تعريف علوم القرآن

كتابة:
تعريف علوم القرآن

نشأة علوم القرآن

إن نشأة علوم القرآن متزامنة مع نزوله، فقد كانت إرشادات الرسول الكريم لصحابته فيما يخصُّ كتابة القرآن الكريم وتلاوته وترتيبه نواة هذه العلوم الشريفة، وقد كانت ملاحظات الصحابة وأسئلتهم حول القرآن الكريم من أسباب نزول وتفسير أصل نشأة هذين العلْمين وما يتعلق بهما،[١] وقد أسهم الصحابة الكرام في عهد الخلافة الراشدة بإحداث أصول لعلوم أخرى، فالمصاحف اليوم تكتب بالرسم العثماني العائد إلى المصحف الإمام في عهد عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- وقد سُمّي بالعثماني نسبةً إليه، أما علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فقد أسّس لعلم إعراب القرآن بأمره أبي الأسود الدؤلي بضبط القرآن الكريم وتنقيطه، وسيتحدّث هذا المقال عن تعريف علوم القرآن.[٢]

تدوين علوم القرآن

لم يكن التدوين موجودًا في العصور الإسلامية الأولى ففي العهد النبوي لم يُدوُّن إلا القرآن الكريم وعدد قليل من الأحاديث الشريفة، وكذلك كانت عصور الخلفاء الراشدين والتابعين الأوائل، حيث اتسمّت هذه المرحلة بالرواية والتلقين الشفهي، أما مطلع القرن الثاني الهجري فقد كان بداية تدوين العلوم العربية بشكل عام وعلوم القرآن بشكل خاص، حيث جمع بعض التابعين الكرام وتابعي التابعين بعض الأحاديث النبوية وما يتعلق بتفسير رسول الله وتفسير الصحابة لبعضٍ من الآي القرآنية، ومن أشهرهم شعبة بن الحجاج وقتادة بن دعامة السدوسي بالإضافة إلى كونهم من أعلام أهل الحديث.[٢]

كان التفسير مشمولًا في البداية مع الحديث ثم ظهرت تفاسير مستقلة من أشهرها تفسير الطبري، يرتبط علم التفسير بكثير من العلوم الأخرى ويقوم عليها مثل علوم أسباب النزول والقراءات القرآنية والإعجاز، وقد كان التأليف في هذه العلوم جميعًا متززامنًا مع التدوين في التفسير وغيره من علوم القرآن، وقد ظهرت كتب تحدّثت في علم واحد من علوم القرآن؛ فألّف علي بن المديني كتابًا في أسباب النزول، أما أبو عبيد القاسم بن سلّام فقد ألّف في القراءات وعلم الناسخ والمنسوخ، وتتابعت تلك المؤلفات حيث ألّف الباقلاني في إعجاز القرآن الكريم، واستمر الأمر على هذا النهج لحين ظهور مؤلفات جامعة بيّنت ماهيّة تعريف علوم القرآن وشملت معظم أقسامه.[٢]

تعريف علوم القرآن

إن مصطلح "علوم القرآن" هو مُركّب لفظي، ولاستبيان تعريف علوم القرآن على الوجه الأكمل لا بدّ من فهم ومعرفة شقيّ هذا المصطلح، فقد عرّف علماء الإسلام العلم بأنه: "الفهم والإدراك"، ثم استُعيرت هذه الكلمة واستُخدمت للدلالة على المسائل المتعلقة بأحد الموضوعات تعلُقًا منطقيًا وضبطًا منهجيًا،[٢] أما القرآن الكريم فهو: "القرآن هو اللفظ العربي المعجز، الموحى به إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- بواسطة جبريل عليه السلام، وهو المنقول بالتواتر، المكتوب في المصحف، المتعبد بتلاوته، المبدوء بسورة الفاتحة، والمختوم بسورة الناس" فعلوم القرآن هو العلم الذي يبحث في جميع ما يخصُّ القرآن الكريم، وهو من العلوم الإسلامية العربية في نشأتها وتكوينها ومازال التأليف فيه جارٍ ومستمر فهو مرتبط بنزول القرآن ووجوده.[٣]

بالاستناد إلى ما سبق يمكن تعريف علوم القرآن بأنه: "العلم الذي يتناول الأبحاث المتعلقة بالقرآن من حيث معرفة أسباب النزول، وجمع القرآن وترتيبه، ومعرفة المكي والمدني، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، إلى غير ذلك مما له صلة بالقرآن"، ويمكن تسمية علوم القرآن باسم أصول التفسير لأنه يحتوي ويشمل العلوم التي يستند إليها المفسر والمباحث التي يحتاج إليها في تفسيره، وتعريف علوم القرآن السابق هو ذكر لأقسام علوم القرآن فكل علم منها له تعريف وقواعد خاصّة وضعها علماء الإسلام وألّفوا فيها كتبًا كثيرة وجليلة.[٢]

موضوعات علوم القرآن

إن تعريف علوم القرآن وإحصاء عدد هذه العلوم وبيان فحوى الموضوعات التي شملتها علوم القرآن مما اعتنى العلماء به أشدّ العناية؛ فقد أوصل الزركشي في كتابه المسمّى "البرهان في علوم القرآن" عدد هذه العلوم إلى سبعةٍ وأربعين نوعًا، وقال مختتتمًا الحديث في هذا الشأن: "واعلم أنه ما من نوع من هذه الأنواع إلا ولو أراد الإنسان استقصاءه لا ستفرغ عمره ثم لم يحكم أمره" أما الحافظ السيوطي فقد أوصل عدد علوم القرآن في كتابه "الإتقان في علوم القرآن" إلى ثمانين نوعًا، وقال عنها: "فهذه ثمانون نوعاً على سبيل الإدماج ولو نوعت باعتبار ما أدمجته في ضمنها لزادت على الثلاثمائة، وغالب هذه الأنواع فيها تصانيف مفردة وقفت على كثير منها".[٤]

وبالرغم من تنوّع موضوعات علوم القرآن وتعدادها الكبير إلا أنه يمكن إرجاع هذه الموضوعات إلى أربعة علوم رئيسة؛ وهي علم نزول القرآن أي العلم الذي يبحث في مصدر القرآن الكريم والوحي وأحداث نزوله، وعلم الرسم القرآني ونسخه وترتيب سوره وآياته، أما العلم الثالث فهو علم القراءات القرآنية والتلاوة والتجويد، ورابع هذه العلوم هو علم التفسير وما يتعلّق به من إعجاز ومباحث فضائل القرآن.[١]

أشهر الكتب المؤلفة في علوم القرآن

حرص المسلمون قديمًا وحديثًا على التأصيل والتفصيل في علوم القرآن فأوضحوا تعريف علوم القرآن وبذلوا جهود عظيمة في مجالاته فأثمرت هذه الجهود كُتبًا قيّمة في علوم القرآن، من أبرزها وأجعها كتابي البرهان والإتقان الذين تمّت الإشارة إليهما مُسبقًا، وقد ألف ابن الجوزي في علوم القرآن كتابًا أسماه "فنون الأفنان في علوم القرآن" وغيره من المؤلفات، أما البلقيني فقد حمل كتابه اسم "مواقع العلوم من مواقع النجوم" ولم يكن علماء العصر الحديث بمنأى عن التأليف في هذا المجال؛ فقد ألّفوا الكثير من الككتب فيما يأتي أبرزها:[٣]

  • التبيان في علوم القرآن: تأليف لشيخ طاهر الجزائري.
  • منهج الفرقان في علوم القرآن: تأليف الشيخ محمد علي سلامة.
  • مناهل العرفان في علوم القرآن: تأليف الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني.
  • مباحث في علوم القرآن: تأليف الدكتور صبحي الصالح.
  • من روائع القرآن: تأليف الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.
  • مباحث في علوم القرآن: تأليف الأستاذ منّاع القطان.

المراجع

  1. ^ أ ب غانم قدروي الحمد (1423هـ - 2003م)، محاضرات في علوم القرآن (الطبعة الأولى)، الأردن- عمّان: دار عمار، صفحة 7. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج "مباحث في علوم القرآن"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 08-12-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "كتاب: الواضح في علوم القرآن"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 08-12-2019. بتصرّف.
  4. " علوم القرآن...تعريفها، نشأتها، تدوينها"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 08-12-2019. بتصرّف.
5217 مشاهدة
للأعلى للسفل
×