تفسير (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة)

كتابة:
تفسير (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة)

تفسير (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة)

قال -تعالى-: (فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا).[١]أي جاء من بعد الأنبياء أقوام آخرين ثمّ ذُكر صفات هؤلاء الأقوام فقال -تعالى-: (أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ)،[١] أيّ إنّهم أضاعوا وتركوا أوامر الله -تعالى- ومنها عمود الدين وهي الصلاة و قاموا باتّباع شهواتهم والانجرار وراء ملذات الدنيا.[٢]

وكان مصيرهم كما ذُكر في الآية الكريمة: (فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا)،[١] أيّ خسراناً يوم القيامة، وتعددّت أقوال العلماء في إضاعة الصلاة فمنهم من قال تركها بالكلية، ومنهم من قال تأخير الصلاة عن وقتها،[٢] وقال قَتَادَة أنّ "الخَلف" يَعْنِي: اليَهُودَ"،[٣] وعن إسماعيل السُّدِّيّ، أنّ المقصود بالخلف "هم اليهود والنصارى".[٤]

تعريف الصلاة وحكمها

تعرّف الصلاة لغة بأنّها الدعاء، وأمّا اصطلاحاً فهي "أقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم"،[٥] وتعد الصلاة عمود الدين وهي ركن من أركان الإسلام، فهي واجبة على كل مسلم، بالغ، عاقل، وترك الصلاة من الكبائر، ومن تركها تكاسلاً فهو فاسقا، ومن تركها منكراً لوجوبها جاحداً بها فهو كافر،[٦] وقد ذُكر وجوبها في القرآن الكريم، والسنّة النبويّة والإجماع.[٥]

مشروعية الصلاة

ذُكرت مشروعية الصلاة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية، والإجماع وفيما يأتي بيانٌ لذلك:[٧]

  • قال -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).[٨]
  • قال -تعالى-: (فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّـهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ).[٩]
  • قال -تعالى-: (إنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا).[١٠]
  • قال -تعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ).[١١][١٢]
  • ورد عن ابن عمر -رضيَ الله عنهما- عن النبي -صلّى الله عليه وسلم- أنه قال: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ).[١٣]
  • قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلم- لمعاذ -رضيَ الله عنه- حين بعثه إلى اليمن: (إنَّكَ سَتَأْتي قَوْمًا أهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إلى أنْ يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ).[١٤]
  • أجمعت الأمة الإسلاميّة على وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة.

حكمة تشريع الصلاة

فرض الله -تعالى- الصلاة على المسلمين لحكم عديدة سواء ظهرت لنا أم لم تظهر، ومن بعض هذه الحِكم ما يأتي:[١٥]

  • إظهار العبودية لله -تعالى-، فهي صلة بين العبد وربّه.
  • تكفير السيئات ورفع الدرجات، وذلك لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: (مثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ، غَمْرٍ علَى بَابِ أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ).[١٦]
  • وسيلة للفوز برضا الله -تعالى- والسعادة في الدنيا والآخرة، قال -تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ).[١٧]
  • الطمأنينة في القلب والسكينة، قال -تعالى-: (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا*إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا*وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا*إِلَّا الْمُصَلِّينَ).[١٨]

المراجع

  1. ^ أ ب ت سورة مريم، آية:59
  2. ^ أ ب عبدالعزيز الراجحي، كتاب شرح تفسير ابن كثير الراجحي، صفحة 3. بتصرّف.
  3. ابن أبي زمنين، كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين، صفحة 100.
  4. مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة التفسير المأثور، صفحة 140.
  5. ^ أ ب وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 653.
  6. "ما حكم تارك الصلاة؟"، دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 18/2/2022.
  7. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 653-654.
  8. سورة البينة، آية:5
  9. سورة الحج، آية:78
  10. سورة النساء، آية:103
  11. سورة البقرة، آية:238
  12. مجموعة من المؤلفين، كتاب خطب مختارة، صفحة 166.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:16، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1496، صحيح.
  15. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 655-656.
  16. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:668، صحيح.
  17. سورة المؤمنون، آية:1-2
  18. سورة المعارج، آية:19-21
3315 مشاهدة
للأعلى للسفل
×