تفسير سورة عبس للاطفال

كتابة:
تفسير سورة عبس للاطفال

المقطع الأول: الآيات (1-10)

(عَبَسَ وَتَوَلَّى.. فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى).[١]

نزل هذا المقطع من السورة الكريمة في ابن أم مكتوم الأعمى -رضي الله عنه-؛ حيث جاء إلى الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، وأخذ يطلب من النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أن يرشده إلى الحق، وفي هذه الأثناء كان عند النبي -صلّى الله عليه وسلّم- رجل من كبراء المشركين، فأعرض عنه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وأقبل على الآخر، فنزلت الآيات.[٢]

وتبين الآيات أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قطّب جبينه، وأعرض عن ابن أم مكتوم الأعمى -رضي الله عنه-؛ لأنه قطع عليه كلامه مع رجل من عظماء المشركين كان يدعوه إلى الحق، ولكن ابن أم مكتوم -رضي الله عنه- لم يكن يعلم بما يشغل النبي -صلّى الله عليه وسلّم-.[٢]

كما وتبين الآيات أن هذا الأعمى قد ينتفع بالهدى التي يستمع إليها، ولا ينتفع الآخر الذي استغنى بماله وقوَّته، وليس على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بأس في عدم اتباعه للهدى، ثم يعود النص القرآني لبيان أن تقديم الهداية لمن يسعى إليها لا يجدر التشاغل عنه.[٢]

المقطع الثاني: الآيات (11-16)

(كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ.. كِرَامٍ بَرَرَةٍ).[٣]

تعاتب الآيات النبي -صلّى الله عليه وسلّم-؛ لأن هذه الآيات موعظة وتبصرة للخلق، فمن شاء من عباد الله -سبحانه وتعالى- اتعظ بالقرآن، واستفاد من إِرشاداته وتوجهاته، وقد روي أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بعد هذا العتاب كان حريصاً ألا يعبس في وجه فقير أبداً، ولا يتصدى لغني أبداً، وكان إِذا دخل عليه ابن أم مكتوم -رضي الله عنه- يبسط له رداءه، ويقول: "مرحباً بمن عاتبني فيه ربي".[٤]

ثم بينت الآيات أن القرآن مرفوع في صحفٍ مكرمة؛ عند الله -سبحانه وتعالى- عالية القدر والمكانة، منزهة عن وصول أيدي الشياطين إليها، وعن كل دنسٍ، محفوظة بأيدي ملائكة مكرمين معظمين عند الله، أتقياء صالحين، جعلهم الله -سبحانه وتعالى- سفراء بينه وبين رسله.[٤]

المقطع الثالث: الآيات (17-32)

(قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ.. مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ).[٥]

تلعن الآيات الكافر وتعلن طرده من رحمة الله -عز وجل-؛ وذلك بسبب شدة كفره بحق الله -سبحانه وتعالى- بالرغم من كثرة إِحسانه إِليه، ثم تذكره بالشيء الذي خلق منه؛ حتى لا يتكبر على ربه -سبحانه وتعالى-.[٤]

وكيف يتكبر من خُلق من ماءٍ مهين، فقدَّره في بطن أمه أطواراً من نطفة، ثم من علقة إِلى أن تمَّ خلقه، ثم سهَّل له طريق الخروج من بطن أمه، ثم أماته وجعل له قبراً يظل فيه إلى أن يشاء الله -سبحانه وتعالى- إِحياءه.[٤]

ثم تدعو الآيات هذا الإِنسان الجاحد لينظر ويتفكر في أمر حياته، كيف خلقه الله -سبحانه وتعالى- بقدرته، وكيف هيأ له أسباب المعاش؛ من طعام الذي به تقوم حياته، ثم فصَّل في بيان إخراج النبات؛ حيث أنه أنزل الماء من السحاب، ثم شق الأرض بخروج النبات منها، فجعل منها أنواع الحبوب والنباتات: فمنه حباً يقتات الناس به ويدخرونه، وعنباً شهياً، وسائر البقول مما يؤكل رطباً.[٦]

كما أنبت الله -سبحانه وتعالى- أشجار الزيتون والنخيل، والبساتين كثيرة الأشجار وأنواع الفواكه والثمار المختلفة، كما أخرج ما تراعاه البهائم وكان هذا الإخراج ليكون منفعة ومعاشاً للناس ولأنعامهم، وقدرة الله -سبحانه وتعالى- على إحياء الأرض بعد موتها دليل قدرته على إحياء الأموات بالبعث يوم القيامة.[٤]

المقطع الرابع: الآيات (33-42)

(فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ.. أُولَـئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ).[٧]

تبين الآيات الكريمة أن القيامة ستأتي بصيحة تصم الآذان، ومن أهوال ذلك اليوم الرهيب يهرب الإِنسان من أحبابه؛ من أخيه وأمه، وأبيه وزوجته، وأولاده لاشتغاله بنفسه؛ فلكل إِنسان منهم في ذلك اليوم العصيب، شأنٌ يشغله عن شأن غيره، فلا يفكر في أحد سواه.[٤]

ثم ينقسم الناس في ذلك اليوم إِلى سعداء وأشقياء، فالسعداء وجوههم مضيئة مشرقة من البهجة، ومسرورة بما رأته من كرامة الله -سبحانه وتعالى- ورضوانه، ومستبشرة بذلك النعيم الدائم،[٤] وأشقياء وجوههم في ذلك اليوم عليها غبارٌ، ودخان تعلوها ظلمةٌ وسواد؛ وكان ذلك لأنهم يجمعون بين الكفر والفجور، أعاذنا الله -سبحانه وتعالى- من مصيرهم.[٤]

التعريف بالسورة الكريمة

سورة عبس سورة مكية، وتسمى إضافة إلى سورة "عبس" بسورة "الصاخة"، وسورة "السفرة" لوقوع هذه الألفاظ فيها، وعدد آياتها: (42) آية حسب العد الكوفي، و(41) عند البصريين، و(40) عند الشاميين، وقد نزلت بعد سورة "النجم" وقبل سورة "القدر"، وهي من حيث ترتيب النزول السورة (23)، وهي السورة (80) في ترتيب المصحف الشريف.[٨]

المراجع

  1. سورة عبس، آية:1-10
  2. ^ أ ب ت الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر المعاصر، صفحة 60-62، جزء 30. بتصرّف.
  3. سورة عبس، آية:11-16
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ د الصابوني (1997)، صفوة التفاسير (الطبعة 1)، القاهرة: دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع ، صفحة 495-496، جزء 3. بتصرّف.
  5. سورة عبس، آية:17-32
  6. سعيد حوى، الأساس في التفسير، صفحة 6376-6377. بتصرّف.
  7. سورة عبس، آية:33-42
  8. محمد سيد طنطاوي (1997)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة 1)، القاهرة:دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 281، جزء 15. بتصرّف.
5621 مشاهدة
للأعلى للسفل
×