تفسير آية (ثم السبيل يسره)

كتابة:
تفسير آية (ثم السبيل يسره)

تفسير آية (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) عند الطبري

يشير الله -تعالى- في الآية الكريمة أنه قد يسر وسهل للإنسان السبيل، وأنه -تعالى- قد مهد له الطريق القويم وأرشده إليه، وقد أشار الطبري إلى تعدد آراء أهل التأويل في السبيل والطريق الذي يسره الله للإنسان، على النحو التالي:[١]

  • منهم من قال: هو طريق هبوط الإنسان وخروجه من بطن أمه، أو مغادرته لسبيل رحمها، والذي كان موضع تكوينه.
  • وبعضهم قال: بل معنى ذلك: طريق الحق والخير المرتبط بكل فضيلة وخير، وطريق الباطل والشر المرتبط بكل مذمة وقبيحة.

وقد وضح الله -تعالى- للإنسان كلا الطريقين، وإلى مثل هذا أشار أيضاً قوله -تعالى- في كتابه الكريم: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)،[٢] ثم هداه الله -تعالى- لما يسره له وهو الإسلام، فالسبيل هو سبيل الإسلام، وهو طريق الحق والاستسلام لأمر الله -تعالى-، والخضوع له بفعل أوامره وترك نواهيه.[١]

ثم أشار الطبري إلى أن أولى التفسيرين في ذلك، والذي يراه صواباً قول من قال: هو تيسير وتسهيل هبوط الإنسان من بطن أمه، ويكمن السبب في ذلك بحسب الطبري أن هذا التأويل هو أشبه بسياق الآيات التي قبلها، وذلك أن الآيات التي قبلها وبعدها تخبر عن صفة الله في خلقه، وإتقانه لقواهم الظاهرة والباطنة، وتصريفه لأحوالهم وفق ما تقتضيه حكمته.[١]

تفسير آية (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) في كتاب الوسيط

بعد أن خلق الله -تعالى- الإنسان في أعدل خلق، وأحسن صورة منحه العقل الذي يستطيع معه التمييز والمعرفة والتفكير، والذي بواسطاته يستطيع أن يفرق بين الحق الذي تحبه النفوس والباطل الذي تأنفه النفوس، وبيّن الله -تعالى- لهم طريق الهدى والرشاد، وطريق الضلال والهلاك، وقد أشار الطنطاوي إلى قول بعض أهل التفسير إن المقصود بالسبيل هو مغادرة الإنسان بطن أمه وخروجه للحياة.[٣]

وإن بعضهم من قال إن المقصود بهديناه أي أرشدناه، ووضحنا للإنسان السبيل، وسهلنا عليه القيام به، وفي الآية إشعار بالتراخي الرتبي، فقد جاء العطف بكلمة (ثم) في الآية الكريمة ليفيد ذلك، لأن تسهيل معرفة طريق الحق والباطل أكثر ما يدل على عظمة الله -تعالى- وإتقان صنعه من أي أمر آخر.[٣]

تفسير آية (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) عند ابن عاشور

السبيل: في قوله -تعالى-: (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ)،[٤]قد يفيد ويشير إلى أكثر من أمر كما يأتي:[٥]

  • قد يدل على ما يقوم به الإنسان من أعمال وسلوكيات

وتصرفات، وفي هذا السياق هنالك تشبيه للأعمال، بطريق يمشي فيه الإنسان.

  • وقد يكون فيه دلالة على مسقط ومهبط المولود

من بطن أمه فقد أطلق على ممر هبوط الطفل اسم السبيل، وأشار ابن عاشور أن هذا التفسير والتأويل مناسب لسياق ما بعد الآية الكريمة، فقد أشار -تعالى- أنه أمات الإنسان نظير خلقه له، وأنه أقبر الإنسان وأدخله الأرض نظير تيسير وتسهيل سبيل خروجه من بطن أمه، ويقصد بالتيسير: أي تسهيل الأمور، فالله -تعالى- قد سهل ويسر للإنسان هذا الطريق.

التعريف بالسورة التي وردت فيها الآية الكريمة

ورد قوله -تعالى-: (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ)،[٤] في سورة عبس، وهي مكية بالاتفاق، وهي الرابعة والعشرين في ترتيب نزول السور، ونزلت بعد سورة النجم وقبل سورة القدر، وهي أولى السور من أواسط المفصل؛ والمفصل هي السور القصيرة، وأما عن سبب نزولها فيتمثل في قوله -تعالى-: (عَبَسَ وَتَوَلَّى).[٦][٥]

المراجع

  1. ^ أ ب ت محمد الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، صفحة 223-224. بتصرّف.
  2. سورة الانسان، آية:3
  3. ^ أ ب محمد طنطاوي، كتاب التفسير الوسيط، صفحة 288-289. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سورة عبس، آية:20
  5. ^ أ ب محمد بن عاشور، كتاب التحرير والتنوير، صفحة 123-101. بتصرّف.
  6. سورة عبس، آية:1
3316 مشاهدة
للأعلى للسفل
×