محتويات
التمييز وأنواعه
التمييز في اللغة العربية هو اسمٌ جامد فَضْلة، يُبعِد الإبهامَ والغموض عن المُميَّز، وللتمييز نوعان إما أن يكون تمييز ذات، إذ يكون المميَّز اسمًا مفردًا، وقد يكون تمييز نسبة أو ما يُسمَّى تمييز جملة فيكون المُميَّز جملة، ومما هو جدير بالذكر أن كلًّا من النوعين السابقين لهما أقسام عدة، فتمييز الذات يكون على أنواع منها تمييز العدد، ومنها تمييز ما يدل على المقدار، ومنها ما يشبه المقدار، وغيرها من الأنواع، وكذلك الأمر مع تمييز النسبة فهو يقسم إلى تمييز محوّل وغير محوّل، ولكل نوع من الأنواع السابقة تفاصيل وأحكام خاصة به، فمثلًا يجد الدارس قسمًا خاصًا بتمييز العدد وإعرابه، وقسمًا آخر لتمييز النسبة وإعرابه. [١]
تمييز العدد وإعرابه
إنّ تمييز الذات هو النوع الأول من أنواع التمييز، وهو يقسم إلى أنواع عدة، أولها تمييز العدد، وبما أن تمييز العدد وإعرابه له تفاصيل كثيرة، وأحكام عدة فسيُكون الحديث عنه بشكل منفصل عن باقي أقسام تمييز الذات. مما هو معروف عن الأعداد أنها تكون مبهمة بلفظها لوحدها ولذلك تحتاج اسمًا بعدها يوضحها ويبعد اللبس والغموض عنها، فلا يمكن القول "اشتريْت عشرين" فالكلام غامض وغير واضح، ويصبح واضحًا عندما تكون الجملة "اشتريْت عشرين كتابًا" فكلمة "كتابًا" تمييز منصوب؛ وذلك لأنها جاءت بعد العدد، والعدد يحتاج تمييزًا يزيل الغموض عنه ويوضحه ويبين المقصود به، ومما هو جدير بالذكر أن تمييز العدد وإعرابه لا يكون دائمًا منصوبًا فأحيانًا يكون مجرورًا بالإضافة، وأحيانًا يكون مجرورًا بحرف الجر، ولا يكون منصوبًا إلا مع الأعداد من أحد عشر إلى تسعة وتسعين، أما تفاصيل تمييز العدد وإعرابه فسَتَرِد في فقرة خاصة ومبوّبة.[٢]
تمييز العدد المنصوب والمجرور
الأعداد في اللغة العربية كثيرة، ومنها ما يأتي مفردًا، ومنها ما يأتي مثنى، ومنها ما يُجمع جمعًا مذكرًا سالمًا أو جمعًا مؤنّثًا سالمًا، هذا بالإضافة إلى جموع القلة وجموع الكثرة، إلّا أن الثابت في الأعداد أنها تحتاج تمييزًا لها، ولكل قسم من هذه الأعداد حكم خاص مع تمييزه، ومن أبرز أحكام تمييز العدد وإعرابه وفقًا لتصنيف الأعداد: [٣]
- الأعداد من ثلاثة إلى عشرة: حكم التمييز بعد هذه الأعداد أنّه مجموع مجرور بالإضافة وجوبًا، مثل جملة "رأيت ثلاثة جنودٍ" ويُستثنى من هذا التمييز اسم الجنس، و اسم الجمع فعندها يجر بحرف الجر من مثل قوله تعالى: {قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [٤]، كلمة الطير اسم جنس لذلك جُرت بحرف الجر لا بالإضافة.
- الأعداد من أحد عشر إلى تسعة وتسعين: التمييز مع هذه الأعداد مفردٌ منصوب مثل قوله تعالى: {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} [٥]، العدد سبعون جاء بعده التمييز مفردًا منصوبًا.
- العدد مئة وألف: إن العدد مئة والعدد ألف ومثناهاما وجمعها يأتي التمييز بعدها مفردًا مجرورًا بالإضافة وجوبًا، مثل قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [٦]، العدد ألف جاء التمييز بعده مفردًا مجرورًا بالإضافة.
نماذج مُعربة لتمييز العدد
بعد أن توضحت للدارس أقسام تمييز العدد وإعرابه والأحكام الخاصة بالعدد وأنواعه، لا بدّ من عرض بعض النماذج المُعربة التي تساعد على تأكيد المعلومات السابقة وتثبيتها، لا سيّما اختلاف أحكام تمييز العدد بين النصب والجر بحرف الجر والجر بالإضافة، وما ينبغي الانتباه إليه أن التمييز عندما يكون مجرورًا بحرف الجر أو بالإضافة فإنه سيُعرب بحسب موقعه من الإعراب، ويبقى تمييزًا في المعنى فقط، ومن الأمثلة على تمييز العدد وإعرابه:
- قال تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}. [٧]
- رأيْتُ: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الرفع المتحركة، والتاء ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
- أحد عشر: مفعول به مبني على فتح الجزئين في حل نصب.
- كوكبًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
- من الشعر العربي ما قاله عنترة بن شداد: [٨]
فيها اِثنَتانِ وَأَربَعونَ حَلوبَةً
- سودًا كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسحَمِ
- فيها: حرف جر، و"ها" ضمير متصل مبني في محل جر بحر الجر، والجار والمجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف تقديره كائنٌ أو موجودٌ.
- اثنتان: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنّه ملحق بالمثنى.
- و: حرف عطف
- أربعون: اسم معطوف على "اثنتان" مرفوع مثله وعلامة رفع الواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.
- حلوبةً: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
- قوله تعالى: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}. [٩]
- سخرّها: فعل ماض مبني على الفتح الظاهر على آخره، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره "هو" و"ها" ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به.
- سبعَ: مفعول فيه ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
- ليالٍ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
- قوله تعالى: {قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.[١٠]
- خذْ: فعل أمر مبني على السكون الظاهر على آخره، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره "أنت"
- أربعةً: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
- من: حرف جر.
- الطيرِ: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
أحكام خاصة بتمييز العدد
مع كل ما ذُكر عن تمييز العدد وإعرابه، ما زال لتمييز العدد بعض الأحكام الخاصة المتعلقة بتركيب الجملة التي يرِدُ فيها، ولهذه الأحكام استثناءات وردت للضرورة الشعرية أو ما شابه، ومن هذه الأحكام:[١١]
- لا يجوزُ الفصلُ بينَ التمييزِ والعدَدِ: كأن يقول القائل "رأيت أحد عشر في المدرسة طالبًا" ولم يرد هذا الكلام إلا ضرورة في الشعر وذلك في قول جرير:[١٢]
لي خَمسَ عَشرَةَ مِن جُمادى لَيلَةً
- ما أَستَطيعُ عَلى الفِراشِ رُقادي
والمقصود في البيت الشعري "في خَمسَ عَشرَةَ ليلةً من جُمادى"
- النعت بعد تمييز العدد يكون مفردًا أو جمعًا: إذا جاء النعت بعد تمييز العَددِ جازَ أن يكون مفردًا منصوبًا باعتبارِ لفظِ التمييز، نحو "لدينا خمسة عشرَ، أو خمسون، طالبًا مجتهدًا"، وجاز جمعهُ منصوبًا، باعتبار معنى التمييز، نحو "لدينا خمسة عَشر، أو خمسون طالبًا مجتهدينَ".
المراجع
- ↑ "تمييز (نحو)"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 26-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "إيضاح مسائل العربية على متن الأجرومية 30"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2019. بتصرّف.
- ↑ " التمييز"، almerja.com ، اطّلع عليه بتاريخ 26-6-2109. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 260.
- ↑ سورة الحاقة3، آية: 32.
- ↑ سورة العنكبوت، آية: 14.
- ↑ سورة يوسف، آية: 4.
- ↑ "هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم ( معلقة )"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-6-2019.
- ↑ سورة الحاقة، آية: 7.
- ↑ سورة البقرة، آية: 260.
- ↑ " التمييز"، almerja.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "بان الخليط فودعوا بسواد"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-6-2019.