تعريف حول الشاعر عبدالوهاب البياتي

كتابة:
تعريف حول الشاعر عبدالوهاب البياتي

الشعر العربي الحديث

مع تطوُّر الحياة في بدايات القرن الماضي ودخول الإنسان عالمًا جديدًا من التطوّر والحضارة التي لم يكنْ يعيشُها من قبل، أصبح العالم بحاجة إلى أدبٍ جديد يطرقُ المواضيع الجديدة التي دخلت حياة الإنسان الحديثة، مع إبقاء الأغراض الشعريّة القديمة وعدم نسفها، خاصّة الأغراض الوجدانيّة، فالعاطفة لا تتطوّر أبدًا، كلُّ هذه العوامل دعت الأديب العربيّ إلى ابتكار عوالم شعريّة حديثة لم تكن مطروقة أو معروفة من قبل، فظهر الشعر الحديث وشعراء الشعر الحديث الذين حَمَلوا مسألة نشره على عاتقهم وأشهرهم: نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي وأمل دنقل وأدونيس وغيرهم، وهذا المقال سيتناول الحديث عن الشاعر عبد الوهاب البياتي وأبرز قصائده.[١]

تعريف حول الشاعر عبد الوهاب البياتي

الشاعر عبد الوهاب البياتي شاعر عراقي من شعراء العصر الحديث، وُلد البياتي في بغداد سنة 1926م، وهو خريج الأدب العربي سنة 1950م، عمل البياتي مدرسًا بعد تخرّجه مدّة ثلاث سنوات، ثمَّ اتجه إلى الصحافة عام 1954م، حيث عمل مع مجلة الثقافة التي أُغلقت، واعتقل البياتي بعد إغلاقها بسبب مواقفه، ممّا دفع بالشاعر إلى السفر خارج العراق، فسافر إلى سوريا وانتقل إلى بيروت والقاهرة وغيرها، وبعد سنوات من السفر والترحال وفي عام 1963م سُحبت الجنسية العراقية من الشاعر عبد الوهاب البياتي، فأمضى أعوام حياته من عام 1964م إلى عام 1970م في القاهرة، قبل أن يسافر إلى إسبانيا ويقيم فيها عشر سنوات حتَّى سنة 1980م، وهناك تعرَّف البياتي على الأدب الإسباني واندمج به واستقى منه، حتَّى تمت ترجمة أعماله العربية إلى الإسبانية، ثمَّ توجَّه البياتي إلى الأردن بعد حرب الخليج عام 1991م، وانتقل إلى بغداد وبقي فيها ثلاثة أشهر قبل أن ينتقل إلى دمشق ويقيم فيها حتَّى وفاته عام 1999م، وقد كانت لعبد الوهاب البياتي عدة صداقات مع شعراء وأدباء عرب مختلفين، أبرزهم: نزار قباني والشاعر السوداني محمد الفيتوري والشاعر العراقي بدر شاكر السياب والشاعر الفلسطيني محمود درويش وغيرهم، أمَّا شعريًا فقد امتاز شعر الشاعر عبد الوهاب البياتي بنزعته نحو العالمية المنتشرة في تلك الفترة الشعرية، وزاد هذه النزعة اطلاعه على شعراء الأدب الإسباني، كما امتزجت أعماله بالتراث العربي الذي خرج منه، إضافة إلى تضمنيه بعض الرموز الصوفية في شعره، فكان شاعرًا كبيرًا ترك للأدب العربي نتاجًا أدبيًا عظيمًا يستحق أن تقف عنده الأجيال وتتداوله جيلًا وراء جيل.[٢]

شعر الشاعر عبد الوهاب البياتي

بعد ما جاء من حديث عن الشاعر عبد الوهاب البياتي لا بدَّ من المرور ببعضِ تجاربه الشعرية التي توضِّح ملامح شخصية الشاعر الأدبية، وجدير بالذكر أنَّ الشاعر عبد الوهاب البياتي يعدّ من الشعراء العرب الذين تأثروا بالتجارب الأدبية الغربية، خاصة الأدب الإسباني بسبب إقامته مدة في إسبانيا، وهذا ما ظهر جليًا في قصائده، وهذه مجموعة من قصائد الشاعر العراقي:

  • يقول الشاعر عبد الوهاب البياتي في قصيدته "إلى أرنست هيمنغواي":[٣]

في إسبانيا

الموت في مدريدْ

والدم في الوريدْ

والأقحوان تحت أقدامك والجليدْ

أعيادُ إسبانيا بلا مواكبٍ

أحزان إسبانيا بلا حدودْ

لمن تُدقُّ هذه الأجراسُ

لوركا صامتٌ

والدم في آنية الورودْ

وليلُ غرناطة تحت قبعات الحرسِ الأسودِ والحديدْ

يموتُ والأطفال في المهودْ

يبكونَ

لوركا صامتٌ

وأنت في مدريدْ

سلاحك الألمْ

والكلمات والبراكين التي تقذفُ الحممْ

لمن تدقُّ هذه الأجراس؟

أنت صامتٌ والدّمْ

يخضبُ السَّرير والغاباتِ والقِمَمْ.

  • ويقول الشاعر أيضًا في قصيدته "مذكرات رجل مجهول":[٤]

8 نيسان

أنا عامل، ادعى سعيد

منَ الجنوبْ

أبواي ماتا في طريقِهما إلى قبرِ الحُسَين

و كان عمري آنذاك

سنتين -ما أقسى الحياةَ

وأبشع الليلَ الطويلَ

والموتَ في الريفِ العراقي الحزينْ-

و كان جدِّي لا يزال

كالكوكب الخاوي، على قيد الحياة

13 مارس

أعَرِفْتَ معنى أن تكون؟

متسوِّلًا، عريان، في أرجاءِ عالمِنا الكبير!

و ذقتَ طعم اليتم مثلي والضياع؟

أعرفتَ معنى أن تكون؟

لصًا يطارده الظَّلام

والخوفُ عبر مقابر الريف الحزين!

  • ويقول أيضًا في قصيدة "قمري الحزين":[٥]

قمري الحزينْ

البحر مات وغيّبت أمواجُهُ السوداء قلع السندبادْ

ولم يعد أبناؤه يتصايحون مع النوارس والصدى المبحوحُ عادْ

والأفق كَفَّنَهُ الرمادْ

فَلِمَنْ تغنّي الساحراتْ؟

والعشب فوق جبينه يطفو وتطفو دنيواتْ

كانت لنا فيها -إذا غنَّى المغنّي- ذكرياتْ

غرقتْ جزيرتُنا وما عادَ الغناءْ

إلا بكاءْ

والقُبَّرَاتْ

طارت، فيا قمري الحزينُ

الكنز في المجرى دفينُ

في آخر البستانِ، تحت شجيرة الليمونِ، خبأهُ هناك السندبادْ.

  • ويقول البياتي أيضًا في قصيدة "سلامًا أثينا":[٦]

الشمسُ في معسكر اعتقالْ

تحرسُها الكلابُ والتلالْ

لعلَّ ألف ليلةٍ مرت

ولا تزالْ

"بنلوب" في انتظارها

تغزل ثوبَ النارِ

أو "أوليس" في جزيرة المحالْ

يرسف في الأغلالْ

لعل في "الأولمبِ" لا تزالْ

آلهةُ الإغريق تستجدي

عقيم البرق في الجبالْ

طعامُها النبيذُ والخبزُ

وآلامُ الملايين من الرجالْ

قلت سلامًا!

وبكى قلبي

وكان الفجرُ في الأطلالْ

يضيءُ وجه العالمِ الجديدِ

وجه شاعر يحطم الأغلالْ.

  • ويقول الشاعر عبد الوهاب البياتي في قصيدته "حضارة الغرب":[٧]

حضارة تنهارْ

قلبٌ من الطينِ

وعينان بلا قرارْ

يجفُّ في بئريهما النهارْ

عاهرةٌ خلّفها القطارْ

في ليل أوروبا بلا دثارْ

تموتُ تحتَ البرد والأمطارْ

وددتُ لو صحت بها:

أيَّتها العجوزُ

يا هتيكة الإزارْ

قد فاتك القطارْ.

المراجع

  1. "الأدب العربي في العصر الحديث"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 02-05-2019. بتصرّف.
  2. "عبد الوهاب البياتي"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-05-2019. بتصرّف.
  3. "إلى أرنست همنجواي"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-05-2019. بتصرّف.
  4. "مذكرات رجل مجهول"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-05-2019. بتصرّف.
  5. "قمري الحزين"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-05-2019. بتصرّف.
  6. "سلامًا أثنيا"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-05-2019. بتصرّف.
  7. "حضارة الغرب"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-05-2019. بتصرّف.
5473 مشاهدة
للأعلى للسفل
×