منزلة الاستغفار
يعدّ الاستغفار من أفضل وأنفع العبادات التي يتوجه بها المسلم إلى الله -سبحانه وتعالى-، ففي الاستغفار يتوجه العبد إلى الله طالباً منه أن يغفر له ذنوبه، ويعفو عنه، ويتجاوز عن سيئاته، متضمناً بذلك الاعتراف بالتقصير والذنب، وقد أمر الله عباده بالاستغفار فقال في كتابه: (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[١] وأمر رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا)،[٢] والأمر لرسول الله أمر لأمته.[٣]
ثمرات الاستغفار
لكثرة الاستغفار فوائد وثمرات كثيرة لا حصر لها تعود على صاحبها بالنفع في الدنيا والآخرة، من هذه الفوائد والثمرات:
- تحقيق مغفرة الذنوب من الله سبحانه وتعالى، قال -تعالى-: (وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّـهَ يَجِدِ اللَّـهَ غَفُورًا رَّحِيمًا)،[٤][٥] وذلك إذا توجه العبد إلى مولاه بصدق وإخلاص وحسن الظن، فقال -تعالى-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)،[٦][٧] ويشمل ذلك مغفرة الذنوب صغيرها وكبيرها، بدليل ما رواه مجموعة من الصحابة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (مَنْ قال: أستغفرُ اللهَ الذي لا إلهُ إلَّا هو الحيُّ القيومُ و أتوبُ إليهِ، ثلاثًا، غُفِرَتْ لهُ ذنوبُهُ، وإن كان فارًا مِنَ الزحفِ).[٨][٩]
- فتح أبواب الرزق والبركة فيه، قال -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا).[١٠][٥]
- حماية المسلم من الوقوع في المصائب والبلايا، وإن وقعت المصائب به فإن الله يدفعها عنه باستغفاره ويجلب له النعم، لما روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (مَن لزِم الاستغفارَ جعل اللهُ له من كلِّ همٍّ فرجًا ومن كلِّ ضيقٍ مخرجًا ورزَقه من حيثُ لا يحتسبُ).[١١][١٢]
- الحماية من نزول العذاب بالمستغفر، ولهذا كان يقول جعفر لصادق: لو نزلت صاعقة من السماء لأصابت الناس جميعاً إلا المستغفر، قال -تعالى-: (وَما كانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فيهِم وَما كانَ اللَّـهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغفِرونَ).[١٣][١٤]
- كثرة الأولاد، والبركة فيهم.[١٥]
صيغ الاستغفار
ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- العديد من صيغ الاستغفار، منها ما يأتي:[١٦]
- قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أستغفِرُ اللهَ الَّذي لا إلهَ إلَّا هوَ الحيُّ القَيومُ وأتوبُ إليهِ).[١٧]
- قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أستغفر الله).
- قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (اللَّهمَّ اغفِرْ لي، وارحَمْني، وتُبْ علَيَّ، إنَّك أنت التَّوَّابُ الرَّحيمُ).[١٨]
- روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: (إنْ كُنَّا لنعدُّ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ في المجلسِ يقولُ ربِّ اغفرْ لي وتبْ عليَّ إنَّكَ أنتَ التوابُ الرحيمُ مائةَ مرةٍ).[١٩]
- قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بين التشهد والتسليم: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَسْرَفْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ).[٢٠]
المراجع
- ↑ سورة البقرة ، آية:199
- ↑ سورة النصر ، آية:3
- ↑ مجموعة من المؤلفين (2009)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 5668، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء ، آية:110
- ^ أ ب خميس محمد (1418)، مواقف حلف فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم (الطبعة 1)، بيروت :بيت الأفكار الدولية ، صفحة 139. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر ، آية:53
- ↑ محمد بن عثيمين ، فتاوى نور على الدرب، صفحة 2، جزء 24. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني ، في السلسلة الصحيحة ، عن عبدالله بن مسعود وزيد مولى رسول الله وأبو بكر الصديق وأبو سعيد الخدري وأنس بن مالك والبراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:2727، صحيح .
- ↑ سليمان العودة (2013)، شعاع من المحراب (الطبعة 2)، الرياض :دار المغني، صفحة 204، جزء 1.
- ↑ سورة نوح ، آية:10-12
- ↑ رواه ابن باز ، في مجموع فتاوى ابن باز ، عن عبد الله بن عباس ، الصفحة أو الرقم:11، صحيح .
- ↑ مجموعة من المؤلفين (2009)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 305، جزء 94. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنفال ، آية:33
- ↑ عائض القرني ، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 15، جزء 241. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1436)، المختصر في تفسير القرآن الكريم (الطبعة 3)، صفحة 571، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد ، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 3، جزء 125. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الترغيب ، عن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم:1622، صحيح لغيره .
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج المسند ، عن عبد الله بن عمر ، الصفحة أو الرقم:5354، صحيح .
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح ابن ماجه ، عن عبد الله بن عمر ، الصفحة أو الرقم:3090، صحيح .
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن علي بن أبي طالب ، الصفحة أو الرقم:771، صحيح .