تلخيص كتاب البخلاء
يتناولُ الجاحظ في كتاب البخلاء أحاديثَ وقصصَ البخلاء الذين قابلهم وتعرَّف عليهم ضمن ظروف بيئته الخاصة، خاصَّة من أهل مدينة مرو في خراسان، فقام بتصورير البخلاء بواسطة أسلوبه الفني الأدبيّ تصويرًا حسيًّا ملامِسًا للواقعِ بطريقة فكاهيّة، فوصف تصرّفات أولئك البخلاء وحركاتهم وسكناتهم والنظرات التي يعتريها القلق أو تلك التي تنعم بالطمأنينة، وجسَّد النزوات النفسية التي تنتابهم، كما فضح أسرار البخلاء والخفايا التي تدور في بيوتهم والأحاديث التي تدور فيما بينهم، ومن براعة الجاحظ في كتاب البخلاء أنَّه لا يترك في نفوس القرّاء آثارًا سيئةً حول البخلاء، ولا يحمل القراء على كراهية هذا الصنف من المجتمع.[١]
لذلك، فإنّ كتاب البخلاء يحملُ في طيَّاته قصصًا يرويها الجاحظ كنوادر تصوِّرُ مواقفَ هزليَّة بطريقة تدفعُ إلى التربية ونقد الواقع الاجماعي، ويعدّ كتاب البخلاء أيضًا دراسةً اجتماعيةً نفسيَّة اقتصادية تربويةً، وله أهميَّة علمية كبيرة كمرجع علمي؛ لأنَّه يكشفُ عن طبائع وسلوك ونفوس البشر، بالإضافة إلى أنَه يحتوي على كثير من أسماء المشاهير والأعلام وأسماء المدن والبلدان وصفات أهل تلك البلاد، كما يحتوي على كثير من الشعر والآثار والأحاديث وغيرها، لذلك يمكن أن يعرَّف كتاب البخلاء باختصار أنَّه موسوعة اجتماعية أدبية علمية جغرافية تاريخية تصور تلك الأمور في صدر العصر العباسيّ.[١]
يمكنُ اعتبار كتاب البخلاء للأديب الموسوعيّ الجاحظ بأنَّه من أشهر كتب الأدب الساخر، حيث ظهرت فيه روح الفكاهة التي تطربُ الأرواح وتهزُّ النُّفوس، كما ظهر فيه أسلوب الجاحظ الذي يفيضُ بالبيان المتماسك الرصين وبقدرته على صياغة النوادر والقصص القصيرة الهزلية، حيثُ تميزت كتاباته بوضوح البيان ودقَّة التعبير وبراعة الوصف، وهو الكتاب الوحيد الذي وصف الحياة الاجتماعية في صدر العصر العباسي بهذا الوصف الذي كشف أسرار الحياة في تلك المرحلة.[١]
صاحب كتاب البخلاء
الجاحظ، وهو عمرو بن بحر الكناني المُكنَّى بأبي عثمان، من كبار الأدباء في العصر العباسي، وُلد في البصرة عام 159هـ في خلافة المهدي، وعاصر فترة ازدهار الثقافة العربية الإسلامية، لُقِّب بالجاحظ لجحوظٍ واضحٍ في عينَيْه، كان في صباه يبيع السمك والخبز، ثمَّ صار يأخذ العلم من روَّاده في ذلك الزمان، فأخذ اللغة العربية عن الأصمعي والنحو عن الأخفش وعلم الكلام عن إبراهيم بن سيار، وصار يستأجر الدكاكين من الوَرّاقين ويقرأ ما فيها من الكتب المؤلّفة والمترجمة، فجمع بين الثقافة العربية والفارسية واليونانية والهندية. توفّي عامَ 255هـ عن عمر 96 عامًا قضاها في العلم والقراءة والكتابة.[٢]
لقراءة المزيد عن الجاحظ، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: من مؤلف كتاب البخلاء.