محتويات
ما هو عيد الأضحى ومتى يصادف قدومه؟
عيد الأضحى هو أحد الأعياد التي يحتفل بها المسلمون، فمتى يُصادف قدومه؟ وفي أيّ سنة كان تشريعه للأمة المحمّدية؟ وما سبب تسميته بهذا الاسم؟ وهل له أسماء أخرى؟ وما الحكمة من تشريعه؟ وما هي آدابه وأحكامه وسننه؟ في هذا المقال سيُجاب عن هذه الأسئلة جميعها.
العيد هو اسم لكل يوم يجتمع فيه الناس، وهو مشتق من الفعل عاد يعود، وسُمّي عيدًا لأنّه يعود في كل عام، وقيل سُمّي عيدًا من العادة، لأنّ الناس اعتادوه، والجمع أعياد،[١] وعيد الأضحى هو أحد أعياد المسلمين، ويصادف قدومه في العاشر من شهر ذي الحجة في اليوم التالي لوقوف الحجاج بعرفة،[٢] وعيد الأضحى أربعة أيّام، يوم النحر وثلاثة أيّام التشريق.[٣]
متى شرع الله تعالى عيد الأضحى؟
كان تشريع عيد الأضحى للمسلمين في السنة الثانية للهجرة، فلمّا قدم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة كان للأنصار عيدان يحتفلون بهما، وهما عيد النيروز وعيد المهرجان، فأبطل الإسلام هذه الأعياد وأحلّ محلّها أعيادًا لها ارتباطات بعبادات المسلمين، وهما عيد الفطر وعيد الأضحى، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (كانَ لأهْلِ الجاهليَّةِ يومانِ في كلِّ سنَةٍ يلعَبونَ فيها فلَمَّا قدمَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- المدينةَ قالَ كانَ لَكُم يومانِ تلعَبونَ فيهِما وقد أبدلَكُمُ اللهُ بِهِما خيرًا منهُما يومَ الفطرِ، ويومَ الأضحى).[٤][٥]
لماذا سمي عيد الأضحى بهذا الاسم؟
يُسمّى يوم عرفة بعيد الحجاج،[٦] ويُسمّى عيد الأضحى بعيد النحر،[٧] ويُطلق عليه أيضًا في بعض الدول العربية اسم "العيد الكبير"،[٨] وعيد الأضحى هو يوم ذبح المسلمين للأضاحي طاعةً لربّهم وامتثالًا لأمره،[٩] وقد ورد في سبب تسميته بالأضحى أنّه يُسمّى بالأضحى لأنّ الصلاة فيه تكون وقت الضحى، أو لذبح الأضاحي فيه حيث تُذبح الأضحية في وقت الضحى، وهذا في الغالب وليس من اللازم والواجب.[١٠]
وذبح الأضاحي في العيد هو بسبب فداء عظيم حصل مع أحد الأنبياء الكرام وهو إسماعيل -عليه السلام- ابن النبي إبراهيم الخليل، حيث سأل النبي إبراهيم ربّه أن يرزقه ولدًا وقد كان كبيرًا في السن، فأعطاه الله -تعالى- ما طلب ورزقه بإسماعيل، ولمّا كبر إسماعيل وصار صبيًّا رأى النبي إبراهيم في منامه أنّه يذبح ابنه، ومن المعلوم أنّ رؤية الأنبياء حقّ، فأخبر النبي إبراهيم ابنه بما رأى فامتثل الابن لما أراد الله -تعالى-، وقد خلّد القرآن الكريم هذه القصّة.[١١]
قال تعالى: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ* فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ* وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)،[١٢] فلمّا جهّز إبراهيم وسائل الذبح وأضجع ابنه ليذبحه؛ نزل الفداء من السماء، والمسلمون يذبحون الأضاحي إحياءً لذكرى هذا الفداء العظيم.[١١]
الحكمة من تشريع عيد الأضحى
يأتي عيد الأضحى في اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو اليوم التالي ليوم عرفة عندما يقف الحجاج على جبل عرفة ويؤدّون هذا النسك العظيم من مناسك الحج، وقد شُرعت الأعياد للأمّة الإسلامية؛ كي يظهروا الفرح والسرور بتمام نعمة الله - تعالى- وكمال رحمته عليهم، فعيد الأضحى يأتي بعد تمام الحج، ويوم عرفة هو يوم العتق من النار وغفران الذنوب وليس هناك يوم آخر يُعتق فيه العباد من النار كهذا اليوم، وحريٌّ بالمسلمين أن يفرحوا بهذا اليوم؛ فجاء عيد الأضحى في اليوم التالي له، فهو العيد الأكبر الذي يُكمل فيه الحجاج أداء مناسك حجّهم.[١٣]
أحكام وآداب في عيد الأضحى
إنّ لعيد الأضحى أحكاماً وآداباً كثيرة ومنها:[١٤]
التكبير في العيد
التكبير في عيد الأضحى من آدابه وسننه، ويُشرع التكبير من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيّام التشريق؛ وهو اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة، فقد قال -تعالى-: (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)،[١٥] وصيغة التكبير في عيد الأضحى هي: "الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد"، ويجهر الرجال بهذا التكبير في الأسواق والطرقات والمنازل عقب الصلوات، إظهارًا للعبودية لله سبحانه وشكرًا له على نعمه وآلائه.
لمعرفة تهليلات عيد الأضحى الاطّلاع على: (تهليلات عيد الأضحى)
ذبح الأضاحي
ذبح الأضاحي في عيد الأضحى من السنن المؤكدة على المستطيع، ويبدأ ذبح الأضاحي بعد تأدية صلاة العيد، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن ذَبَحَ قَبْلَ أنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى، ومَن لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ)،[١٦] ويستمر الذبح طيلة أيّام العيد، حيث يمكن للمضحّي أن يذبح أضحيته في يوم النحر أو أي يوم من أيّام التشريق الثلاثة، ولكن يجب أن تُذبح الأضحية قبل غروب شمس آخر يوم من أيّام التشريق، فبهذه الساعة ينتهي وقت الأضحية.
الذهاب إلى صلاة العيد
تعدّدت أقوال العلماء في حكم صلاة العيد، فقيل صلاة العيد واجبة على المسلمين وذلك لقوله -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)،[١٧] وقيل هي فرض كفاية، وقيل أيضًا إنّها سنّة مؤكّدة، فيُستحسن للمسلم أن يُحافظ على هذه العبادة الجليلة، فيبدأ يوم العيد بالذهاب إلى الصلاة -ويُستحب له أن يذهب ماشيًا- واللقاء مع إخوته وأحبائه ثمّ حضور الخطبة، ففي ذلك إظهار لتلاحم المسلمين وقوة ترابطهم.
وقد ثبت عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: (أنّ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كانَ يَخْرُجُ يَومَ الفِطْرِ والأضْحَى إلى المُصَلَّى، فأوَّلُ شيءٍ يَبْدَأُ به الصَّلَاةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، والنَّاسُ جُلُوسٌ علَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ، ويُوصِيهِمْ، ويَأْمُرُهُمْ).[١٨]
لمعرفة كيفية صلاة عيد الأضحى الاطّلاع على: (كيفية صلاة عيد الأضحى)
الأكل من الأضحية
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لا يأكل شيئًا قبل صلاة عيد الأضحى حتّى يعود ويأكل من أضحيته، وعدم الأكل قبل الصلاة والانتظار حتّى ذبح الأضحية والأكل منها يعدّ الاقتداء بهدي النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، روى بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنه-: (أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كان لا يَخرُجُ يومَ الفِطرِ حتى يَطعَمَ، وكان لا يَأكُلُ يومَ النَّحْرِ شيئًا حتى يَرجِعَ فيَأكُلَ من أُضحيَتِه).[١٩]
شهود النساء والأطفال صلاة العيد
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يأمر الجميع بحضور العيد كبارًا وصغارًا، رجالًا ونساءً، فعن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: (أَمَرَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أَنْ نُخْرِجَهُنَّ في الفِطْرِ وَالأضْحَى، العَوَاتِقَ، وَالْحُيَّضَ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فأمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ، وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ، وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ).[٢٠]
مخالفة الطريق
من السنّة الذهاب لصلاة العيد من طريق والعودة من طريق آخر للقاء أكبر قدر من المسلمين، وقد كان هذا فعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّه قال: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خرجَ إلى العيدينِ رجعَ في غيرِ الطريقِ الذي خرجَ منهُ).[٢١]
الغسل والتطيب للرجال
من السنّة أن يغتسل المسلم يوم عيد الأضحى، ويخرج الرجل إلى المصلى متطيّبا، أمّا المرأة فلا يجوز لها وضع الطيب ثمّ الخروج من البيت.
إظهار السرور والتهنئة بالعيد
إظهار السرور والفرح بالعيد وتهنئة المسلمين به من الآداب التي ينبغي المحافظة عليها في العيد، فهي من فعل الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- ومن آدابهم.
المراجع
- ↑ سليمان بن سالم السحيمي، كتاب الأعياد وأثرها على المسلمين، صفحة 19. بتصرّف.
- ↑ سليمان بن سالم السحيمي، كتاب الأعياد وأثرها على المسلمين، صفحة 167. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 12124. بتصرّف.
- ↑ رواه النسائي، في سنن النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1556، صححه الألباني.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 265-266. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة العقدية، صفحة 22. بتصرّف.
- ↑ أحمد الخليل، كتاب شرح زاد المستقنع للخليل، صفحة 245. بتصرّف.
- ↑ أحمد مختار عمر، كتاب معجم اللغة العربية المعاصرة، صفحة 1572. بتصرّف.
- ↑ ابن عثيمين، كتاب فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام، صفحة 387. بتصرّف.
- ↑ القاضي عياض، كتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة، صفحة 475. بتصرّف.
- ^ أ ب النووي، كتاب الإيضاح في مناسك الحج والعمرة، صفحة 32. بتصرّف.
- ↑ سورة الصافات، آية:102-107
- ↑ "الحِكمةُ من تشريعِ العِيدينِ"، الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 12/7/2021. بتصرّف.
- ↑ "أحكام وآداب عيد الأضحى المبارك"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 12/7/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:203
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جندب بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:5526، حديث صحيح.
- ↑ سورة الكوثر، آية:2
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:965، صحيح .
- ↑ رواه الدارقطني، في سنن الدارقطني، عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، الصفحة أو الرقم:1715، حسن.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم عطية نسيبة بنت كعب، الصفحة أو الرقم:883، حديث صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان ، في صحيح ابن حبان ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: ، أخرجه في صحيحه .