تفسير آية (قال علمها عند ربي في كتاب)

كتابة:
تفسير آية (قال علمها عند ربي في كتاب)

آية (قال علمها عند ربي في كتاب)

تحدّثت سورة طه عن قصة النبي موسى وأخيه النبي هارون -عليهما السلام- وقد ورد فيها بعض من الحديث الذي دار بينهما وبين فرعون؛ ومنه قوله -تعالى-: (قالَ فَمَن رَبُّكُما يا موسى* قالَ رَبُّنَا الَّذي أَعطى كُلَّ شَيءٍ خَلقَهُ ثُمَّ هَدى* قالَ فَما بالُ القُرونِ الأولى* قالَ عِلمُها عِندَ رَبّي في كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبّي وَلا يَنسَى).[١]

تفسير العلماء لآية (قال علمها عند ربي في كتاب)

يقول الطبري في تفسير هذه الآية إنّ فرعون بعدما قام النبي موسى -عليه السلام- بوصف شيء من جلال الله -تعالى- وعظيم فضله وإنعامه سأله عن شأن الأمم السابقة التي لم تُقر بوحدانية الله ولم تتوجّه إليه بالعبادة، فأجابه موسى بأنّ علم هذه الأقوام في أم الكتاب وليس عنده منه شيء، فالله -تعالى- لا يضلّ أي لا يُخطئ في تدبيره فإن كان عجّل العذاب أو أخّره فإنّ هذا لحكمة وصواب.[٢]

ويقول المراغي إنّ موسى بعدما أخبر فرعون بأنّ الله -تعالى- هو الذي خلق ورزق وقدّر قام فرعون بالاحتجاج والسؤال عن حال الأمم الماضية كفرعون وقوم ثمود الذين لم يعبدوا الله بل عبدوا آلهتهم الخاصة، فأجابه موسى بأنّ ذلك من علم الغيب المختّص بالله وحده، فالله -تعالى- أحصى أعمال العباد في كتاب دقيق محكم وسيُجازيهم عليها الجزاء العادل.[٣]

وقال السعدي إنّ معنى هذه الآية أنّ الله -تعالى- قد أحصى وكتب جميع أعمال العباد في اللوح المحفوظ وأحاط بعلمه بهم، فلا يضلّ عن شيء من ذلك ولا ينساه، أمّا الأقوام السابقة فقد أفضوا إلى ما قدّموا، وليس هناك معنى لسؤال فرعون عنهم فما جاءه به موسى من الأدلّة والبراهين حريٌّ بأن يُصدّق وأن يجعله ينقاد إلى الحق ويُذعن إليه.[٤]

العبر المستفادة من آية (قال علمها عند ربي في كتاب)

اشتملت الآية على الكثير من الفوائد والعبر، وفيما يأتي بعضٌ من هذه الفوائد:

  • إنّ سؤال فرعون لموسى عن حال الأمم السابقة كان بسبب خوفه من إظهار موسى لمزيد من الأدلة والحجج التي تُبيّن للناس صدقه، وهذا حال أهل الضلال الذين يعملون على صرف أهل الحق عن دعوتهم.[٣]
  • إنّ الداعية لا يلتفت إلى الأسئلة والمشاغل التي تصرفه عن الهدف الرئيس من دعوته، ففرعون أراد شغل موسى بحكايات وقصص لا تتعلّق بشؤون دعوته ولكنّ موسى قطع الطريق عليه وأوكل علم ذلك إلى ربّه -سبحانه-.[٣]
  • إنّ في هذه الآية تبكيت وخيبة لليهود في أنّه ليس من لوازم النبوّة أن يُجيب النبي عن كلّ سؤال، فموسى -عليه السلام- لم يُجب على سؤال فرعون، وهم معترفون بنبوّته.[٥]
  • إنّ علم المخلوقين يعتريه نقصانان وهما أنّهم لا يستطيعون الإحاطة بعلم شيء ما بشكل كامل، وأنّهم ينسون ما تعلّموه بعد فترة، أمّا علم الله -تعالى- فهو شامل وكامل ومحيط لا يعتريه نقص أو خطأ.[٥]
  • استنبط العلماء من هذه الآية مشروعية كتابة العلم وتقييده في الصحف والأوراق.[٥]

المراجع

  1. سورة طه، آية:49-52
  2. الطبري، أبو جعفر، كتاب تفسير الطبري، صفحة 83. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت المراغي، أحمد بن مصطفى، كتاب تفسير المراغي، صفحة 118. بتصرّف.
  4. عبد الرحمن السعدي، كتاب تفسير السعدي، صفحة 507. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت "سورةُ طه"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 3/2/2022. بتصرّف.
8148 مشاهدة
للأعلى للسفل
×