تفسير آية (لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة)

كتابة:
تفسير آية (لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة)

تفسير الآية

يقول الله -تعالى-: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ)،[١] وقد جاءت هذه الآية الكريمة في سياق يبيّن حالين؛ حال الأمر بتقوى الله -عزّ وجلّ- وحال الذين نسوا الله تعالى، فجاءت الآية الكريمة لتبيّن حال الفريقين يوم القيامة، حيث فريقٌ في النار وفريقٌ في الجنّة، فالله تعالى يخبر أنّه لا يمكن المعادلة بين أهل النار الخاسرين وأهل الجنة الفائزين، ولا تستوي المقارنة بينهم؛ لما تقتضيه الجنّة من نعيمٍ وسعادةٍ وما تقتضيه النار من شقاءٍ وتعاسةٍ.[٢]

السياق العام للآية الكريمة

جاءت هذه الآية في سياقٍ عامٍّ يتضمّن مجموعةً من الأفكار والمعاني الأساسيَّة، ومنها ما يأتي:[٣][٤]

  • إنّ المقصود من نفي الاستواء في الآية الكريمة (لَا يَسْتَوِي) هو بيان الفارق العظيم والبون الشاسع بين حال أصحاب النار وحال أصحاب الجنّة؛ فأصحاب الجنّة في نعيمٍ وسعادةٍ وفي غاية الرضا، وأمّا أهل النار ففي تعاسةٍ وشقاءٍ.
  • لقد جاء التذكير بانتفاء التساوي وبيان أنّ مصير أهل التقوى هو الجنة ومصير أهل الكفر هو النار؛ لتنبيه الغافلين الذين عظمت غفلتهم لدرجة أنّهم نسوا الفرق بين أهل الجنّة وأهل النار؛ فجاء التذكير الصريح البسيط لتنبيههم وإيقاظ غفلتهم وإشعال الهمم لديهم للعمل بما يرضي الله تعالى.
  • إنّ من عواقب نسيان الإنسان لخالقه تعالى أن يؤدّي هذا النسيان إلى استحقاق الإنسان للعقوبة الدنيويّة والأخرويّة، قال تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّـهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)،[٥] سواءٌ أكان الناسي كافراً بالله، أو حتى مؤمناً به ولكنه غافلٌ معرضٌ عنه وعن أداء حقوقه، والعقوبة في الدنيا هي أن ينسيهم الله حظوظهم من الخير والعمل الصالح، وأنّ مصيرهم إلى الله تعالى؛ فاقتضى التنبيه على ذلك في هذه الآية.
  • من المناسب جداً قدوم قوله تعالى: (لَوْ أَنزَلْنَا هَـذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّـهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)،[٦] بعد هذا التنبيه؛ ليبيّن مدى قوّة القرآن الكريم في إيقاظ همم الغافلين وإرشادهم وقيادتهم؛ ليكونوا من أهل الجنّة.
  • إنّ نفي التساوي بين أهل النار وأهل الجنّة يوم القيامة يقتضي نفي التساوي بينهم في الدنيا في كثيرٍ من الأحوال، فالمؤمن له سمته الخاصّ، وله منهجه القويم، وله عمله الذي ينشغل به مع الله تعالى، على خلاف الكافر الغافل الذي يتمتع في هذه الدنيا كما تتمتع البهائم.
  • في الآية الكريمة تسليةٌ كبيرةٌ للمؤمنين الذين يشعرون بالظلم والقهر؛ إذ إنّ الله تعالى لن يستوي عنده الظالم والعادل يوم القيامة؛ فمن يستيقظ في الصباح ليطلب رزق الله بالحلال بكدٍّ وتعبٍ، ليس كمن يحتال على الناس ويأكل أموالهم بالباطل ظلماً؛ إذ لا يستوي حال هذا وحال هذا يوم القيامة عند الله؛ ممّا يؤنس الإنسان ويسلي عنه حاله.

الدروس المستفادة

من الدروس والفوائد المستفادة من هذه الآية الكريمة ما يأتي:[٣]

  • التقوى سببٌ رئيسيٌّ لدخول الجنّة، ونسيان الله والغفلة عنه سببٌ رئيسيٌّ لدخول النار.
  • أن ينشغل الإنسان في هذه الدنيا بما يرضي الله تعالى؛ ليكون من أصحاب الجنّة، لا سيما الانشغال بالقرآن الكريم.
  • الاستعداد دائماً للقاء الله تعالى.

المراجع

  1. سورة الحشر، آية:20
  2. الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 114-115. بتصرّف.
  3. ^ أ ب صديق حسن خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 64. بتصرّف.
  4. الطبري، جامع البيان في تأويل آي القرآن، صفحة 300. بتصرّف.
  5. سورة الحشر، آية:19
  6. سورة الحشر، آية:21
6875 مشاهدة
للأعلى للسفل
×