تعريف حول الشاعر رؤبة بن العجاج

كتابة:
تعريف حول الشاعر رؤبة بن العجاج

الشعر العربي

قال أبو فراس الحمداني: "الشّعر ديوان العرب وعنوان الأدب"، فللشّعر مع العرب آلاف الدّواوين والدواوين، ففيه مجال فخرهم واعتزازهم، وموضع فرحهم وترحهم، وجلاء همّهم، وزوال سأمِهم، ووسيلة تعبيرهم عن أشواقهم وأحزانهم، وقد كان الشّعر العربيّ على مرّ العصور مثل أيّ كائن حيّ يتميّز بكلّ خصائص الحياة وعناصرها، وكان له دوره البارز في الحياة الأدبيّة والفكريّة والسّياسيّة، وقد برزت فيه فنون جديدة من حيث الأسلوب والمضمون واللّغة، ومن حيث الأوزان والقوافي، وظهر إلى جانب شعر الأطلال وشعر الغزل العذريّ وشعر الوصف، الشّعر السّياسيّ، والشّعر الصّوفيّ، فكان يتجدّد مع تطور الحياة والإنسان، وبعد هذا التّعريف الموجز بالشّعر العربيّ، سيأتي الكلام في الفقرة التّالية على تعريف حول الشاعر رؤبة بن العجاج.[١]

تعريف حول الشاعر رؤبة بن العجاج

تعريف حول الشّاعر رؤبة بن العجاج، و"العجاج" لقب، واسمه عبد الله بن رؤبة بن لبيد بن صخر البصريّ السّعديّ التّميميّ، يُكنّى رؤبة بأبي العجاج وأبي الجحاف، وهو شاعر بدويّ نزل البصرة وهو من مُخضْرَمي بني أميّة وبني العبّاس، ويعدّ من رُجّاز المسلمين المقدّمين وفصحائهم، فكان رؤبة وأبوه راجِزَيْن مشهورين، ولكلٍّ منهما ديوان رجز، ليس فيهما شعر سوى الأراجيز، وكانا مجيدين في رجزهما، مدح رؤية في شعره بني أمية ثمّ مدح بني العباس، وتوفي أيّام المنصور.[٢]

ولسَبْقِه في اللغة، فقد اقتدي به، واحتُجَّ بشعره وأخذ عنه وجوه أهلِ اللّغة، وجعلوه إمامًا، وفي خبر نقله الأدباء والنّقّاد، حيث يراه البعض مثل يونس بن حبيب النّحويّ مثلًا أفصحَ من معد بن عدنان، عندما قال: كنت جالسًا مع أبي عمرو بن العلاء فمرّ بنا شبيل بن عزرة الضّبعيّ فقال: يا أبا عمرو! أشعرت أنّي سألت رؤبة عن اشتقاق اسمه فما عرفه! قال يونس: فلم أتمالك نفسي بعد ذلك، فقلت له: والله لرؤبة وأبوه أفصح من معد بن عدنان! وأنا غلام رؤبة، أفتعرف أنت ما الرّوبة والرّوبة والرّوبة والرّوبة والرؤبة؟ فلم يحر جوابًا، وقام مغضبًا، فأقبل علي أبو عمر، وقال: هذا رجل من الأشراف، يقصد مجالسنا، ويقضي لنا حقوقنا، وقد أسأت إليه بفعلتك ممّا واجهته به، فقلت: لم أملك نفسي عند قوله في رؤبة، فقال أبو عمرو: أوقد سلّطت على تقويم اعوجاح النّاس؟ ثمّ فسّر يونس ما قاله، فقال: والرّوبة: اللّبن الخاثر، والرّوبة: ماء الفحل، والرّوبة: السّاعة تمضي من اللّيل، والرّوبة: الحاجة، والرّؤبة: بالهمزة، القطعة من الخشب يشعب بها الإناء، والجميع بتسكين الواو وضمّ الرّاء التي قبلها.[٢]

وفي خبر آخر عن خلف الأحمر، قال: سمعت رؤبة يقول: ما في القرآن أعرب من قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}[٣] فقال النّسائي في رؤبة: ليس بالقويّ، ويقال: كان رؤبة قد استحلّ أكل الفئران، فلما عوتب في ذلك، فأجابهم: بأنّها أنظف من الدّجاج الذي يأكلونه، وطعامه العذرة، وكان مقيما في البصرة، فلمّا كانت ثورة إبراهيم ابن عبد الله بن الحسن على أبي جعفر المنصور، خرج هاربًا إلى البادية لتجنّب الفتنة، فوافته المنيّة هناك سنة خمسة وأربعين ومئة بعد أن أسنّ -رحمه الله تعالى-، وبعد التعريف حول الشاعر رؤبة بن العجاج، لا بدّ من معرفة بعض أعماله.[٢]

من أراجيز رؤبة في حضرة أبي مسلم الخراساني

عندما آلت الخلافة الأمويّة إلى بني العبّاس، فأرسل أبو مسلم إلى رؤبة بن العجاج، فدخل عليه، وهو قلق خائف، فقال له ما بك جزعًا خائفًا؟ فقلت له: إنّي خائف لما وصلني عنك من قتل النّاس، فقال له: إنّما أقتل من يريد قتلي، وهل أنت منهم؟ قلت لا، فنظر إلى جلسائه وضحك، وقال: أمّا أبو العجاج فقد رخّص لنا، ثمّ قال: أنشدني قولك من الرّجز: وقاتِم الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ، فقلت: أو أنشدك -أصلحك الله- أحسن منه؟[٤]

قال: هات، فأنشدته من الرّجز:

قُلْتُ وَنَسْجِي مُسْتَجِدٌّ حَوْكا
لَبَّيْكَ إِذْ دَعَوْتَنِي لَبَّيْكا
أَحْمَدُ رَبّاً ساقَنِي إِلَيْكا
الْحَمْدُ وَالنِعْمَةُ في يَدَيْكا

قال: هات كلمتك الأولى، قلت: أو أنشدك أحسن منها؟ قال: هات، فأنشدته من الرجز:

ما زالَ يبني خندقًا وتهدمُهُ
ويستجيش عسكرًا وتهزمُهُ
ومغنمًا يجمعُهُ وتقسمُهُ
مروان لمّا أنْ تهاوتْ أنجمُهُ
وخانَهُ في حكمِهِ منجمُهُ

قال: دعْ هذا وأنشدني: وقاتِم الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ، فقلت: أو أحسن منه؟ قال: هات فأنشدته من الرجز:

رفعتَ بيتاً وخفضتَ بَيْتَا
وشِدْت رُكن الدين إذ بنيتا
في الأكرمينَ منْ قريشَ بيتًا

قال: هات ما سألتك عنه، فأنشدته من الرجز:

ما زالَ يأتي الأمرَ من أقطارهِ
على اليمينِ، وعلى يسارهِ
مشمرٌ لا يصطلي بنارهِ
حتّى أقرَّ الملكَ في قرارهِ
وفرّ مروانُ على حمارهِ

فقال أبو مسلم: ويلك هات ما دعوتك له وأمرتك بانشاده ولا تنشد شيئاً غيره فأنشدته:

وقاتِم الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ
مُشْتَبِه الأَعْلامِ لَمّاعِ الخَفَقْ

إلى أن وصل إلى قوله:

يَرْمي الجَلامِيدَ بجُلْمُودٍ مِدَقْ

قال أبو مسلم: قاتلك الله لشدّ ما استصلبت الحافر، ثم قال رؤبة: حسبك أنا ذلك الجلمود المدق. قال: وجيء بمنديل فيه مال فوضع بين يدي، فقال أبو مسلم: يا رؤبة إنك أتيتنا والأموال مشفوفة، وإن لك إلينا لعودة وعلينا معولاً والدّهر أطرق مستتب، فلا تجعل بيننا وبينك الأسدة؛ قال رؤبة: فأخذت المنديل منه، وتالله ما رأيت أعجمياً أفصح منه، وما ظننت أنّ أحداً يعرف هذا الكلام غيري وغير أبي.

المراجع

  1. "مفهوم الشعر ورسالته"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "رؤبة بن العجاج"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
  3. سورة الحجر، آية: 94.
  4. "أخبار رؤبة ونسبه"، www.al-hakawati.la.utexas.edu، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
4581 مشاهدة
للأعلى للسفل
×