حقوق الطفل تاريخيًا بعدة تعريفات، فقد أقرّ السير وليام بلاكستون بثلاث واجبات أبوية للطفل: التربية والحماية والتعليم، ومن حق الطفل الحصول على هذه الحقوق من الآباء. وتم تعريف حقوق الطفل في عصبة الأمم حسبما أعلنته منظمة جنيف لحقوق الطفل 1924، بأنه حق الطفل في الحصول على متطلبات النمو الطبيعي، وحق الطفل الجائع وغيره في التغذية السليمة، وحق الطفل المريض في تلقي العناية الصحية، وحق الأيتام في المأوى، والحق في حماية الطفل من الاستغلال. كما تم تعريف حقوق الطفل في الإعلان لعالمي للأمم لحقوق الإنسان 1948 في المادة 25 "2" بناء على حاجة الأمومة والطفولة إلى "الحماية الخاصة والمساعدة"، بأنه حق الأطفال جميعهم في الحماية الاجتماعية.[٢]

كما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في تعريف حقول الطفل، إعلان الأمم المتحدة لحقوق الطفل 1959، فقد أعلن عن عشرة مبادئ لحماية حقوق الطفل، تبدأ من عالمية حقوقه، إلى حمايتهم من كل أشكال التمييز، والحق في الحماية الخاصة. وقد توافقت الآراء بشأن تعريف حقوق الطفل، وأصبحت أكثر وضوحًا خلال الـ50 سنة الماضية. فقد قالت هيلاري كلينتون عام 73 أن حقوق الأطفال هي "شعار بحاجة إلى تعريف". إلا أن بعض الباحثين، قالوا أن تعريف حقوق الطفل بوصفه مفهومًا اصطلاحيًا، لا يزال غير محدد بشكل جيد، ولا يوجد اقتراح واحد لتعريف مقبول مقبول أو نظرية واحدة للحقوق التي يحملها الأطفال.[٢]

ويُعرّف قانون حقوق الطفل بأنه النقطة التي يتداخل فيها القانون مع حياة الطفل، وتشمل بذلك الجريمة وجنح الأحداث، ومراعاة الأصول القانونية للأطفال الخاضعين لنظام العدالة الجنائية، والتمثيل المناسب، وخدمة إعادة التأهيل الفعالة، ورعاية الأطفال وحمايتهم من الدولة، وضمان التعليم لجميع الأطفال بصرف النظر عن الجنس أو العرق أو الهوية الجنسية أوالتوجه الجنسي أو الدين أو الأصل القومي أو اللون أو العرق أو الإعاقة أو الخصائص الأخرى والرعاية الصحية.[٢]

مبررات إعلان حقوق الطفل

هناك العديد من المبررات التي تدفع إلى تعريف حقوق الطفل، والنص على هذه الحقوق في الشرائع السماوية والمواثيق الدولية، فهم فئة ضعيفة في المجتمع، ولكنها فئة مهمة كونها تمثل جيل المستقبل، ولها حق الحصول على معاملة خاصة، كأولوية المساعدة والحماية في حالات الخطر. فقد ورد في القانون الدولي المتعلق بالأطفال المدنيين في النزاعات المسلحة، لديني كوبر 1997، أن الأطفال قاصرون بما يوجب القانون، فالأطفال لا يتمتعون بالحكم الذاتي أو القدرة على اتخاذ القرارات بأنفسهم في أي ولاية قضائية معروفة في العالم، في حين يمتلك مقدمو الرعاية الكبار، بما في ذلك الآباء والأخصائيون الاجتماعيون والمعلمون والعمال الشباب وغيرهم، السلطة لاتخاذ القرارات عنهم بحسب الظروف، لذلك يعتقد البعض أن هذه الحالة تعطي الأطفال سيطرة غير كافية على حياتهم وتسبب لهم الضعف.[٢]

بالإضافة إلى أن العديد من السياسات الحكومية، تخفي الطرق السيئة التي يعامل البالغون بها الأطفال ويستغلونهم، مما يفقر الأطفال، ويؤدي إلى عدم حصولهم على الفرص التعليمية أو الفرص التعليمية المتساوية أو عمالة الأطفال. لذلك يحتاج المجتمع إلى إعادة النظر إلى الطريقة التي يتصرف بها البالغون تجاههم، كما أن الأطفال يحتاجون إلى الاعتراف بهم بوصفهم مشاركين في المجتمع الذي يجب عليه الاعتراف بحقوقهم ومسؤولياتهم في جميع الأعمار.[٢]

حقوق الطفل في القرآن الكريم

عند البحث عن تعريف حقوق الطفل، سيجد الباحث أن القرآن الكريم من أول الدساتير التي نصّت على حقوق الطفل، وسبق الدساتير الوضعية إليه، بما يضمن له حمايته من الأخطار المتنوعة التي تستهدفُ جسمَهُ وعقلَهُ ونفسَهُ، وواقعَهُ ومستقبلَهُ، فقد قال سبحانه {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}.[٣] وهنا يبرز حق من حقوق الطفل؛ إذ إنّ على مَنْ حضر الوصيّة أن يأمر بالعدل من يوصي لذوي قرابته بماله، ويوصيه بأن يتّقي الله، وأن يقول الحاضرون قولًا سديدًا فيما يرجع على ذريته بالخير، كما لو كانوا هم مكانه ولهم ذريةٌ مستضعفون.[٤]

وقد ذكر القرآن الكريم ستة وستين حقًا من حقوق الطفل تصريحًا وتلميحًا، جاءت متناثرة في خمس وعشرين سورة، فكان من الحقوق التي صُرّح بها: حقِّ الطفل أنْ يرضعَ مِن أمِّه حولين كاملين، سواء كانت مطلقةً أم لا، وفي وصف الحولين بـ كاملين إشعارٌ صريحٌ بأنَّ هذا هو الأصل لمن أراد أن إتمام الرضاعة، وأمّا مَنْ ينقصها عن الحولين فلم يتم حق الطفل الكامل. أما ما ورد من حقوق الطفل تلميحًا: أنَّ الإرضاع حولين يدل على حرص الإسلام على التباعد بين الأحمال، وعدم حصول الحمل، لضرورة رعاية الطفل والعناية به بوصفه حقّا من حقوقه، والتفرُّغ لشأنِه عمّا سواه. وكذلك الحال عند وقوع الطلاق، وتأخيرَ زواج الأم من آخر، وفسحَ المجال لإعادة الزوجية؛ لأن من حقَّ الطفل بأنْ يعيشَ في ظل أبويه معًا.[٥]

كما يُقرأ في تعريف حقوق الطفل في القرآن حقُّ الطفل في الحياة، وفي الحصول على المال، والكفاية، وأنْ يكفيه أبوه حاجته، وحقُّه في الحرية: حرية الرقبة، وحرية الحركة، وحقُّه في الحماية والمسكن الآمن إلى حد القتال لتأمين ذلك، وحقُّه في استثنائه من العقوبات التي تقع على غيره، وحقُّه في الصحة والسعادة قدر الإمكان، وحقُّه في التعليم والنضج المبكِّرين، وفلسفةُ الإسلام في ربط تكليف الطفل والمسؤولية بسنِّ البلوغ يبيِّن مدى العناية والاهتمام التي يجبُ أنْ تبذلها الأمة لإعداد الطفل لدخول هذه المرحلة. وتنمية وجدانه وتغذيته بالحبِّ، منه قوله تعالى: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}[٥]؛ فتعبير "قُرَّةَ أَعْيُنٍ" يعكسُ العلاقة الحقة التي يجبُ أن تكون بين الآباء والأولاد.[٤]

وتكثر حقوق الطفل في القرآن الكريم، بما لا يتسع له الحصر في هذا المقال بقد التمثيل، إلا أن للقرآن منهجًا واضحًا في إقرار حق الطفل، وقد جعل القرآن الكريم البلوغَ حدًّا فاصلًا بين الطفولة وما يليها، وألزم الطفل التكاليف عندها، ولهذا وجب على الأمة أنْ تؤهِّل الطفل تأهيلًا علميًّا وتربويًّا وسلوكيًّا وشخصيًّا قبل ذلك.[٤]

حقوق الطفل في المواثيق الدولية

يُعدّ حق الطفل حقًا ثابتًا في جميع الشرائع السماوية والشريعة الإسلامية خاصة، قبل أن تنص عليه الشرائع الوضعية عند مختلف الشعوب والحضارات؛ لارتباطه بفطرة إنسانية زرعها الله تعالى في قلوب الآباء والأمهات ونفوسهم. وذكر سابقًا في تعريف حقوق الطفل أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، عرّف حقوق الطفل، ونص في الفقرة الثانية من المادة العاشرة على أنّ "للأمومة والطفولة الحق في مساعدة ورعاية خاصتين، وينعم الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية، سواء كانت ولادتهم ناتجة عن رباط شرعي أم بطريقة غير شرعية".[٦]

ثم جاءت الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وبعد تعريف حقوق الطفل، نصت الفقرة الثالثة من المادة العاشرة على وجوب "اتخاذ إجراءات خاصة لحماية ومساعدة جميع الأطفال والأشخاص الصغار دون أن تمييز لأسباب أبوية أو غيرها، ويجب حماية الأطفال والأشخاص الصغار من الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي، ويجب فرض العقوبات القانونية على من يقوم باستخدامهم في أعمال تلحق الأضرار بأخلاقهم أو بصحتهم أو تشكل خطرًا على حياتهم أو يكون من شأنها إعاقة نموهم الطبيعي، وعلى الدولة كذلك أن تضع حدودًا للسن، بحيث يحرم استدام العمال من الأطفال بأجر، ويعاقب عليه قانونا إذا كانوا دون السن".[٦]

أمّا الإعلان العالمي لحقوق الطفل 1959، فقد نصّ على عشرة مبادئ، يمكن من خلالها استنباط تعريف حقوق الطفل، وما يجب الالتزام به، والعمل عليه لضمان حياة كريمة للطفل، وأوصى الوالدين عليها، كما أوصى الرجال والنساء أفرادًا وهيئات محلية وسلطات حكومية بضرورة الاعتراف بها، وهي:[٦]

  • حق الطفل في التربية الإلزامية والمجانية في المرحلة الابتدائية، وحقه في الحصول على الثقافة العامة التي تنمي قدراته وتقديره الشخصي لذاته وشعوره بالمسؤولية الأدبية والاجتماعية بوصفه عضوًا في المجتمع، وحقه في اللعب والاستراحة، والنظر إلى مصالحه وإلى مسؤولية الوالدين بالأفضلية، ومن واجب الدولة والسلطات العامة توفير هذه الحقوق للطفل.
  • حق الطفل في حمايته من الإهمال والقسوة والاستغلال وعدم الاتجار به، وتحريم تشغيله قبل السن القانونية المقررة، وخاصة في الأعمال الضارة بصحته أو تربيته أو نمائه العقلي أو الصحي أو الأدبي.
  • حق الطفل في الحصول على المحبة والتفهم من الجميع لتنمية شخصيته تنمية مناسبة، وحقه في النمو تحت وصاياية والديه وعايتهما، وتوفير الحماية المادية والأدبية له من والديه، وعدم حرمانه من حضانة أمه.
  • حق الطفل في حمايته من التمييز العنصري والديني وغيره، وتنشئته تنشيئة سليمة، تعمّها قيم التفاهم والصداقة والتسامح بين الشعوب والسلام والإخاء العالمي وخدمة أخيه الإنسان.
  • حق الطفل في الضمان الاجتماعي والصحي، والحصول على عناية خاصة ووقاية خاصة، بالإضافة إلى التغذية والسكن له ولأمه، قبل الولادة وبعدها.
  • حق الطفل في التمتع بهذه الحقوق دون تمييز بينه وبين الآخرين، بسبب شخصه أو أسرته أو عرقه.
  • حق الطفل في الحماية الخاصة التي تتضمن منحه حقّا قانونيّا في مساعدته على النمو جسديًا وعقليًا وروحيًا واجتماعيًا.
  • حق الطفل المعاق جسميًا أو اجتماعيًا أو عقليًا في المعالجة والعناية حسب حالته الصحية، وتربيته تربية سليمة.
  • حق الطفل في الحصول على الحماية والإسعاف في كل الأحوال، وأفضليته في الحصول على هذه الحقوق.
  • حق الطفل في التسمية والجنسية منذ ولادته.

وتذكيرًا بهذا الإعلان في تعريف حقوق الطفل، وبأهمية حقوق الطفل والعناية بها، فقد اعتبرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة سنة 1979، سنة عالمية للطفل؛ وعملت فيها علة لتأمين الرعاية الكافية للأطفال وحقوقهم، وضمان تنفيذ هذه الحقوق وتطبيقها تطبيقًا فعليا وعمليًا، كما خصصت الأمم المتحدة يومًا عالميًا للطفل.[٦]

المراجع

  1. "طفل"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج "حقوق الطفل"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة النساء، آية: 9.
  4. ^ أ ب ت "حقوق الطفل في القرآن الكريم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18010-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب سورة الفرقان، آية: 74.
  6. ^ أ ب ت ث "حقوق الطفل في المواثيق الدولية"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2019. بتصرّف.
4832 مشاهدة
للأعلى للسفل
×