تفسير آية (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل)

كتابة:
تفسير آية (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل)

آية (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل)

قال الله تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ)،[١] وقد وردت هذه الآية الكريمة في سورة الأحقاف؛ وهي سورةٌ مكيَّةٌ، ورقمها ستٌّ وأربعون في ترتيب المصحف العثماني، وهي كذلك السورة السابعة من الحواميم، والأحقاف اسم للمكان الذي كانت تسكنه عاد وهود، وقد أخذهم الله بعذاب شديد بعد تكذيبهم رسلهم.[٢]

تفسير آية (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل)

في الآية خطاب من الله تعالى للنّبي -صلى الله عليه وسلم- يحثّه على الصبر على أذى الكفار، والتّأسّي بالأنبياء السابقين من قبله، عسى الله سبحانه أن يأتي بالفرج القريب، والعزم معناه الحزم والعزيمة والقوة في دين الله تعالى، وكلّ الرسل من أولي العزم، إلّا أنّ بعض الأنبياء كانوا أشدّ بلاءً وأشدّ صبرًا، فأمر الله سبحانه نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يقتدي بهم، قال تعالى: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ)،[٣] وللمفسرين كلامٌ كثير في تحديد أولي العزم؛ فكلّ من ابتلي وصبر على ما ابتليَ به هو من أولي العزم، وأعظم الأنبياء بلاءً وصبرًا خمسة أنبياء، قال الله تعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فيه)،[٤] وقد عانى الأنبياء الآخرون -عليهم السلام- من البلاء وصبروا، فيُضرب المثل بصبر النبيّ أيوب عليه السلام، الذي دام البلاء عليه قرابة ثمانية عشر عامًا وهو صابرٌ محتسبٌ، لم يسخط ولم يغضب، بل ولم يطلب من الله أن يكشف عنه البلاء إلا حين آذاه الناس بكلامٍ واتّهامٍ سيءٍ باطلٍ؛ فالمقصد من الآية ذكر بلاء السابقين من الأنبياء، وفيها أمرٌ للنّبي -صلوات الله وسلامه عليه- أن يقتدي بهم في صبرهم وتحملهم.[٥]

أولو العزم من الرسل وبعض خصائصهم

أولو العزم من الرسل خمسةٌ على أرجح أقوال أهل العلم، وفيما يلي ذكرهم على تفاضلهم.[٦]

محمد عليه الصلاة والسلام

وهو أفضل أولي العزم بلا خلافٍ؛ لشرفه ومنزلته، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، وشرّفه الله تعالى بإعطائه المقام المحمود؛ ويتمثّل بالشفاعة العظمى لأهل الكبائر يوم القيامة إلى غير ذلك من فضائل.[٦]

إبراهيم عليه السلام

وهو خليل الله تعالى، وقد جعله الله قدوة للنّاس يقتدون ويهتدون به، وأجرى على يديه بناء بيته الحرام، وقد أبدل الله تعالى النّار التي أُلقي فيها بردًا وسلامًا عليه.[٦]

موسى عليه السلام

وهو كليم الله تعالى، وقد أرسله الله إلى فرعون وقومه، وأجرى على يديه معجزاتٍ وآياتٍ، ظهرت بهنّ حجته وصدق دعوته، إلّا أنّ فرعون لم يؤمن له.[٦]

عيسى عليه السلام

وهو النّبي الذي اختُص بكونه ولد من أمٍّ دون أبٍ، وخصّه الله تعالى بكلامه في المهد، ورفعه إلى السّماء؛ فهو حيٌّ لم يمت، وهذه خاصيَّةٌ ليست لغيره، وسينزل في آخر الزمان كما دلّ الكتاب والسنّة على ذلك.[٦]

نوح عليه السلام

وهو أول من بعث للناس، وقد لبث في قومه يدعوهم إلى عبادة الله ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا صابرًا محتسبًا، وتحمّل من الأذى ما تحمّله، ومع ذلك ما آمن معه إلا قليلٌ.[٦]

المراجع

  1. سورة الأحقاف، آية:35
  2. "مقاصد سورة الأحقاف"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 1/1/2022. بتصرّف.
  3. سورة الأنعام، آية:90
  4. سورة الشورى، آية:13
  5. احمد حطيبة، تفسيى أحمد حطيبة، صفحة 10. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت ث ج ح "المطلب الثالث: بعض خصائص أولي العزم"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 12/1/2022. بتصرّف.
4974 مشاهدة
للأعلى للسفل
×