علم التفسير
إنَّ مصطلح التفسير يدلّ في معناه اللغوي على: الكشف والبيان والإيضاح والشرح، وهذه الكلمة مستخدمة في مجالاتٍ عدّة؛ ومن أهمّ استعمالاتها إضافتها إلى القرآن الكريم، فيُقال: تفسير القرآن الكريم، ويعني: "توضيح معانيه، وبيان وجوه البلاغة والإعجاز فيه، وشرح ما انطوت عليه آياته من أسباب نزول وعقائد وحكم وأحكام"، وعلم التفسير هو: "هو العلم الذي يختص بتفسير آيات القرآن الكريم بالشرح والتفصيل"،[١] وقيل أنّ أصل كلمة التفسير مقلوبة من الجذر الثلاثي "سفر" وتعني الكشف، وقد عرّف أبو حيّان علم التفسير فقال: "علمٌ يبحث عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، ومدلولاتها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التي تُحمل عليها حالة التركيب وتتمّاتٍ لذلك"، وهذا التعريف جامع لكلّ العلوم المختصّة بالقرآن كعلم القراءات والبلاغة والصرف والنحو والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول، وسيتم في هذا المقال تفسير آيات الصيام.[٢]
تفسير آيات الصيام
إنّ مشروعية الصيام وفرضه على العباد جاءت بنصّ القرآن الكريم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}،[٣] وقد اعتنى أهل العلم بتفسير آيات الصيام لما احتوته هذه الآيات الكريمات من الأحكام المختصّة بركنٍ عظيم من أركان الإسلام وهو صوم رمضان، فمعنى {كُتِبَ} أي فُرِض وأوجب،[٤] وقوله: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} يدلّ أن الصيام فُرض على أمّة محمد كما كان مفروضًا على الأمم السابقة، أمّا عن كيفية صيام الأمم السابقة فقد وردت أحاديث وآثار تبيّن أن صيام الأمم السابقة كصيام المسلمين من حيث الكيفية،[٥] وفي قوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ربط بين التقوى والصيام فالتقوى هي الحكمة والثمرة المرجوّة من الصيام، لأنّ الامتناع عن الطعام والشراب والشعور بالجوع يُقلّل من جريان الشيطان في دم الإنسان، والصيام يعزّز الشعور بمراقبة الله في النفس ويزيد من شعور المسلم بأخوته من الفقراء والمساكين.[٦]
وقوله:{أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ} أي: أيّامًا محصورات يمكن عدّها،[٧] وفي قوله: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} دليلٌ على أنّ المرض والسفر هي أعذار مبيحة للإفطار في شهر رمضان،[٨] ويقضي الإنسان الأيّام التي أفطرها في رمضان متى تسنّى له ولا يُشترط التتابع،[٩] وقوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} هذا مختص بما قبل وجوب الصيام حيث كان الإفطار مسموح والفدية هي إطعام مسكين عن كلّ يومٍ يُفطر فيه المسلم؛ ولكنّ هذا الحكم نُسخ بوجوب صيام القادر على الصيام ولم تعد الفدية مجزئة عن الإفطار، وقد قال العلماء أنّ الصحابة في بداية تشريع الصيام لم يكونوا قد تدرّبوا عليه فكان هذا الحكم خاصًّا بتلك الفترة من التشريع،[١٠] وقوله:{فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ} يعني أنّ من زاد في الفدية ولم يقتصر على إطعام مسكينٍ واحد بل أطعم أكثر من ذلك فهو خيرٌ له،[١١] وقوله: {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} أيّ أنّ صيام الصحابة في تلك الفترة خيرٌ لهم من الأخذ بالرخصة وهي الإفطار مع دفع الكفّارة.[١٢]
أنواع الصيام
بعد أن تمّ تفسير آيات الصيام تجدر معرفة أنّ للصيام أنواع؛ وأنواع الصيام أربعة: فأولّها هو صيام شهر رمضان وحكم هذا النوع من الصيام هو الفرض والوجوب سواءٌ كان الصيام في الوقت المخصّص له وهو شهر رمضان أو أن يكون الإنسان قد اضطر للإفطار فيه لوجودٍ عذرٍ ما فيلزم حينها بقضاء أيّام إفطاره، أمّا النوع الثاني وهو صومٌ واجبٌ كذلك وهو صوم الكفّارات، ومن هذه الكفّارات كفّارة اليمين وكفّارة ارتكاب محظور من محظورات الحج، وصوم النذر الذي يفرضه الإنسان على نفسه هو النوع الثالث من أنواع الصيام وحكمه الوجوب والإلزام، أمّا النوع الأخير فحكمه الندب والاستحباب ولفاعله أجرٌ كبير إلّا أنّ تاركه لا يؤثم؛ وهو صوم التطوّع وأمثلته كثيرة كصيام ستّة أيّام من شهر شوّال وصيام يوم عرفة.[١٣]
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى يتحور في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-03-2020. بتصرّف.
- ↑ "مــعنـى التـفـســيـــــر في اللغة والإصـطـلاح"، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-03-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 183- 184.
- ↑ "دروس للشيخ مصطفى العدوي"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-03-2020. بتصرّف.
- ↑ "دروس للشيخ مصطفى العدوي"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-03-2020. بتصرّف.
- ↑ "دروس للشيخ مصطفى العدوي"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-03-2020. بتصرّف.
- ↑ "دروس للشيخ مصطفى العدوي"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-03-2020. بتصرّف.
- ↑ "دروس للشيخ مصطفى العدوي"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-03-2020. بتصرّف.
- ↑ "دروس للشيخ مصطفى العدوي"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-03-2020. بتصرّف.
- ↑ "دروس للشيخ مصطفى العدوي"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-03-2020. بتصرّف.
- ↑ "دروس للشيخ مصطفى العدوي"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-03-2020. بتصرّف.
- ↑ "دروس للشيخ مصطفى العدوي"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-03-2020. بتصرّف.
- ↑ "أنواع الصيام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-03-2020. بتصرّف.