تفسير سورة الليل

كتابة:
تفسير سورة الليل

شرح سورة الليل

سورة مكيّة، يبلغ عدد آياتها؛ إحدى وعشرون آية، وقد سميّت بسورة الليل لافتتاحها القسم بالليل أذا غطى الكون بظلامه وعتمته، ومحورها الأساسي عمل الإنسان وسعيه في الحياة الدنيا، وما يترتب له من ثواب بناء على سعيه في الحياة الأولى،[١] وقد جاءت سورة الليل مفصّلة لما قد أُجمل في سورة الشمس.[٢]


وفيما ياتي بيان معاني الآيات الكريمة في سورة الليل:[٣]

  • قال الله -تعالى-: (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى)؛[٤] يقسم الله -تعالى- بالليل، الذي يغشى الشمس والنهار، وكل ما يغشيه بظلامه وعتمته.
  • قال الله -تعالى-: (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى)؛[٥] يقسم الله -تعالى- مرّة أخرى، بالنهار الّذي يظهر بزوال الليل وعتمته، وبظهور شمس النهار، فيتجلى كل الكوْن.
  • قال الله -تعالى-: (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى)؛[٦] وتكرر القسم هنا بالصنفين الّذيْن منها يتكون الكون، الذكر والأنثى، من كل نوع في الكرة الأرضية يتوالد ويتكاثر.
  • قال الله -تعالى-: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى)؛[٧] يأتي هنا جواب القسم بأن أعمال بني الإنسان مختلفة، بين مسيء ومحسن، عاصي ومطيع.
  • قال الله -تعالى-: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى)؛[٨] تبدأ الآيات بالحديث عن أعمال الصالحين من بني آدم، مبتدئة بالحديث عن التزام الطاعة، وتجنّب كل ما يؤدي إلى غضب الله -تعالى-.
  • قال الله -تعالى-: (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى)؛[٩] وذكرت الآيات الكريمة العمل الصالح الآخر، والّذي هو أساس كل عمل صالح، وهو؛ التصديق بكلمة الحق واتّباعها، والعمل على أساسها.
  • قال الله -تعالى-: (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى)؛[١٠] سيكون جزاء المؤمن الصالح تيسير الله -تعالى- له كل أمر للدخول إلى الجنة، وينعم بالنعيم المقيم.
  • قال الله -تعالى-: (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى)؛[١١] وابتدأت الآيات الكريمة بالحديث عن من أعرض عن كلمة الحق، استغنى بشهوات الدنيا والنعيم الزائل عن نعيم الجنة المقيم.
  • قال الله -تعالى-: (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى)؛[١٢] وقام بالتكذّيب بكلمة الحق.
  • قال الله -تعالى-: (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى)؛[١٣] فسيكون جزاؤه دخول النار.
  • قال الله -تعالى-: (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى)؛[١٤] يخبر الله -تعالى- بأن الكفار لن ينفعهم مالهم وثروتهم، إذا ما صاروا إلى الحساب والهلاك.
  • قال الله -تعالى-: (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى)؛[١٥] يبيّن الله -تعالى- بأنّه بين للناس كل من طريقي الخير والشر، وقد أرشد إلى طريق الهدى.
  • قال الله -تعالى-: (وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى)؛[١٦] الله -عز وجل- هو مالك كل ما في الدنيا والآخرة، فيعطي في الدارين من النعيم ما يشاء ولمن يشاء، وفق حكمته، وإرادته.
  • قال الله -تعالى-: (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى)؛[١٧] قد ـنذر الله -تعالى- الكفار نار شديدة ملتهبة، علّهم يتراجعوا عن التكذيب وعن إصرارهم على ذلك.
  • قال الله -تعالى-: (لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى)؛[١٨] ولا ينال من شدة هذه النار ولهيبها، إلّا كل كافر عنيد، أنكر كلمة الحق.
  • قال الله -تعالى-: (الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى)؛[١٩] الّذي كذب الحق، وأعرض عنه.
  • قال الله -تعالى-: (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى)؛[٢٠] أمّا الذي ترك الكفر، واتبّع الحق، وكل ما يرضي الله -تعالى-، فهو مبعد عن النار وعن لهيبها.
  • قال الله -تعالى-: (الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى)؛[٢١] ومن أعمال المبعدين عن عذاب النار؛ المداومين على أداء حق المال من الزكاة.
  • قال الله -تعالى-: (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى)؛[٢٢] ولا يبتغي في ذلك أجرًا من أحد، أو سمعة، أو رياء.
  • قال الله -تعالى-: (إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى)؛[٢٣] فيقصد بزكاة أمواله، ابتغاء مرضاة الله -تعالى-.
  • قال الله -تعالى-: (وَلَسَوْفَ يَرْضى)؛[٢٤] فلن يكون جزاؤه على ما فعل من أعمال صالحة، إلّا الرضا التام، في الدنيا والآخرة، بنعيم الله -تعالى-.


معاني مفردات سورة الليل

فيما يأتي معاني المفردات والتراكيب من سورة الليل:[٢٥]

  • يغشى: يغطي كل شيء، فيزول بظلامه كل شيء.
  • تجلّى: ظهر وانكشف بظهوره كل شيء.
  • وما خلق: والذي خلق، و"ما" هنا موصولة.
  • شتّى: البعيد المتفرّق بعضه عن بعض.
  • أعطى: أنفق ماله في وجوه الخير.
  • اتقى: خاف عذاب اليوم الآخر، ولأجل ذلك ابتعد عن كل ما من شانه أن يغضب الله تعالى.
  • الحسنى: الكلمة الحسنى، وهي كلمة الحق
  • فسنيسّره: يهيئ الله له كل سبل الخير.
  • لليسرى: كل أمر هيّن وسهل.
  • العسرى: كل أمر فيه هلاك ومشقة وعذاب.
  • تردّى: مات وهلك.
  • تلظّى: النار الملتهبة.
  • لا يصلاها: لا يحترق بنارها.
  • الأشقى: الكافر الّي جزاؤه الشقاء في الدنيا وفي الآخرة.
  • كذّب: كذّب الرسول فيما جاء به عن ربه.
  • تولّى: ترك طاعة الله تعالى.
  • يتزكّى: يتطهّر بكل عمل صالح مرضي لله تعالى.
  • تجزى: يثاب ويكافئ.


العبر المستفادة من سورة الليل

فيما يأتي بعض من العبر المستفادة من سورة الليل، وله أثرها الإيجابي على الفرد المسلم في حياته الدنيا:

  • يتعلم المسلم الأعمال المرضية لله -تعالى-، والّتي يحصل بها الفلاح في الحياة الدنيا والحياة الآخرة، فيحرص على العمل بها، والإكثار منها.[٢٦]
  • يدرك المسلم بأن الأعمال منها ما هو صالح ومنها ما هو غير صالح، وأن الله تعالى قد بيّن لبني الإنسان بأنّه -سبحانه وتعالى- قد رتب حسب الثواب لمن اختار طريق الفلاح والعمل الصالح.[٢٦]
  • يحرص المسلم على بذل ماله في وجوه الخير، وأن يكون قاصدًا بذلك رضا الله سبحانه تعالى، لا لمصلحة دنيوية، أيًّا كانت المصلحة.[٢٧]
  • يدرك المسلم بأن أصحاب الجنّة هم الفائزون، فيحرص قدر إمكانه على الإكثار من العمل الصالح، دون النظر للعقبات الّتي يضعها أهل المعاصي أمامه، وذلك نظرًا لعظم الثواب لأهل الجنة، ولسوء عذاب أهل النار.


ملخّص المقال: يستفاد مما سبق من تفسير سورة الليل، بيان جزاء كل من الشقي والسعيد، فيحرص المسلم على فعل كل ما من شأنه أن يسعد الإنسان في الدنيا والآخرة، وان يخلص في كل عمل صالح، ونافع، فيبتغي به وجه الله سبحانه وتعالى.


المراجع

  1. الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 266. بتصرّف.
  2. السيوطي، اسرار ترتيب القران، صفحة 160. بتصرّف.
  3. البيضاوي، تفسير البيضاوي، صفحة 317-318. بتصرّف.
  4. سورة الليل، آية:1
  5. سورة الليل، آية:2
  6. سورة الليل، آية:3
  7. سورة الليل، آية:4
  8. سورة الليل، آية:5
  9. سورة الليل، آية:6
  10. سورة الليل، آية:7
  11. سورة الليل، آية:8
  12. سورة الليل، آية:9
  13. سورة الليل، آية:10
  14. سورة الليل، آية:11
  15. سورة الليل، آية:12
  16. سورة الليل، آية:13
  17. سورة الليل، آية:14
  18. سورة الليل، آية:15
  19. سورة الليل، آية:16
  20. سورة الليل، آية:17
  21. سورة الليل، آية:18
  22. سورة الليل، آية:19
  23. سورة الليل، آية:20
  24. سورة الليل، آية:21
  25. جعفر شرف الدين، الموسوعة القرانية، صفحة 295-598. بتصرّف.
  26. ^ أ ب سعيد حوّى، الأساس في التفسير، صفحة 6553. بتصرّف.
  27. الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 267. بتصرّف.
5358 مشاهدة
للأعلى للسفل
×