محتويات
تفسير آية (إلا إبليس كان من الجن)
ذكر الآية الكريمة وتفسيرها
قال الله -عز وجل-: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا)،[١]وتفسير هذه الآية الكريمة عند المفسرين بما يأتي:
- قوله -تعالى-: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ)
وإذ قلنا أي: واذكر يا محمد -صلى الله عليه وسلم- إذ أوحينا إلى الملائكة؛ ولذلك قال الله -تعالى- قلنا بصيغة الجمع، ولم يقل قلت بصيغة المفرد؛ لأن قلنا بصيغة الجمع تدل على تعظيم وتبجيل الله -تعالى-.[٢]
والملائكة هم خلق من خلق الله -تعالى-، وهم في عالم الغيب، لا تدركه حواسنا، خُلقوا من نور، لا يأكلون ولا ينامون، ولا يملون، ولا يفترون، ولا ينقطعون من العبادة، وليست عندهم غرائز الشهوات، وهم منزهون عن الآثام والمعاصي، وكلهم الله -تعالى- بأعمال عديدة ومتنوعة.[٣]
- قوله -تعالى-: (اسْجُدُوا)
السجود: هو الخضوع، وترغيم الجبهة، واختلف العلماء في كيفية السجود، ذهب فريق إلى أن السجود؛ هو السجود الذي يكون في الصلاة؛ وهو بوضع الجبهة على الأرض، وذهب فريق من العلماء إلى أن السجود يكون لله -عز وجل-، ويكونآدم -عليه السلام- كالقبلة.[٤]
وفريق قال: السجود هنا الاعتراف بالفضل، أي الاعتراف بأن آدم -عليه الصلاة والسلام- أفضل منهم، ومنهم من قال: أن السجود هنا بمنزلة التحية، ومع ذلك الاختلاف؛ فإن العلماء متفقون على أن السجود لم يكن عبادة لآدم، وإنما كان احتراماً وإجلالاً لآدم -عليه السلام-، والصحيح من أقوال العلماء والله -تعالى- أعلم؛ أن معنى اسجدوا هو امتثلوا وافعلوا؛ ما أمر به الله -تعالى-.[٥]
- قوله -تعالى-: (إِلَّا إِبْلِيسَ)
اختلف المفسرون في هل كان إبليس من الملائكة، أم هو من الجن؟، والصحيح أنه من الجن، وهو أبو الجن، كما أن آدم هو الإنس، وذلك؛ لأن الآية الكريمة بيّنت وصرّحت بأنه من الجن، وجاءت آيات أخرى بهذا الاستثناء دون هذا التصريح، فهذا الاستثناء هو استثناء منقطع، أي إنّ المستثنى (إبليس) ليس من جنس المستثنى منه (الملائكة)، فهو استثناء منقطع كما يسمونه علماء اللغة.[٦]
- قوله -تعالى-: (كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)
أي خرج عن طاعته، وخروجه عن طاعة الله -عز وجل-؛ بمعنى امتنع وأعرض عن امتثال أمر الله -عز وجل-، واستكبر على آدم -عليه الصلاة والسلام-، قال الله -عز وجل-: (قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ).[٧][٨]
- قوله -تعالى-: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ)
أي كيف تتخذون الشيطان وذريته (نسله) أولياء من دون الله -عز وجل-، وهم عدو لكم ولأبيكم آدم، وهو الذي أخرج أبويكم من الجنة، وهنا الاستفهام استنكاري؛ بمعنى أن الله -عز وجل- ينكر اتخاذ الشيطان وذريته أولياء.[٩]
- قوله -تعالى-: (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)
أي بئس إبليس الذي اتخذتمونه بدلاً عن الله -عز وجل-؛ فخبتم وخسرتم.[١٠]
ما ترشد إليه الآية الكريمة
ترشد الآية الكريمة إلى ما يأتي:
- امتثال أمر الله -عز وجل-
على المسلم أن يمتثل أوامر الله -عز وجل-، وأن لا يخرج عن طاعته.
- عدم التكبر على خلق الله -عز وجل-
وذلك؛ لأن التكبر هو من صفات الله -عز وجل-، ولا يجوز لأحد أن يتصف بهذه الصفة، كما أن التكبر والغرور هو أخرج إبليس
من رحمة الله -عز وجل-.
- وجوب موالاة الله -عز وجل-
وعدم موالاة الشيطان وذلك؛ لأن الله عز وجل- الذي يرحمنا ويريد لنا النفع والخير، وأن الشيطان يريد لنا الضر والشر، ويأمرنا بالفحشاء.
المراجع
- ↑ سورة الكهف، آية:50
- ↑ محمد القرطبي (1384)، الجامع الأحكام القرآن (الطبعة 2)، القاهرة:دار الكتب المصرية، صفحة 291، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سيد سابق، العقائد الإسلامية، بيروت:دار الكتاب العربي، صفحة 111، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد القرطبي (1384)، الجامع الأحكام القرآن (الطبعة 2)، القاهرة:دار الكتب المصرية، صفحة 293، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد القرطبي (1384)، الجامع الأحكام القرآن (الطبعة 2)، القاهرة:دار الكتب المصرية، صفحة 293، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ الحسين البغوي (1417)، https://shamela.ws/book/41/81 معالم التنزيل في تفسير القرآن (الطبعة 4)، صفحة 81 82، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية:12
- ↑ إبراهيم القطاني، تيسير التفسير، صفحة 377، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن السعدي (1420)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (الطبعة 1)، صفحة 479، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد القرطبي (1384)، الجامع الأحكام القرآن (الطبعة 2)، القاهرة:دار الكتب المصرية، صفحة 420، جزء 10. بتصرّف.