محتويات
- ١ موقف المشركين من القرآن الكريم
- ٢ خلق الله تعالى للكون
- ٣ إهلاك الأمم السابقة بعد تكذبيهم الرسل
- ٤ حشر أعداء الله إلى النار وشهادة أجسادهم عليهم
- ٥ جزاء الاستقامة على دين الله في الحياة الدنيا والآخرة
- ٦ إثبات أن القرآن الكريم كلام الله تعالى
- ٧ انفراد الله بعلم الغيب
- ٨ بيان أحوال الإنسان في العطاء والمنع
- ٩ المراجع
موقف المشركين من القرآن الكريم
ابتدأت سورة فصلت ببيان موقف مُشركي قريش من القرآن الكريم، ويُخبر الله -تعالى- عن عظمة القرآن الكريم؛ إذ إنّ آياته مُبيّنة ومفسِّرة، وقد ذُكر أنّ المقصود هو بيانه للحلال من الحرام، وللطاعة من المعصية.[١]
ومعنى فُصِّلت أي إنّها فرّقت بين الحق والباطل، أو أنّ آياتها قد فُصِّلت عن بعضها باختلاف معنى كل واحدة منها، وقيل فُصّلت لكونها عربية وأُنزلت بلسان قريش، فهم يعلمون مُراد الآيات ومقاصدها، ويعجزون عن الإتيان بمثلِها، ولو لم يكن القرآن عربيًّا لما علمت قريش أحكامه ومقاصده.[١]
الآيات من (1-7)
والمقصد من نزول السورة هو توبيخ قريش وتقرِّيعهم وتعجيزهم عن الإتيان بمثل القرآن الكريم؛ لِما فيه من إعجاز وبيان، ففيه بُشرى لأولياء الله الصالحين، وفيه إنذار لأعداء الله ورسوله، وقد قرأ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- على أبي الوليد هذه الآيات عندما جاءه ليُغريه بالتنازل عن الدعوة الإسلاميّة بشتى الطرق فعرض عليه المال والرئاسة.[١]
فلما انتهى من كلامه قرأ عليه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- هذه الآيات، فرّق قلبه وأدرك الوعيد الذي تتضمنه الآيات، فعاد إلى أهله واعتزل مجلس قريش حتى جاءه أبو جهل سمع بالأمر فاستهزئ بما قال له، واتّهم رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بأنّه قد سحره.[١]
خلق الله تعالى للكون
يُخاطب الله -تعالى- بعد ذلك النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليأمر قومه بالتفكُّر والتدّبر في هذا الكون، وهو أمرٌ للتوبيخ، فكيف يكون لهم أن يكفروا بالله -تعالى- الذي خلق الأرض وأبدع في خلقِه، وكيف يجعلون له شريكًا في الخلق، فالله -تعالى- يستنكر من المُشركين إشراكهم به، وعبادتهم لغيره، فهو المالك لهذا الكون وخالق كل شيء.[٢]
الآيات من (9-12)
الله -تعالى- هو الذي هيّأ الأرض لأسباب العيش، فجعلها مُناسبة للإنسان، وجعل فيها جبالًا تُمسك الأرض من التحرُّك والاضطراب، وتحفظ المعادن والمياه، كما جعل الله -تعالى- الأرض مُباركة مليئة بالخيرات التي تنفع النّاس، كالنباتات بأنواعها المختلفة وهي مصادر رزق للإنسان، وغيرها من الخيرات كالماء والمعادن، وكتب الله لكل أهل الأرض رزقًا لا ينقص، وسخّر لهم كل منافع الأرض.[٢]
ويُخبر الله -تعالى- عن خلقِه للسماء وقد كانت قبل ذلك دُخانًا، وكتلةً مظلمة، ولمّا أتمّ الله -تعالى- خلق السماء والأرض أمرهما الله أن يأتياه طوعًا أو كرهًا، فأجابتاه بأنّهما يأتيانه طائعتين، وفي ذلك بيان لقدرة الله وعظمته.[٢]
ذكر ابن عباس -رضي الله عنه- في تفسير قوله -تعالى-: (فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ)،[٣] "قال الله -تبارك وتعالى- للسموات: أطلعي شمسي وقمري ونجومي، وقال للأرض: شقِّقِّي أنهارك، وأخرجي ثمارك، فقالتا: (أتينا طائعين)،[٣] فذكر الله -تعالى- خلقه للأرض، وبيّن كيفية خلقه للسموات السبع وما فيها من نظام، وأتمّ الله -تعالى- خلقه للسموات والأرض في ستة أيام".[٢]
إهلاك الأمم السابقة بعد تكذبيهم الرسل
الآيات من (13-18)
يحذّر الله -تعالى- الكافرين ويذكرهم بحال الأمم السابقة، وذلك بعدما بيّن إنكارهم للقرآن، وعَرض عليهم أدلة قدرته في الكون، ثم حذّر -تعالى- كفار قريش بأنَّ إعراضهم عن دعوة النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- سيُعرضهم لعذاب وهلاك كما وقع لقوم عاد وثمود. [٤]
الذين كذّبوا بالرُّسل، واستكبروا على أنبيائهم لاغترارهم بأجسادهم وقوتهم؛ ظنّاً منهم أن ذلك قد يمنع عنهم العذاب، إلّا أنّ الله -تعالى- أرسل عليهم ريحًا صرصرًا؛ أي باردة وشديدة، وعذّبهم بها؛ لينالوا العذاب في الدنيا والآخرة.[٤]
حشر أعداء الله إلى النار وشهادة أجسادهم عليهم
وبعد بيان عقوبة الكافرين وحالهم في الدنيا، يُبين الله -تعالى- حالهم في الآخرة؛ ليكون في ذلك كفايةً من التحذير والزجر للمخاطبين، وقد أمر الله -تعالى- رسوله بتحذير قومه من عذاب يوم القيامة، يوم يُساق الكافرين إلى النار.[٥]
الآيات من (19-29)
فعند وقوف أعداء الله على النار، سيسألهم الله عن إجرامهم وكفرهم، فيُنكرون أفعالهم حتّى تشهد عليهم جوارحهم؛ فتشهد عليهم جلودهم وأسماعهم وأبصارهم بما اقترفوا من معاصي وذنوب في الحياة الدنيا، فيتعحب الإنسان من ذلك، حتى تُجيبهم حواسهم بأنّ الذي أنطقها هو الله -تعالى-.[٥]
ثُمّ يبين الله -تعالى- أنّه خالق كل شيء في هذا الكون، وإليه مصير كل الخلائق بعد موتها، فيجزي كل واحدٍ منهم بما كسبت يداه، ولن ينالوا من ظنهم الفاسد بالله -تعالى- الذي قادهم إلى المعاصي، سوى الخسارة والهلاك في الدنيا والآخرة.[٥]
ويخبر الله في الآيات عن حال الكافرين؛ حيث سلّط عليهم شياطينًا من الجن والإنس؛ ليُزينوا لهم أعمالهم سواء التي فعلوها في الماضي أو ما سيفعلوه في المستقبل، وسيُغروا الكافرين بفعل المعاصي، فأثبتوا لنفسهم العذاب بكفرهم، ونالوا الخسارة والخِزي كما كان جزاء الذين كفروا من الجنّ والإنس.[٥]
جزاء الاستقامة على دين الله في الحياة الدنيا والآخرة
الآيات من (30-36)
يبين الله في آياته جزاء الاستقامة على الحقِّ والصواب، ويحثُّ -تعالى- عباده على اتّباع دين الله والاستقامة على ذلك؛ لأنّ هذه الاستقامة دليل على العقل الراجح والكرامة، بخلاف الانحراف الذي ينُم عن الجهل والمهانة.[٦]
قال ابن عباس -رضي الله عنه-: "نزلت هذه الآية (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا)،[٧] في أبي بكرٍ الصديق -رضي الله عنه- وذلك أن المشركين قالوا: ربُنا الله، والملائكة بناته، وهؤلاء شفعاؤنا عند الله، فلم يستقيموا، فقال أبو بكر: ربنا الله وحده لا شريك له، ومحمد صلّى الله عليه وسلّم عبده ورسوله، فاستقام".[٦]
وتُبيّن هذه الآيات حال المؤمن الذي استقام على دين الله -تعالى-، وقارنت حاله بحال الكافر، فجزاء المؤمن، أنَّ الملائكة ستنزل عليه عند موته وفي قبره وعند بعثه لتُثبته وتُبشره بالنجاة، وبالجنة، ولتُؤنِسه برحمة الله -تعالى-. كما تُبين الآيات ضرورة الدعوة إلى الله -تعالى-، فالمؤمن يسعى لإصلاح ذاته ويحاول إصلاح غيره، صابر على أذى النّاس وإعراضهم عن الدعوة، ويُقابل الإساءة بالإحسان.[٦]
إثبات أن القرآن الكريم كلام الله تعالى
الآيات من (41-44)
تعرض الآيات إلحاد المشركين وتكذيبهم بالقرآن الكريم، وتُبيّن أن كُفرهم بآياته سبب لاستحقاقهم العذاب، ويُبين الله -تعالى- لهم بأنّه كِتاب عزيز ونفيس، وأنّه ذُكر من عنده للناس جميعًا؛ ليُذَّكر الناس بغفلتهم قبل فوات الأوان.[٨]
وهو ذكرٌ للعرب وسمعة طيبة لهم بين القبائل جميعها؛ فقد أنزله الله -تعالى- بلسانهم وبلغتهم، وهو كتابٌ عزيز منيع، فيه من المعاني الغزيرة والإتقان البديع والحُجة الواضحة ما تقرع لها الأذان.[٨]
انفراد الله بعلم الغيب
الآية (47)
اختصّ الله -تعالى- العلم بوقت يوم القيامة لذاته -سبحانه-، حتى أنّه لم يُعلِم الرسول -عليه الصلاة والسلام- بذلك، فَعِلْمُ الغيب لا أحد يعلمه سوى الله -تعالى، وهو الذي يعلم متى تَخرج الثمار من أوعيتها، وما تحمل كلّ أنثى، ومتى تضع حملها، وهذه أمثلة ضربها الله -تعالى- للنّاس ليُبين لهم عِلمه بأدق التفاصيل في هذا الكون، فكل ما في الكون يعلمه -تعالى-.[٩]
بيان أحوال الإنسان في العطاء والمنع
الآيات من (49-51)
تُبين الآيات أحوال الإنسان واصفةً إيَّاه بعدة صفات منها أنَّ الإنسان يطلب الخير من رّبه من غير ملل، وهذه الصّفة يشترك فيها المؤمن والكافر، وذكر الله -تعالى- صفات أخرى تتعلق بالإنسان الكافر وهي كما يأتي:[١٠]
- الصفة الأولى،أنَّه يقنط ويُصيبه اليأس إذا تعرض لشدة أو ابتلاء.
- الصفة الثانية، أنَّه يرى أنَّ الخير الذي يأتيه من الله -تعالى- قد استحقه بجُهده وعمله.
- الصفة الثالثة، أنَّه يُنكر يوم القيامة، ويظنُ بأنَّ يوم القيامة إن كان موجودًا فسيلقى من الله إحسانًا كما لقي في الدنيا.
- الصفة الرابعة، أنَّه يُعرض عن الشكر في حال الإنعام عليه، ويتضرّع إلى الله في حال البلاء فقط.
المراجع
- ^ أ ب ت ث شمس الدين القرطبي ، تفسير القرطبي، صفحة 337. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 195. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة فصلت، آية:11
- ^ أ ب شمس الدين القرطبي ، تفسير القرطبي، صفحة 346. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث وهبة الزحيلي، التَفسير المنير، صفحة 211. بتصرّف.
- ^ أ ب ت وهبة الزحيلي ، التفسير الوسيط، صفحة 2304. بتصرّف.
- ↑ سورة فصلت، آية:30
- ^ أ ب ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 308. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي ، التفسير الوسيط، صفحة 2317. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي ، التفسير الوسيط، صفحة 2319. بتصرّف.