تفسير سورة مريم

كتابة:
تفسير سورة مريم

الموضوعات العامة لسورة مريم

اشتملت سورة مريم على مجموعة من الموضوعات الرئيسة المتنوعة ما بين ذكر لقصص الأنبياء، وذكر لأمور الإيمان؛ من البعث والقيامة، وأهمية التوحيد، ونفي الولد عن الله -تعالى-، وفيما يأتي بيان لهذه الموضوعات على وجه العموم وبشيءٍ من التفصيل:

  • قصة نبي الله زكريا -عليه السلام-

حيث شاب شعر رأسه ووهن عظمه وأصبح كبيراً ولم يرزقه الله بالولد، وقد خاف على بني إسرائيل من أن يتولاهم من لا يخاف الله، فدعا ربه أن يرزقه الله الولد، فاستجاب الله له وبشره بقدوم ولده يحيى -عليه السلام-، فاستغرب زكريا أشد الاستغراب، حيث كان كبيراً ولم تلد زوجته من قبل، فأخبره الله أن هذا الأمر هين جداً عند الله الخلاق القدير.[١]

وقد طلب زكريا من ربه علامة على صدق تحقيق موعود الله له، فأخبره الله ألا يكلم الناس ثلاث ليال متتابعات، ثم رزقه الله بيحيى مؤكدًا على دعوة والده زكريا، وقد وصف الله نبيه يحيى بعدة أوصاف، منها: التقوى، وبر الوالدين، وعدم عصيانه لله -تعالى-.[١]

  • قصة معجزة حمل مريم -عليها السلام-

حيث حملت السيدة مريم من غير زوج، وكان ذلك بأمر من الله -تعالى-، وقد جعله الله آيةً لبني إسرائيل ليعلم من يتّبع أمر الله ومن يعصيه، وقد أكرم الله مريم بمعجزاتٍ تُعينها على حملها من تيسير هزّ النخل وهي امرأة حامل، وسقوط الرطب عليها من غير مضرّة، والنهر الصغير الذي تشرب منه، ثم أمرها ألا تجادل بني إسرائيل بمولودها وأن تصوم عن الكلام وتشير إلى مولودها.

  • كلام سيدنا عيسى في المهد

أجرى الله المعجزة العظيمة على لسان نبيه عيسى -عليه السلام-، حيث جعله يتكلم وهو ابن أيام قليلة، حيث برَّأ أمه من أيّ تهمةٍ يمكن لأحدٍ أن يفتريها عليها، ودعاهم إلى توحيد الله والصلاة والزكاة، ومع ذلك فقد اختلف بنو إسرائيل وكفر كثيرٌ منهم بالله بعد تلك المعجزة العظيمة.

  • قصة نبي الله إبراهيم -عليه السلام-

جاء في السورة ذكر قصة سيدنا إبراهيم مع والده آزر، حيث دعاه إلى توحيد الله وحذّره من غضب الله وعذابه، وحذّره من كيد الشيطان، وقد أصرّ والده على الكفر، وأمره بمفارقته ففارقه، ولما فارق إبراهيم أباه أصابه الحزن، فأكرمه الله بابنه إسحاق وابن ابنه يعقوب -عليهم السلام-.

  • بيان بعض الجوانب من حياة بعض الأنبياء

وذلك مثل موسى وهارون وإسماعيل وإدريس ونوح -عليهم الصلاة والسلام-، وبيان بعض أوصافهم؛ كصدق الوعد والصلاة والزكاة والخشوع لله -تعالى- والسجود له عند ذكره.

  • التحذير من تضييع الصلاة

جاء في السورة التحذير من تضييع الصلاة واتّباع الشهوات، وذُكر فيها عظيم وعيد الله لمن ضيّعها، ومدح الله التائبين وبيّن عظيم إكرامه لهم يوم القيامة.

  • الرد على منكري البعث

ومنهم أُبَيّ بن خلف الجمحي، وقيل الوائل بن العاص، حيث أنكروا البعث يوم القيامة، فردّ الله عليهم وأقسم ببعثهم؛ فالذي أنشأهم من العدم قادرٌ على بعثهم، ثم هدّدهم الله بوعيده يوم القيامة، وأخبرهم الله أنّه أهلك من هو أشد منهم قوة، وبيّن الله مصير المؤمنين الطيِّب يوم القيامة.[٢]

  • تحدي الله -عز وجل- للعاص بن وائل

تحدّى الله -عز وجل- العاص بن وائل ومَن على شاكلته من المشركين الذين زعموا أن الرزق من مال وولد من نصيبهم، فرد الله عليهم بأنه سيبعثهم ومعهم مقالتهم هذه ليحاسبوا عليها وينظر ماذا سيفعلون أمام أهوال يوم القيامة.[٣]

  • نفي الولد عن الله -تعالى-

وبيان عظيم هذا الافتراء الذي تكاد السماوات والأرض تتشقق بسببه وتنهدم الجبال العاليات منه، ثم بيان الوعيد الشديد على من افترى هذه الفرية العظيمة على الله -تعالى-، حيث سيعود كل واحد منهم بمفرده يوم القيامة للحساب والجزاء.

  • ختام السورة ببيان كرم الله على المؤمنين

حيث سيجعل لهم مودة في قلوب الناس، إكراماً لهم بسبب إيمانهم، وبيّن مكانة القرآن العظيمة وتيسيره على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم-، وذكّر بأن إهلاك الأمم السابقة خير شاهدٍ على صدق موعود الله في جميع السّورة.

سبب تسمية سورة مريم

سورة مريم سورة مكية من السور العظيمة في بلاغتها وفصاحة قولها، وسميت هذه السورة الكريمة بتوقيف من النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولعلّها سمّيت بذلك لأمرين: أولهما ذكر قصة المرأة الطاهرة العفيفة الصالحة مريم بنت عمران -عليها السلام- وبيان تبرئتها من اتهام بني إسرائيل لها بالزنا، وثانيهما تكريم المرأة المسلمة العفيفة على وجه العموم واهتمام القرآن بشأن المرأة.[٤]

الفوائد والدروس والعبر من سورة مريم

احتوت سورة مريم على مجموعةٍ كبيرةٍ من الفوائد والدروس والعبر، ومن ذلك ما يأتي:[٥]

  • كرم الله بإجابة الدعاء ولو انتفت الأسباب المادية كما حصل مع نبي الله زكريا.
  • المرأة المؤمنة العفيفة يؤيدها الله بتأييد من عنده ويحفظها بحفظه.
  • لنا أسوة حسنة في منهج الأنبياء جميعاً.
  • التأكيد على أهمية الصلاة.

المراجع

  1. ^ أ ب تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، صفحة 191. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، موسوعة التفسير المأثور، صفحة 163. بتصرّف.
  3. مجموعَة من المؤلفين، موسوعة التفسير المأثور، صفحة 192. بتصرّف.
  4. محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط لطنطاوي، صفحة 9. بتصرّف.
  5. الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 90. بتصرّف.
4839 مشاهدة
للأعلى للسفل
×