محتويات
تفسير آية الرجال قوامون على النساء
قال -تعالى-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)،[١] يبيِّن الله -عزَّ وجلَّ- في هذه الآية الكريمة أنَّ الرجلَ هو رئيس المرأةِ وحاكمها وهو الذي يقوم بتأديبها إن هي أخطأت واعوجت؛ لأنَّ الرجل أفضلَ من المرأةِ، وله الفضلُ والإفضال عليها بما أوجبه الله -عزَّ وجلَّ- لها من مال الرجلِ، مثل: النفقةِ، والمهورِ، وغيرها.[٢]
سبب نزول آية الرجال قوامون على النساء
ذُكر في سبب نزول هذه الآية الكريمة أنَّ رجلًا لطمَ وجه زوجته، فشكت هذه الزوجةَ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدعاه النبيِّ ليقتصَّ منه، فنزلت هذه الآيةِ الكريمة،[٣] وقد رُوي سبب نزول هذه الآية عن الحسن البصري بإسنادٍ ضعيف، حيث قال: "أنَّ رجلًا لطم وجهَ امرأتِه فأتت النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فشكت إليهِ فقال : القصاصُ فنزلت الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ فتركَه".[٤]
تعريف القوامة
تعرّف القوامة لغةً؛ بأنها القيام بالأمور أو المال، كما أنها تعرف بولاية الأمر، ويطلق على من يُحسن القيام بالأمور قوّام،[٥] وتعرّف القوامة؛ اصطلاحاً بذات التعريف اللغوي، ويُضاف بأن القوامة من كلمة قوم، والقوم هم المجموعة من الناس الذين يجمعهم أمر ما ليفعلوه، وكذلك قوم الرجل هم أقاربه من عصباته، ومن يتبعهم بمنزلتهم من الرجال فقط، وبناءً على ذلك فيشترط في القوامة القوة البدنية أو المالية.[٦]
أحكام تتعلّق بالقوامة
بيّن العلماء عدّة أحكام تتعلّق بالقوامة، وفيما يأتي بيان البعض منها:
حكم القوامة
إنَّ القوامةَ حقٌ خالص للرجلِ دون المرأةِ، ولا يُمكن أن تكونَ المرأةَ قيِّمةً على زوجها، وإن حصل وأنفقت عليه وعلى بيته وأولاده، فإنَّ ذلك لا يُعطيها حقَّ القوامةَ ولا يحرم زوجها من حقِّه في القوامةَ عليها؛ إذ أنَّ المال الذي تنفقه هي يعدُّ من باب الإحسان منها لا أكثر،[٧] لقوله -تعالى-: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا).[٨]
ومن الأدلة الشرعية التي تؤكد أحقيةَ الرجل في القوامة غير الآيةِ الرابعة والثلاثون من سورة النساء أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا صلَّت المرأةُ خمسَها وصامت شهرَها وحفِظت فرجَها وأطاعت زوجَها قيل لها ادخُلي الجنَّةَ من أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شئتِ)،[٩] حيث جعل طاعةَ الزوجةِ لزوجها سببًا من أسباب دخول الجنة.
متى تسقط قوامة الرجل؟
إذا لم يؤدِّ الرجل ما كلّفه به الله تعالى من الأمور المتعلّقة بالقوامة من نفقة وكساء، فإنّ الحق في القوامة يُسلب منه، ويحق المرأة فسخ النكاح بالوسائل التي شرعها الإسلام، حيث إنّ القوامة في الآية القرآنية اشترطت بالإنفاق، وذلك ما نصّ عليه كلٌ من الشافعية والمالكية.[١٠]
ومن الجدير بالذكر أنّ تفضيل الرجل على المرأة بالقوامة لا تعدّ قاعدةً عامةً شاملة للكلّ على حدٍ سواء، فتوجد العديد من النساء اللاتي يتفوقّن على أزواجهن بالعلم، والدين، والعمل، والرأي وغير ذلك من الأمور، وما يدلّ على ذلك الآية القرآنية التي خصّت تفضيل بعض الرجال دون تفضيل جميعهم، حيث قال الله تعالى: (بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ).[١١][١٠]
ما يترتب على القوامة من واجبات
تتمثّل القوامة الزوجية بالعديد من الضوابط التي بيّنها العلماء، فالإسلام أوجب على الزوج أداء عدد من الواجبات، منها: المهر، وهو المال الواجب على الرجل للمرأة بالعقد عليها أو بالوطء، حيث قال الله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا)،[١٢] كما أنّ العلماء أجمعوا على وجوب المهر للزوجة، فالحكمة منه توثيق الزواج الذي يعدّ من أهم العقود وأخطرها، كما أنه يدل على صدق الرجل ورغبته في الزواج والارتباط بالفتاة، ومن الواجبات المقرّرة على الزوج النفقة، حيث إنها تجب بمجرّد إتمام عقد النكاح، وتمكّن الزوج من الاستمتاع بزوجته، حيث قال الله تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا).[١٣]
والواجب على الزوج معاشرة زوجته بالمعروف والخير، حيث قال الله -تعالى-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)،[١٤] والمعاشرة تشمل جميع جوانب الحياة الزوجية والأسرية، فعلى الزوج أن يحسن ألفاظه وحديثه مع زوجته، ويحرص على عدم توجيهها وأمرها بما لا تستيطع وتطيق، وفي المقابل فعلى الزوجة أن تتجمّل لزوجها، وتحرص على فعل الأمور التي تُسعده وتفرحه، وتتجاوز عن الأمور التي تسببّ كدر الحياة، فقد قال القرطبي شارحاً الآية السابقة: "على ما أمر الله به من حسن المعاشرة، والمراد بهذا الأمر في الأغلب الأزواج؛ وذلك توفية حقها من المهر والنفقة، وألا يعبس في وجهها بغير ذنب، وأن يكون منطلقاً في القول لا فظاً ولا غليظاً ولا مظهراً ميلاً إلى غيرها".[١٥]
سبب قوامة الرجال على النساء
ليست القوامة لتشريف الرجل على المرأة، وإنما هي في الحقيقة من الأمور التكليفية الخاصة به، كما أنه ليس في ذلك انتقاصاً من قيمة المرأة وقدرها ومنزلتها، فالإسلام جعل القوامة من نصيب الرجل بالنظر إلى أمرين أساسيين، الأول منهما الفطرة التي تتعلق بقوة الإرادة، ورجحان عقله على عاطفته، بينما ترجّح العاطفة على العقل لدى المرأة، ممّا يزرع في نفسها شدّة التأثّر والانفعال، لتؤدي ما عليها من واجبات الأمومة والحضانة بأفضل صورةٍ.[١٦]
والسبب الثاني يتمثّل بالكسب، أي أن الرجل مكلّف بنفقات الزواج، وثمّ بالإنفاق على الزوجة والأولاد، والإسلام قابل ذلك بإعطائه حق القوامة، وفي المقابل فإنّ الإسلام زوّد المرأة بالقدرات التي تتميّز فيها عن الرجل، منها: التحلّي بالصبر بشكل أكبر من الرجل، والقدرة على التحمّل، والرغبة بالنسل والولد، والقدرة العالية على السهر والقيام على أمور الأبناء إن كان أحدهم مريضاً مثلاً، والقدرة العالية ايضاً على تحمّل الأوجاع والآلام بسبب ما تعانيه من آلام الحيض، والحمل، والولادة.[١٦]
ملخص المقال: تمَّ تخصيص هذا المقال للحديث عن قوامة الرجل، حيث تمَّ فيه تفسير قوله -تعالى-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)، كما تمَّ بيانَ سبب نزولها مع ذكر الدليل من السنة النبوية، ثمَّ تمَّ الحديثُ عن القوامة، فتمَّ تعريفها وبيان بعض أحكامها، وبيان الحالة التي تسقط فيها قوامةَ الرجلِ كما تمَّ ذكر الواجبات المترتبة على القوامة، وفي ختام هذا المقال تمَّ ذكر السبب الذي من أجله جعل الله -عزَّ وجلَّ- القوامةَ للرجلِ دون المرأة.
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية:34
- ↑ أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (1419)، تفسير القرآن العظيم (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 256، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (2000)، جامع البيان في تأويل القرآن (الطبعة 1)، صفحة 291، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ رواه أبي داوود، في المراسيل، عن الحسن البصري، الصفحة أو الرقم:347، حديث إسناده ضعيف.
- ↑ "نعريف ومعنى القوامة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2018. بتصرّف.
- ↑ "القوامة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2018. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 889، جزء 6.
- ↑ سورة النساء، آية:4
- ↑ رواه السخاوي، في البلدانيات، عن عبد الرحمن بن عوف، الصفحة أو الرقم:161، حديث حسن.
- ^ أ ب "عدم إنفاق الزوج على زوجته يسقط حقه في القوامة"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 34.
- ↑ سورة النساء، آية: 4.
- ↑ سورة البقرة، آية: 233.
- ↑ سورة النساء، آية: 19.
- ↑ "القوامة الزوجية، أسبابها، ضوابطها، مقتضاها"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب "الرجال قوامون على النساء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2018. بتصرّف.