محتويات
تفسير آية (وأعلم من الله ما لا تعلمون)
هذا جزءٌ من آيتين كريمتين في القرآن الكريم، الأولى في سورة الأعراف على لسان نوحٍ -عليه السلام-، يقول الله -تعالى- فيها: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،[١]أما الآية الثانية فهي في سورة يوسف على لسان يعقوب -عليه السلام-، يقول الله -تعالى- فيها: (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،[٢]وفيما يأتي تفسير كل آية منهما.
تفسير آية سورة الأعراف
وردت هذه الآية الكريمة في سياق الحديث عن قصة النبي نوحٍ -عليه السلام- مع قومه، وقد سبقتها ثلاث آياتٍ تحدثت عن إرسال نوحٍ بالنبوّة من الله -تعالى- إلى قومه ليدعوهم إلى عبادة الله -تعالى-، وعدم الإشراك به بعبادة الأصنام، وقد أخبرهم بخوفه عليهم من عذاب الله العظيم يوم القيامة العظيم إذا لم يستجيبوا له، لكن قوم نوحٍ وعلى رأسهم السادة والكبراء لم يستجيبوا له، بل قاموا فوق ذلك بتكذيبه واتهامه بالضلال، فأخبرهم أنه ليس بضالٍ بل هو رسولٌ مبعوثٌ إليهم من الله ربهم ورب كل شيء، لكي ينصحهم ويعلمهم أوامر الله وأحكامه، فإن الله قد علّمه ما لا يعلمونه من علمٍ وهدىً وخيرٍ وتوحيدٍ خالصٍ خالٍ من الشرك.[٣]
تفسير آية سورة يوسف
وردت هذه الآية في سياق الحديث عن قصة يوسف -عليه السلام- مع إخوته، وجاءت جواباً لهم من أبيهم يعقوب -عليه السلام- على ما قالوه له من تأنيب وعتاب في شأن حزنه وبكائه الشديد على يوسف وأخويه من بعده، وقد أصيب بالعمى من كثرة بكائه، فعاتبه أولاده على ذلك بكل فظاظةٍ وغلظةٍ خصوصاً عندما سمعوه ينطق باسم يوسف، فأجابهم بأنه لا يشكو همه وحزنه إلى أحدٍ منهم بل إلى الله -تعالى- وحده، ولا يُظهر هذا الحزن للناس بل هو بينه وبين الله -تعالى-، لأنه يعلم أن الفرج يأتي من عند الله وحده، ولا أحد من الناس يقدر على تفريج همه وإزالة حزنه إلا الله -عز وجل- فهو يعلم ما لا يعلمه أولاده والناس من رحمة الله وفضله وكرمه وإحسانه.[٤]
وقد رُوي في كتب التفسير أن يعقوب -عليه السلام- ظلّ يبكي ثمانين سنةً ويكتم الحزن في قلبه وهو أكرمُ إنسانٍ عند الله في الأرض، وأنه لم يكن يشكو أمره إلى أحدٍ غير الله -تعالى- لأنه كان يعلم أن يوسف لم يمت وأنه حيٌ يرزق، وهذا ما لم يكن يعلمه أحدٌ غيره، وكان يعقوب -عليه السلام- يعلمُ أيضاً بأن رؤيا يوسف ستتحقق بإذن الله، وهي التي أخبرهُ يوسفُ عنها سابقاً، كما قال -تعالى-: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ)،[٥]وهذا الأمر لم يكن يعلمه إخوة يوسف ولا غيرهم من الناس، وإنما علّمه الله ليعقوب -عليه السلام- وأخبره به لأنه نبيُّ الله، والأنبياء يعلمون ما لا يعلمه الناس.[٦]
المراجع
- ↑ سورة الأعراف، آية:62
- ↑ سورة يوسف، آية:86
- ↑ محمد علي الصابوني، مختصر تفسير ابن كثير، صفحة 27-28. بتصرّف.
- ↑ الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 46. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية:4
- ↑ أبو المظفر السمعاني، تفسير السمعاني، صفحة 58. بتصرّف.