تقديم المفعول به

كتابة:
تقديم المفعول به

تقديم المفعول به

إنّ التّقديم والتّأخير في الّلغة العربيّة هو الإيراد المُختلف لترتيب العناصر ضمن التّركيب الأصليّ للجملة، فيتمّ تقديم العنصر الذي بأصله التأخير، وتأخير العنصر الذي بأصله التّقديم، ويجب الإشارة هُنا إلى أنّ التّقديم والتأخير لا يكون عشوائيّاً، إنّما وِفق ضابط لهما، وهو "رُتبة العنصر"؛ أي موقع الكلمة بالنّسبة للجُملة، وهذه الرُّتبة تنبع من الأصل النّحويّ للكلمة، ويقوم مبدؤها على وُجود رابطة بن كلمتين، فتأتي الكلمة الأولى أولاً ثمّ تأتي الأخرى لتتبعها على وجه الّلزوم، مع عدم جواز عكس التّرتيب، وهذه الحالة إذا كانت الرّابطة محفوظة؛ أي لا يجوز المساس بترتيب هاتين الكلمتين فيها، أمّا في حال كانت الرُّتبة عند أهل الّلُغة غير محفوظة، جاز تقدّم أيّ واحدة منهما على الأخرى، وعلى نحو صحيح، ولا يكون حينها خطأ نحويّاً، ويشار إلى أنّ البلاغيّ (عبد القاهر الجرجانيّ) قال في أسلوب التّقديم والتأخير إنّه أحد الأبواب التي تُضيف إلى الّلغة جمالاً بديعاً، وفوائدَ كثيرةً.[١]


الجدير بالذِّكر أنّ عُلماء النّحو عندما أوجدوا مبدأ الرُّتب في الكلام أدخلوا المفردة التي تُكتب على غير ترتيبها الأصليّ ضمن باب (التّقديم والتّأخير)، ويعدّ المفعول به مثالاً على ذلك، فمثلًا إذا قِيل: (جعل عبدُ الرّحمن محموداً مُديراً)، يكون ترتيب الجُملة صّحيحاً دون دخولها في باب التّقديم والتأخير، وهو على هذا النّحو: (فعل: جعل-->فاعل: عبدُ الرّحمن-->مفعول به أولّ: محموداً-->مفعول به ثانٍ: مُديراً)، ولكن إذا قِيل: (جعل عبدُ الرّحمن مُديراً محموداً) دخل (المفعول به) في باب التّقديم والتّأخير، وكان غرضهُ هُنا تأكيد أهميّة منصب المُدير أكثر من صاحب المنصب، وفيما يلي أشكال أخرى لترتيب هذه الجُملة، وكُلّها تُشير لأهميّة منصب الإدارة، ولكنْ لكُلّ جُملة درجة أهميّة مُختلفة، وهذه هي الجُمل: (جعل مُديراً عبدُ الرّحمن محموداً)، ومنصب الإدارة هُنا أهمّ من صاحب المنصب، وأهمّ من الذي ولّاه إيّاه، والشّكل الآخر: (مُديراً جعل عبدُ الرّحمن محموداً) وفي هذه الجُملة يكون منصب الإدارة قد احتلّ كلّ الأهميّة في الجُملة، وفيما يلي بيان لحالات تقدّم المفعول به.[٢]


حالات تقدّم المفعول به على الفاعل وجوباً

يتقدّم المفعول به على الفاعل على وجه الوُجوب في ثلاث حالات، وهي:[٣]

  • اتّصال الفاعل بضمير يعود على المفعول به: مِثل الجُمل الآتية:
    • استلم الجائزةَ مستحقُّها والابتسامةُ تعلو مُحيَّاهُ.
    • باعَ السّيارةَ صاحبُها.
    • قال تعالى: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ).[٤]
  • أن يكون الفاعل اسماً ظاهراً، والمفعول به ضميراً مُتّصلاً بالفعل: مِثل الجُملة الآتية:
    • أكرمَنا المُعلِّمُ كُلّنا.
    • سيذكُرُني قومي يوماً.
    • قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ).[٥]
  • أن يكون الفاعل محصوراً بـ(إلّا) أو (إنّما): مِثل الجُملة الآتية:
    • لا يعرفُ الشّوقَ إلّا مُكابُده.
    • ما أكرم النّساءَ إلّا كريمٌ.
    • إنّما أكرمَ ضياءً عادلٌ.


تدريب: حدِّد/ي المفعول به والفاعل في الجُمل الآتية مع ذِكر سبب تّقدمّ المفعول به: 
الجملة المفعول به الفاعل سبب تقدّم المفعول به على الفاعل وُجوباً
يحمي الوطنَ أهلُه، ويعشق الأرضَ أصحابُها. (.............) (.............) (.......................................)
لا يُدرك المجدَ إلّا سيّدٌ فطِن. (.............) (.............) (.......................................)
أجملُ القصائدِ ما كتبتْهُ يداكَ. (.............) (.............) (.......................................)


تدريب: اكتب/ي المفعول به المُناسب في الفراغ مع الضّبط التّامّ:

الجملة
حرثَ (.............) صاحبُها.
علّمتنـ(.............) الحياةُ.
لا يُحقِّقُ (.............) الأمّةِ إلّا شبابُها الواعي.


حالات تقدّم المفعول به على الفاعل جوازاً

أجاز علماء النّحو تقديم المفعول به على الفاعل ضمن شُروط، وإلّا بقي الفاعل هو المُقدّم، وفيما يلي تلك الشُّروط:[٦]

  • أن يكون إعراب المفعول به مُبيّناً: ويقصد بذلك العلامة الإعرابيّة التي يستطيع القارئ من خلالها التّمييز بين الفاعل والمفعول به، مِثل: (أوقعَ خالداً عمرٌ)، وهُنا التّنوين هُو الإعراب المُبيَّن.
  • أن يكون المفعول به معنى مُبيّناً: وهو الكلام الواضح في معناه، مِثل: (أكلَ تفاحةً عليٌّ)، فالواضح أنّ عليّ هو الذي أكل التّفاحة لا العكس.
  • أن يكون المفعول به تابعاً مُبيّناً: وهي الصّفات التي تَرِد بعد المفعول به، مِثل: (وجدَ موسى الضّائعَ سامي الذّكيُّ)، وكلمتيّ (الذّكيّ، الضّائع) توابع توضّح الفرق بين الفاعل والمفعول به -من خلال علامات الإعراب-.
  • احتواء الجُملة على لفظ مُبيّن: غالباً ما تفرق الضّمائر الفاعل عن المفعول به، مِثل تاء التّأنيث: (صدمتْ كريمَ سلوى).


تدريب: اذكر/ي شرط تقدُّم المفعول على الفاعل جوازاً مع تحديدهما في الجُمل الآتية:

الجملة المفعول به الفاعل شرط تقدّم المفعول به على الفاعل جوازاً
كرّمتْ قصيّ سلمى. (.............) (.............) (..........................)
أصابَ خليلاً سميرٌ بالكُرة. (.............) (.............) (..........................)
قادَ السّيارةَ حُسامٌ. (.............) (.............) (..........................)
سلّم أحمدَ السّارقَ صالحٌ الشُّرطيُّ. (.............) (.............) (..........................)


حالات تقدّم المفعول به على الفعل والفاعل وجوباً

يتقدّم المفعول به على الفِعل والفاعل معاً على وجه الوُجوب في حالات مُعيّنة، وهي كالتّالي:[٧]

  • إذا كان المفعول به من الألفاظ التي لها حقّ الصّدارة في الجُملة: ومن هذه الألفاظ: (أسماء الاستفهام، وأسماء الشّرط، وكم الخبريّة)، وفي الآتي تُعرض بعض الأمثلة على ذلك:
    • أسماء الاستفهام: كمْ كتاباً قرأت في العام الماضي؟
    • أسماء الشّرط: أيَّ مكانٍ يُعجبًك تسكن فيه.
    • كم الخَبَريّة: كم مِن بلاد سافرتُ إليها، ولم أمكثْ في واحدة.
  • إذا كان المفعول به منصوباً بجواب (أمّا): لهذه الحالة شرط، وهو أن لا يكون لجواب (أمّا) منصوب مُقدّم غيره، ومثال ذلك:
    • فأمّا القتالَ فلا تبدأ، وأمّا الصُّلحَ فأسرع.
    • أمّا السّلامةَ في القلب فاتّصف بها.
    • قوله تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ*وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ).[٨]
  • إذا كان المفعول به ضمير نصب منفصل يدلّ على الاختصاص: مِثل ضمير (إيّاك) في الجُمل الآتية:[٩]
    • الأماكن السّاحليّة جميلة، وإيّاها يقصدُ السيّاح .
    • إيّاكُنّ أقُدِّرُ وأحترم.
    • قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).[١٠]


تدريب: حدِّد/ي المفعول به في الجُمل الآتية مع ذِكر سبب تّقدمّه على الفعل والفاعل:

الجملة المفعول به سبب تقدّم المفعول به على الفعل والفاعل وُجوباً
إيّاك يقصد الضّيف. (.............) (..........................)
من كافأتَ؟ (.............) (..........................)
أمّا الكلامَ البذيء فلا تقُل. (.............) (..........................)


تدريبات متنوعة على تقدّم المفعول به

تدريب: حدِّد/ي المفعول به في الجُمل الآتية مع ذِكر اسم الحالة التي دعت إلى تقدّمه فيها وسببها:

الجملة المفعول به سبب تقدّم المفعول به حالة تقدّم المفعول به
يُزّيّن الفتاةَ أخلاقُها. (.............) (....................) على الفاعل وُجوباً/على الفاعل جوازاً/على الفِعل والفاعل وُجوباً
إيّاك أعني بالمُهمّة. (.............) (....................) على الفاعل وُجوباً/على الفاعل جوازاً/على الفِعل والفاعل وُجوباً
يُسعدني الكلامُ السّليم. (.............) (....................) على الفاعل وُجوباً/على الفاعل جوازاً/على الفِعل والفاعل وُجوباً
ماذا رأيت في الأندلُس؟ (.............) (....................) على الفاعل وُجوباً/على الفاعل جوازاً/على الفِعل والفاعل وُجوباً
كم مُشكلةً حلّ التّطوّر التّكنولوجيّ. (.............) (....................) على الفاعل وُجوباً/على الفاعل جوازاً/على الفِعل والفاعل وُجوباً
ما تدِّخرُه في الرّخاء ينفعك في الشِّدة. (.............) (....................) على الفاعل وُجوباً/على الفاعل جوازاً/على الفِعل والفاعل وُجوباً
أمّا النِّعمَ فحدِّث بها. (.............) (....................) على الفاعل وُجوباً/على الفاعل جوازاً/على الفِعل والفاعل وُجوباً
أنشد القصيدةَ خالدٌ. (.............) (....................) على الفاعل وُجوباً/على الفاعل جوازاً/على الفِعل والفاعل وُجوباً


تدريب: أعرب الجمل الآتية إعراباً تامّاً:

الجملة الإعراب
يُسمّي الأولادَ أهلُهُم. يُسمّي: (.........................................)

الأولادَ: (.........................................)

أهلُهم: (.........................................).

دفنَ الجثّةَ عَديُّ. دفنَ: (.........................................)

االجثّةَ: (.........................................)

عديٌّ: (.........................................).

كم دفعْتَ اليوم؟ كم: (.........................................)

دفعْتَ: (.........................................)


تدريب:اكتب/ي الجُمل الآتية بما يتناسب مع الحالة المذكورة بجانبها:

الحالة الجملة التّعديل
(المفعول به مُقدّم وُجوباً على الفاعل) يُحبُّ طُلّابُ العِلمِ العِلمَ. (............................)
(المفعول به مُقدّم جوازاً على الفاعل) حفّز أحمدُ عليّ. (............................)
(المفعول به مُقدّم وُجوباً على الفعل والفاعل) يقصُدُك السّائحُ. (............................)


أمثلة إعرابيّة على تقدّم المفعول به

أمثلة إعرابيّة متنوّعة على حالات تقديم المفعول به:[١١]

الحالة الجملة الإعراب
(المفعول به مُقدّم وُجوباً على الفاعل) يزرع الأرضَ فلاحوها. يزرعُ: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضّمة الظّاهرة على آخره.

الأرضَ: مفعول به مُقدّم منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة على آخره.

فلاحُوها: فاعل مؤخّر مرفوع، وعلامة رفعه الضّمة الظّاهرة على آخره، وهو مُضاف، وها: ضمير مُتّصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة.

(المفعول به مُقدّم جوازاً على الفاعل) قلّم الشّجرةَ سالمٌ. قلّم: فعل ماضٍ مبنيّ على الفتح الظاهرة على آخره.

الشّجرةَ: مفعول به مُقدّم منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة على آخره.

سالمٌ: فاعل مؤخّر مرفوع، وعلامة رفعه تنوين الضّم الظّاهر على آخره.

(المفعول به مُقدّم وُجوباً على الفعل والفاعل) ماذا فعلْتَ ؟ ماذا: اسم استفهام مبنيّ على السّكون في محلّ نصب مفعول به مُقدّم.

فعلْتَ: فعل ماضٍ مبنيّ على السّكون؛ لاتّصاله بالتّاء المُتحرِّكة، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو.


تعريف المفعول به

يُعرّف المفعول به بأنّه الاسم المنصوب الذي وقع عليه الفِعل من قِبَل الفاعل، مِثل: (كتب أحمد القصّة)، فكلمة (القصّة) وقع عليها فِعل الكتابة من قِبل أحمد،[١٢] كما ذكر (ابن عصفور) في كتابه (شرح جمل الزّجاجيّ) أنّ المفعول به هو "كُلّ فضلة انتصبتْ بعد تمام الكلام يكون محلّاً للفعل خاصّة"، ثمّ فصّل في معنى كلّ مفردة في هذا التّعريف، فيقول إنّ "الفضلة" هي ما يُستغنى عنه في الكلام، فالجملة مثلاً تحتاجُ للفاعل ليتمّ المعنى، ولكنّ ذلك لا ينطبق على المفعول به، ففي جملة: (كتب أحمد القصّة)، فلو قِيل (كتب أحمد) لكانت الجُملة مُكتملة المعنى دون الحاجة إلى إيراد مفعول به، كما وضّح أنّ جملة "كلّ فضلة انتصبت بعد تمام الكلام" هي جُملة عامّة لكلّ أشكال الفضلات في الّلغة، لذلك قام بتخصيصها بجملة "يكون محلّاً" والتي تعني وُقوع الحدث عليها، وهذا الوصف ينطبق على (المفعول به، والمفعول فيه)، فأوْرَد التّخصيص في آخر التّعريف؛ ليُزيل كلّ لَبسٍ عن التّعريف وتخصيصه للمفعول به فقط، فقد قال: "يكون محلّاً للفعل خاصّة" وهذا ما جعل التّعريف أكثر إيضاحاً، ومُبعِداً بذلك المفعول فيه (ظرف الزّمان، وظرف المكان) من التّعريف.[٦]


مِثال إعرابيّ على المفعول به:

الجملة الإعراب
تعلّمَ خالدٌ السّباحةَ. تعلّمَ: فعلٌ ماضٍ مبنيّ على الفتح الظّاهر على آخره.

خالدٌ: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه تنوين الضّم الظّاهر على آخره.

السّباحةَ: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة على آخره.


المراجع

  1. د. حسين راضي خليل العايدي (2016)، "التقديم والتأخير في ديوان عبدهللا البردوني"، مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات اإلنسانية ، العدد 3، المجلد 16، صفحة 160. بتصرّف.
  2. معرف إيمان (2013)، الجملة الفعلية بين النحو والدلالـة دراسة تطبيقية في ديوان المتنبي، الجزائر: جامعة العربي بن مھيدي أم –البواقي-، صفحة 27. بتصرّف.
  3. محمد محمود عوض الله، اللمع البهية في قواعد اللغة العربية، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 314،315. بتصرّف.
  4. سورة غافر، آية: 52.
  5. سورة الحجرات، آية: 6.
  6. ^ أ ب ابن عصفور الإشبيلي، شرح جمل الزجّاجي (الطبعة 1)، بيروت: دار الكتب العلميّة، صفحة 99،101، جزء 1. بتصرّف.
  7. د. إميل بديع يعقوب، موسوعة علوم اللغة العربية، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 28، جزء 9. بتصرّف.
  8. سورة الضحى، آية: 9،10.
  9. د. رابح بومعزة، الجملة في القرآن الكريم: صورها وتوجهها البياني، سوريا: دار مؤسسة رسلان للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 43.
  10. سورة الفاتحة، آية: 5.
  11. محمد علي أبو العباس (2013)، الإعراب الميسر: دراسة في القواعد والمعاني والإعراب تجمع بين الأصالة والمعاصرة (الطبعة 1)، القاهرة: دار الطلائع للنشر والتوزبع، صفحة 65. بتصرّف.
  12. "تعريف و معنى المفعول في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-4-2020. بتصرّف.
8525 مشاهدة
للأعلى للسفل
×