جراحة سرطان المستقيم

كتابة:
جراحة سرطان المستقيم

سرطان المستقيم

المستقيم الجزء الأخير من الأمعاء الغليظة في جهاز الهضم من جسم الإنسان؛ إذ يمتدّ من نهاية الجزء الأخير من القولون، وينتهي بالقناة الضّيقة القصيرة المؤدية إلى فتحة الشّرج، وقد تنمو بعض الخلايا السرطانية مكوّنة أورامًا سرطانية في المستقيم أو القولون، وغالبًا ما تُجمَع سرطانات المستقيم والقولون معًا تحت مصطلح سرطان القولون والمستقيم (colorectal)، وبالرّغم من التشابه الكبير بين سرطان المستقيم وسرطان القولون، لكنّ علاجاتهما مختلفةً تمامًا؛ ذلك بسبب وجود المستقيم في مساحة ضيّقة للغاية من تجويف الحوض، فهو بالكاد يُنفصل عن باقي الأعضاء الأخرى الموجودة هناك؛ لذلك يُعدّ الاستئصال الجراحي الكامل لسرطان المستقيم أمرًا صعبًا ومعقّدًا للغاية، وغالبًا ما يُصاحب العلاج الجراحي إجراء علاجات إضافيةٍ تجرى قبل الجراحة أو بعدها أو كليهما؛ لتقليل فرصة عودة نمو السرطان، وتجدر الإشارة إلى أنّ سرطان القولون والمستقيم من أكثر أنواع السرطانات انتشارًا حول العالم، إذ يُعدّ ثاني أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين الإناث، وثالث أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين الذكور.[١][٢]


جراحة سرطان المستقيم

تُعدّ الجراحة العلاج الأمثل لعلاج المصاب بسرطان المستقيم ومنع انتشاره، والتي تتضمن إزالة الورم السرطاني من المستقيم، أو يُستأصَل في بعض الحالات المستقيم كاملًا، والغدد الليمفاوية المحيطة به، والدّهون في منطقة الورم؛ لتقليل فرص ترك أيّ خلايا سرطانية، وغالبًا ما يُستخدَم العلاج الإشعاعي أو الكيمياوي قبل الجراحة أو بعدها، وتتوفّر العديد من الجراحات المختلفة التي تهدف جميعها إلى إزالة الخلايا السرطانية من الجسم، وتختلف هذه العمليات باختلاف مرحلة الورم السرطاني وموقعه بالنّسبة إلى فتحة الشّرج؛ إذ تجب معرفة مكان الورم بدقّة قبل إجراء الجراحة، فقد تؤثر الجراحة في العضلات الحلقية الموجودة حول فتحة الشرج، التي تتحكّم بالقدرة على حمل البراز في المستقيم، وتمنع خروجه لا إراديًا، ومن ضمن هذه الجراحات:[٣][٤]:

  • الاستئصال بالتنظير: يُستخدَم هذا الإجراء في حالات الأورام السرطانية صغيرة الحجم، والتي توجد بالقرب من فتحة الشرج، ولم يصل عمقها لأكثر من الأغشية المخاطية فقط، ويجرى الاستئصال عن طريق إدخال أنبوب التنظير المزوّد بكاميرا صغيرة في فتحة الشرج، وإيصاله إلى المستقيم، ثمّ استئصال الورم عن طريق تمرير حلقة سلكية لقطع الورم بتيارٍ كهربائي ذي تردد مناسب، وفي بعض الحالات يُزيل الطبيب كل طبقات جدار المستقيم؛ للتأكد من إزالة كل الخلايا السرطانية، وبعض أنسجة المستقيم الطبيعية المحيطة، ثمّ يُغلق الثقب في جدار المستقيم، ولا تُزال العقد الليمفاوية خلال هذا الإجراء؛ لذلك قد يُوصى باستخدام العلاج الإشعاعي أو العلاج الكيمياوي، أو كليهما بعد الجراحة، ولا يتضمن هذا الإجراء إحداث جروح أو شقوق في الجلد أو البطن.
  • الاستئصال الأمامي المنخفض (LAR): يُستخدَم هذا الإجراء لإزالة بعض سرطانات المستقيم من المرحلة الأولى، ومعظم سرطانات المرحلة الثانية أو الثالثة التي تنمو في الجزء العلوي من المستقيم بالقرب من مكان اتصاله بالقولون، وتتضمّن هذه الجراحة إجراء عدّة شقوق صغيرة في البطن تحت التخدير العام، وإزالة جزء المستقيم الذي يحتوي على الورم مع العقد الليمفاوية والأنسجة الأخرى حول المستقيم، ثمّ ربط القولون بالجزء المتبقي من المستقيم، وتُستأئَف وظيفة الأمعاء الطبيعية بعد الجراحة.
  • استئصال المستقيم (TME): تتطلّب بعض السرطانات في المرحلة الأولى، ومعظم السرطانات في المرحلتين الثانية والثالثة، والتي توجد في الثلث الأوسط والسفلي من المستقيم إزالة كاملة للمستقيم مع كل الغدد الليمفاوية القريبة منه، ثمّ توصيل القولون بالشرج ليتمكن المريض من تحريك أمعائه بالطريقة المعتادة عن طريق مضاعفة حجم جزء صغير من القولون وتكوين كيس صغير لتخزين للبراز.
  • الاستئصال البطني العجزي (APR): تُستخدَم هذه الجراحة لعلاج بعض سرطانات المرحلة الأولى، والعديد من سرطانات المرحلة الثانية أو الثالثة الموجودة في الجزء السفلي من المستقيم القريب من فتحة الشرج، وغالبًا ما تُستخدَم في حالات نمو الخلايا السرطانية العضلة العاصرة التي تُبقي فتحة الشرج مغلقة وتمنع تسرب البراز، أو العضلات الرافعة التي تُساعد في التحكّم بتدفق البول، وتتضمّن هذه الجراحة إجراء شق أو عدة شقوق صغيرة في جلد البطن، وآخر في الجلد حول فتحة الشرج، وإزالة المستقيم والشرج والأنسجة المحيطة به؛ بما في ذلك العضلة العاصرة، ونتيجة إزالة فتحة الشرج توصل نهاية القولون بفتحة في الجلد فوق البطن للسماح للبراز بمغادرة الجسم.
  • اجتثاث الحوض: هي جراحة كبرى تتضمّن إزالة المستقيم مع أي الأعضاء المجاورة التي وصل إليها السرطان؛ مثل: المثانة، أو البروستاتا عند الرجال، والرحم عند النساء، وفي حالات إزالة المثانة يستلزم إجراء جراحة لمجرى البول، وإجراء فتحة في جلد البطن تسمح بخروج البول من الجسم.


مضاعفات جراحة سرطان المستقيم

الكثير من العوامل تجعل جراحة المستقيم صعبةً ومحفوفةً بالمخاطر؛ كضيق تجويف الحوض، والاتصال الوثيق للمستقيم بالأعضاء والأجزاء الهيكلية المهمّة وظيفيًا؛ مثل: الأعصاب، والمسالك البولية -بما في ذلك الحالب والمثانة والإحليل-، وغدة البروستاتا والحويصلات المنوية لدى الذكور، والرحم والجدار المهبلي الخلفي والحوض لدى الإناث، وهذه العوامل كلها إضافةً إلى الصحة العامة للمصاب ونوع الجراحة يسبّب العديد من الآثار الجانبية والمضاعفات للجراحة، ومن ضمنها:[٣][٥]

  • ارتفاع درجة حرارة الجسم.
  • النزيف أثناء العملية أو بعدها.
  • الالتهابات في موقع الجراحة.
  • جلطات الدم في الساقين.
  • العجز الجنسي.
  • اختلالات المثانة، واضطرابات التغوّط؛ مثل: صعوبات إفراغ البراز، وسلس البراز، بالإضافة إلى السلس البولي.
  • الضّغوطات النّفسية، إذ تسبب فتحة البطن المخصصّة لخروج البراز حرجًا اجتماعيًا؛ خوفًا من تسرّب الرائحة الكريهة.
  • آلام شديدة في الحوض والبطن، لا سيّما عند انفكاك الروابط الجديدة بين طرفي القولون.
  • الالتصاقات؛ هو تلامس قوي بين الأعضاء الداخلية أو الأنسجة في منطقة البطن، نتيجة التندب الذي يحدث يعد الجراحة.


علاجات أخرى لسرطان المستقيم

هناك أنواع مختلفة من العلاجات المتوفرة لمرضى سرطان المستقيم، ومن ضمنها:[٦]

  • العلاج الإشعاعي: يتضمّن هذا النوع من العلاج استخدام الأشعة السينية عالية الطاقة، أو أنواعًا أخرى من الإشعاعات لقتل الخلايا السرطانية أو منعها من النمو، ويُستخدَم العلاج الإشعاعي بطريقتين اعتمادًا على مرحلة السرطان؛ هما:
    • العلاج الإشعاعي الخارجي ، ذلك عن طريق إرسال الأشعة عبر جهاز إشعاعي خاص خارج الجسم، وتحديدها نحو الورم السرطاني.
    • العلاج الإشعاعي الداخلي، عن طريق حق المواد المشعة محكمة الإغلاق مباشرةً في الورم السرطان أو بالقرب منه.
  • العلاج الكيمياوي: يتضمّن استخدام مجموعة من الأدوية لإيقاف نمو الخلايا السرطانية؛ إمّا عن طريق قتل الخلايا أو منع انقسامها، ويُعطى العلاج الكيمياوي للمصابين عن طريق الفم، أو بحقنه في الوريد أو العضلات، فتدخل هذه الأدوية إلى مجرى الدم لتصل إلى الخلايا السرطانية في كل أنحاء الجسم، وهذا ما يُسمّى العلاج الكيمياوي الجهازي، أمّا العلاج الكيمياوي المُحَّدد يتضمّن وضع الأدوية مباشرةً في السائل الدماغي الشوكي أو العضو المصاب أو تجويف الجسم؛ مثل: البطن، وتؤثر هذه الأدوية بشكلٍ رئيس في الخلايا السرطانية في تلك المناطق.
  • المراقبة النشطة: أي متابعة حالة المصاب عن كثب دون إعطائه أي علاج عن طريق إجراء مجموعة من الفحوصات الطبية والمخبرية؛ مثل: فحص المستقيم الرقمي، والتصوير بالرنين المغناطيسي، والتنظير الداخلي، والتنظير السيني، والاشعة المقطعية، وغيرها، وعند حدوث أي تغييرات على نتائج هذه الفحوصات فإنّ يدل على نمو السرطان، وازدياد الحالة شدة يبدأ تنفيذ خطة العلاج المناسبة.
  • العلاج الموجّه: يتضمّن هذا النوع من العلاج استخدام الأدوية أو المواد الأخرى لتحديد الخلايا السرطانية، ومهاجمتها دون الإضرار بالخلايا الطبيعية، ويشتمل العلاج الموجّه على العديد من الأنواع، ومن ضمنها:
    • استخدام الأجسام المضادة وحيدة النسيلة (Monoclonal antibodies) المصنوعة في المختبر باستخدام نوع من خلايا الجهاز المناعي الجذعية؛ فهذه الأجسام المضادة تحدّد المكوّنات الخاصة الموجودة على الخلايا السرطانية، أو المواد الطبيعية التي قد تساعد الخلايا السرطانية في النمو، وتلتصق بها، وتقتل الخلايا السرطانية، وتمنع نموها.
    • مثبطات تولّد الأوعية (VEGF)؛ التي تمنع نمو الأوعية الدموية الجديدة التي تحتاجها الأورام السرطانية للنمو.
  • العلاج المناعي: أو كما يُسمّى بالعلاج البيولوجي؛ هو إجراء يستخدم مكوّنات جهاز المناعة لدى المصاب لمكافحة الخلايا السرطانية عن طريق استخدام المواد التي يصنعها الجسم طبيعيًا، أو المواد المصنّعة في المختبر لتوجيه دفاعات الجسم الطبيعية ضد السرطان أو تعزيزها أو استعادتها.


المراجع

  1. "Rectal cancer", www.mayoclinic.org, Retrieved 4-6-2020. Edited.
  2. Ann Pietrangelo (2019-2-27), "Rectal Cancer"، healthline, Retrieved 4-6-2020. Edited.
  3. ^ أ ب "Surgery for Rectal Cancer", cancer, Retrieved 2020-6-4. Edited.
  4. Charles Patrick Davis, MD, PhD, "What Types of Surgery Treat Rectal Cancer?"، www.emedicinehealth.com, Retrieved 4-6-2020. Edited.
  5. Rolv-Ole Lindsetmo, Yong-Geul Joh, Conor P Delaney (2008-6-7), "Surgical treatment for rectal cancer: An international perspective on what the medical gastroenterologist needs to know"، ncbi, Retrieved 2020-6-4. Edited.
  6. "Rectal Cancer Treatment (PDQ®)–Patient Version", cancer, Retrieved 2020-6-4. Edited.
4572 مشاهدة
للأعلى للسفل
×