تفسير آية (من يطع الرسول فقد أطاع الله)

كتابة:
تفسير آية (من يطع الرسول فقد أطاع الله)

تفسير آية (من يطع الرسول فقد أطاع الله)

ذُكرت الآية عند الحديث عن المنافقين واليهود الذين نسبوا للرسول أي شؤم يصيبهم، قال -تعالى-: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ)،[١] وتفسير الآية ما يأتي:

  • حين قدم الرسول إلى المدينة عليهِم قالوا: ما زال النقص يزداد في ثمار مزارعنا منذ قدم علينا هذا الرجل وأصحابه، ومعنى: (حَسَنَةٌ): السلامة والأمن، (مِنْ عِنْدِكَ): بشؤمك أو بسوء تدبيرك فأنت حاكم المدينة المسؤول عنها، وكلما أطعناك تضررنا.[٢]
  • جاءت الآية: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا)،[٣] لتخبر الناس بأنَّ محمد: البلاغ، وعلى هذا فإنَّه لا يلتفت لتشويش المشوِّشين، وعلى الجميع طاعة النبي ليس لجلبِ منفعة دنيوية كالسلامة والأمن.

وإنما طاعته لازمة؛ لأنَّها إطاعة لله، ومَن أصدر الأمر والنهي في الحقيقة هو الله، فليست طاعة النبي له بالذات بصفته حاكم المدينة، وإنما هي لمن بلّغ عنه وهو الله عز وجل.[٤]

  • التفتت الآية إلى النبي تطييباً لخاطره -من بعد مقالتهم السيئة في نسبة الشؤم له-، أن لا تحزن وقم بأداء ما عليك من البلاغ ولست عليهم بمسيطر، وما أرسلناك عليهم رقيباً موكلاً بتطويعهم، ولن تُسأل عن سبب عدم طاعتهم لك، فشؤمهم عليهم لن يصيبك منه شيء.[٤]

سبب اقتران طاعة الرسول بطاعة الله

روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أنَّه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ)،[٥] جاء في شرحه: "لأنَّه -صلى الله عليه وسلم- لا يأمر ولا ينهى، إلا بما أمر الله ونهى"،[٦] وعَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: "كَانَ جِبْرِيل ينزل بِالسنةِ كَمَا ينزل بِالْقُرْآنِ".[٧]

ولذلك حين جاء رجل لابن الشخير وقال له: لا تحدثونا إلا بما في ورد في القرآن، فأجابه مطرف: "إنَّا والله ما نريد بالقرآن بدلاً، ولكنَّا نريد من هو أعلم بالقرآن منا".[٨] ومن هنا نفهم لماذا جعل القرآن طاعة الرسول مقترنة اقتراناً تاماً بطاعة الله؟ ومن الممكن الإجابة باستخلاص أسباب ذلك على نقاط، مِن أبرزها ما يأتي:[٩]

  • لأنَّ اللَّه -تعالى- نصَّ بنصٍّ محكم قطعي بالأمر بطاعة الرسول؛ فإذا أطاع العبدُ رسوله فقد أطاع أمر الله بوجوب اتِّباع الرسول.
  • لأنَّ طاعة الرسول شرط قطعي من شروط الإيمان؛ لقوله -تعالى-: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ).[١٠]
  • لأنَّ الرسول إنما يأمر الناس بطاعة اللَّه؛ فحين يطيع الناس الرسول فسيطيعون اللَّه؛ لأنَّه هو الآمر بطاعة الله.
  • لأنَّ الرسول يأمر بأمر الله؛ لذلك كانت طاعته طاعة لله.

ما ترشد إليه الآية

ترشد الآية الكريمة إلى أمور وأبرزها ما يأتي:[١١]

  • يجب على المؤمنين طاعة الرسول بكل ما يأمر وينهي.
  • على المؤمن أن يعرف أن طاعة النبي من طاعة لله -تعالى-.
  • الذي يُعرض عن طاعة الرسول هو في الحقيقة مطيع لهواه، منقاد لشهواته.

المراجع

  1. سورة النساء، آية:78
  2. شمس الدين القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، صفحة 284.
  3. سورة النساء، آية:80
  4. ^ أ ب وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط، صفحة 349. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7137 ، صحيح.
  6. ابن الملك، شرح المصابيح، صفحة 239.
  7. جلال الدين السيوطي، الدر المنثور، صفحة 643.
  8. محمد بن مطر الزهراني، تاريخ تدوين السنة، صفحة 21.
  9. أبو منصور الماتريدي، تأويلات أهل السنة، صفحة 268. بتصرّف.
  10. سورة النساء، آية:65
  11. وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 173. بتصرّف.
5730 مشاهدة
للأعلى للسفل
×