محتويات
تفسير آية وما ملكت أيمانكم
قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا)،[١] هذه الآية الكريمة تدعو إلى عبادة الله وحده، وعدم الإشراك به، ووصت بالإحسان إلى الوالدين، ثمَّ ذكرت أصنافاً يجب العناية بهم وإحسان المعاملة معهم.
شرَّع الله -عزَّ وجلَّ- في كتابه العزيز كيفية معاملة ذوي القربى والمساكين، وغيرهم من الضعفاء، وجاء في مطلع الآية الكريمة تجديدٌ لمعنى التوحيد، وعدم الإشراك بالله -تعالى-، ثمَّ أوصى الله بالوالدين، وأوصى بالمساكين واليتامى فلا ناصر لهم؛ كذلك العبيد ففيهم ضَعف الرقِّ، والحاجة، إذ ليس لهم خلاص من ساداتهم، فهم كذلك لا ناصر لهم، فهم ضعفاء.[٢]
وقال من بين هذه الأصناف وما ملكت أيمانكم، وملك اليمين هو كلمة مجازية تُنسب إلى اليد، وهي تدلُّ على ما يكون تحت يده وسيطرته، وهي بمعنى العبيد،[٣] وجاءت نهاية الآية الكريمة تنهى عن التكبُّر والاستعلاء، فليس لك أيها المسلم أن تستعلي على غيرك بعطائك، فهذا العطاء ومساعدة الآخرين قد يُسلب منك، وكم رأينا من غني صار فقيراً، أو عالمٍ ذهب علمه، فالعظمة والكبرياء لله وحده.[٤]
موقف الإسلام من ظاهرة ملك اليمين
كان الرقُّ موجوداً قبل مجيء الإسلام، وله صورٌ متعدِّدة، فعمل الإسلام في تشريعاته على القضاء عليه؛ من خلال طرق التقرُّب إلى الله -تعالى-، والتكفير عن الخطايا، فالرقُّ موجود، لذا كان من واقعية الإسلام، ونظرته لِما حوله، أن يحل هذه المشكلة والتي تتناقض مع مناداته للحرية العامة.
حتى أنَّ الإسلام هذَّب بعض التسميات التي كانت تُطلق على العبيد في الجاهلية، واستبدلها ب(فتاي) بدلاً من عبدي، و(فتاتي) بدلاً من أَمَتي؛ حتى لا يكون هناك عبودية لغير الله -تعالى-.[٥]
حرص الإسلام على إنهاء ظاهرة ملك اليمين
إنَّ من مقاصد الشريعة الإسلامية، هي إلغاء الرقِّ والعبودية، وبيَّنت أنَّ الإنسان حرُّ ولا يحقّ لأي إنسان استعباده إلاَّ بالحروب؛ وهو من باب المعاملة بالمثل، وجاء بالحرية، فيما قاله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً"، فكانت سياسة التغير في الإسلام قائمة على التدريج، فجاءت الشريعة الإسلامية تقلِّل من هذه الظاهرة، وتجفِّف من منابعه، فكانت جميع الكفارات يدخل بها إعتاق رقبة.[٦]
إلغاء ملك اليمين في العصر الحالي
جاء الإسلام فكان الرقُّ موجوداً، فهو عماد الحركة الاقتصادية والاجتماعية في ذلك الزمان، فهيأ أسباب القضاء على مِلك اليمين بالتدريج، كما يأتي:[٧]
- بيَّن أن أصل الإنسان حرٌّ.
- فتح منافذ عديدة لإنهاء العبودية.
- رغَّب بالعبادات التي تقرِّب إلى الله -تعالى- عن طريق تحرير العبيد.
- جعل كثير من كفارات الذنوب والخطايا هي عتق رقبة، كالحنث باليمين، وظهار الزوجة، والقتل، كذلك خصَّصت الشريعة سهماً لعتق الرقاب.
- ثمرة ذلك أنَّ الرقَّ لم يَعد موجوداً في عصرنا الحالي.
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية:36
- ↑ ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 48. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى ملك يمين في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 30/3/2022. بتصرّف.
- ↑ الشعراوي، تفسير الشعراوي، صفحة 2222. بتصرّف.
- ↑ الشعراوي، تفسير الشعراوي، صفحة 2221. بتصرّف.
- ↑ "تفسير قوله تعالى "ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ""، دائرة الإفتاء الأردني، اطّلع عليه بتاريخ 30/3/2022. بتصرّف.
- ↑ وهبي الزحيلي، الفقه الاسلامي وأدلته، صفحة 2019.