تفسير آية (وضربت عليهم الذلة والمسكنة)

كتابة:
تفسير آية (وضربت عليهم الذلة والمسكنة)

تفسير آية (ضربت عليهم الذلة والمسكنة)

معاني الكلمات في الآية

الذلة

الذل يدل على الخضوع، والاستكانة، واللين، فالذل: ضد العز الذي يدل على الحكمة، وهي الأرض الصلبة الشديدة، والذل خلاف الصعوبة،[١] كما أن الذلة تعني الصَّغار، وهي بكسر الذال لا غير، وهي ضد العزة.[٢]

المسكنة

المسكنة مصدرالمسكين، ويُقال: ما فيهم أسكن من فلان، وما كان مسكينًا، ولقد تمسكن مسكنة، ومن العرب من يقول: تمسكن تمسكناً، فتكون المسكنة في مثل هذا الموضع مسكنة الفاقة والحاجة، وصاحب الحاجة والفاقة تظهر عليه سمات الخشوع والذل والصغار،[٣] والمسكنة هي الفقر، وهي مشتقة من السكون؛ لأن الفقر يقلل حركة صاحبه، وتطلق على الضعف، ومنه قول المسكين للفقير.[٤]

التفسير الإجمالي للآية

الآية الكريمة تتحدث عن يهود بني إسرائيل، حيث ألزمهم الله -تعالى- الذلة والمسكنة، وفقدوا البأس والشجاعة والأنفة، وبدا عليهم الفقر والذل والهوان والحاجة، فأخبرهم الله -عز وجل- أنه يقلّب حالهم فيبدلهم بالعز ذلا وبالنعمة بؤسا، جزاء منه لهم على كفرهم بآياته، وقتلهم لأنبيائه ورسله اعتداء وظلما منهم بغير حق، ولعصيانهم له.[٥]

وقد ضُربت عليهم الذلة والمسكنة، ومن رآهم يرى فيهم ذلهم وهوانهم وصغارهم الذي ألزمهم الله إياه؛ أي إنها وُضعت عليهم وأُلزموا بها شرعاً وقدراً، فلا يزالون مستذلّين، وهم مع ذلك في أنفسهم أذلاء متمسكون، وقد قال الضحاك عن ابن عباس: وضربت عليهم الذلة والمسكنة؛ هم أصحاب النيالات؛ يعني الجزية، أي إنهم مجبورون على إعطاء الجزية، ولا يستطيعون منعها لهوانهم وذلّهم وصغارهم.[٦]

وقال الضحاك: وضربت عليه الذلة؛ أي الذل، وقال الحسن: أذلّهم الله فلا منعة لهم؛ أي إنهم في ذِلّةٍ تُلازمهم ومسكنة تظهر على سيماهم، وقد أدركتهم هذه الأمة، حتى إن المجوس تفرض عليهم الجزية ويدفعونها لهم بتذلل وخضوع واستسلام، وقال أبو العالية والربيع بن أنس والسدي: المسكنة تعني الفاقة، وقال عطية العوفي: الخراج، وقال الضحاك: الجزية.[٧]

مكان الآية الكريمة في سور القرآن

هذه الآية هي الآية 61 من سورة البقرة، والآية 112 من سورة آل عمران،[٨] قال الله -تعالى- في سورة البقرة: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ).[٩]

وقال الله -تعالى- في سورة آل عمران: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ).[١٠]

المراجع

  1. أحمد أن فارس، معجم مقاييس اللغة، صفحة 345.
  2. التحرير والتنوير ، محمد الطاهر ابن عاشور، صفحة 528.
  3. محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، صفحة 137.
  4. الطاهر ابن عاشور ، التحرير والتنوير، صفحة 528.
  5. محمد ابن جرير الطبري (1420)، جامع البيان في تأويل القرآن (الطبعة 1)، صفحة 137، جزء 2.
  6. أبو الفداء اسماعيل ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، صفحة 181.
  7. ابو الفداء إسماعيل ابن كثير ، تفسير القرآن العظيم، صفحة 181.
  8. محمد الطاهر ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 143.
  9. سورة البقرة، آية:61
  10. سورة آل عمران، آية:112
3695 مشاهدة
للأعلى للسفل
×