تفسير آية (اجتنبوا كثيرًا من الظن إنّ بعض الظنّ إثم)

كتابة:
تفسير آية (اجتنبوا كثيرًا من الظن إنّ بعض الظنّ إثم)

معنى الظن لغة واصطلاحًا

الظن لغة: جمع ظنون وأظانين، وهو التردد الراجح، ويكون طرفا الشيء الذي نعتقده غير جازم يقين وشك، ويمكن أن نضعه موضع العلم، والظن في الاصطلاح: هو الاعتقاد الراجح ويمكن النقيض، ويحتمل الظن اليقين والشك، ويقال إنه أحد طرفي الشك ولكن من جهة الرجحان،[١]وقد ورد لفظ الظن في القرآن الكريم ثماني مرات بمعنى اليقين، كقوله -تعالى-: ﴿إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾،[٢] والظن درجة من درجات العلم ولكنه لا يصل إلى اليقين.[١]

تفسير آية (اجتنبوا كثيرًا من الظن إنّ بعض الظنّ إثم)

ورد في هذه الآية النهي عن الكثير من الظن أي أن هناك ظناً لم يتم النهي عنه؛ كما أن هناك ظنونًا محظورةً، كسوء الظن بالله، وسوء الظن بالمسلمين؛ فالظن الذي دليله يقيني وجب الأخذ به، وقد يكون الظن مباحاً، وقد يكون مندوباً إليه، والأفضل لنا أن نجتنب الظن.[٣]

ونهت هذه الآية عن الظن السيء؛ أي نكون على جانب منه، ولا نظن بالناس سوءاً؛ لأن الظن أمر غير محقق منه، وكلمة كثيراً في الآية لنحتاط ونتورع عند الظن، فيجب على المسلم ألا يظن إلا الظن الحسن، قال -تعالى-: (لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا).[٤]

ويجب على المؤمن الستر إذا شاهد من أخيه المؤمن شيئاً؛ فالله -عز وجل- ستره، وظن الخير بالمؤمن ليس منهياً عنه؛ بل هو حق أن تظن به خيراً، وظن السوء يجلب الإثم والعقاب لصاحبه، وهناك قاعدة أصولية تقول: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"؛ أي عندما نجتنب كثيراً من الظن، عندها نعلم أننا قد اجتنبنا بعض الظن الذي فيه إثم؛ فالظن يلقيه الشيطان في القلب، فما لم تشاهده بعينك أو تسمعه بأذنك، لا ينبغي أن تأخذ به، وتلقيه بعيداً عنك؛ لأن هذا من عمل الشيطان ليوقع بينك وبين أخيك المسلم، فأبعده عنك بأن تبعد عن الظن.[٥]

وفي مجتمعنا الآن سوء الظن شائع كثيراً، فما يلبث أن يقع أمرٌ، إلا بدأ الناس يتداولون الكلام فيه، وقد يقعون في أعراض بعضهم، ويطعنون فيها بغير حجة ولا دليل، وإنما بسبب ظنون وضعوها وأخذوا يتداولونها بغير وجه حق وهذا ظلم، وإثم يقع فيه الكثير من الناس؛ فينبغي على المؤمن تجنب الظنون التي لا تستند إلى دليل، وأن لا يظن بغيره إلا الخير.[٥]

معنى الظن في القرآن الكريم

ورد معنى الظن في القرآن الكريم على خمسة أوجه وهي:[٦]

  • الشك

ومثال ذلك قوله -تعالى-: (إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾.[٧]

  • اليقين

كقوله -تعالى-: (وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ).[٨]

  • التهمة

كقوله -تعالى-: ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾.[٩]

  • الحسبان

كقوله -تعالى-: (إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ﴾.[١٠]

  • الكذب

كقوله -تعالى-: (إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾.[١١]

المراجع

  1. ^ أ ب مجموعه من المؤلفين، موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 429. بتصرّف.
  2. سورة الحاقة، آية:20
  3. الكيا الهراسي، احكام القرآن للكيا الهراسي، صفحة 384. بتصرّف.
  4. سورة النور، آية:12
  5. ^ أ ب محمد اسماعيل المقدم، تفسير القرآن الكريم المقدم، صفحة 12. بتصرّف.
  6. ملتقى اهل لحديث، ارشيف ملتقى اهل الحديث، صفحة 227. بتصرّف.
  7. سورة الجاثية، آية:32
  8. سورة التوبة، آية:118
  9. سورة التكوير، آية:24
  10. سورة الانشقاق ، آية:14
  11. سورة النجم، آية:28
5480 مشاهدة
للأعلى للسفل
×