حب الزوج لزوجته في الإسلام

كتابة:
حب الزوج لزوجته في الإسلام

حب الزوج لزوجته في الإسلام

الحب

يقصد بالحب: ميل القلب فطرة أو إدراكاً ومعرفة إلى ما يوافقه ويستحسنه،[١] كما أن للحب أنواعاً كثيرة وعديدة، ومن هذه الأنواع هي المحبة بين الزوجين، وهذا النوع من الحب هو أمر فطري جبل الله الناس عليه حين خلقهم، لقوله -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).[٢]

إذ يميل الرجل إلى زوجته بفطرته ويسكن إليها ويأنس بوجودها، فتسود المودة والرحمة بينهما، وتعم السعادة حياتهما، وقد جعل الإسلام للزوج الدور الأكبر في ضبط هذه العلاقة؛ فوجهه إلى ضرورة احتواء الزوجة والاهتمام بها.

وصية الرسول للرجال

وقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجال بالنساء حين قال: (اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ؛ فإنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوَجَ شَيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ).[٣]

كما جعل العشرة الطيبة والتي هي أساس وقوام هذه الحياة، واجباً على الزوج اتجاه زوجته لقوله -تعالى-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا).[٤]

حيث جاء الأمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن الْمعروف: أن يوفيها حقها من المهر والنفقة والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب؛ وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله -تعالى-: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ).[٥][٦]

صفات المرأة التي يحبها الزوج

  • صاحبة المال والحسب والجمال والدين

بين الإسلام صفات المرأة التي يبحث عنها الأزواج في زوجاتهم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ).[٧]

  • الودود الولود

وقال -عليه الصلاة والسلام-: (تزوجوا الودودَ الولودَ فإني مكاثرٌ بكم الأممَ يومَ القيامةِ)،[٨] وجعل طاعة المرأة لزوجها سببا لمحبته لها ولدخولها الجنة، إذ قال -عليه السلام-: (إذا صلَّتِ المرأةُ خمسَها، وصامتْ شهرَها، وحفظتْ فرجَها، وأطاعتْ زوجَها، دخلتِ الجنةَ).[٩]

  • المطيعة لزوجها

حيث اتفق الفقهاء على أن طاعة الزوج واجبة على الزوجة، لقوله -تعالى-: (الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّل اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )،[١٠] ولقوله -تعالى-: (وَلَهُنَّ مِثْل الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَال عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ).

واتفقوا كذلك على أن وجوب طاعة الزوجة زوجها طاعة مقيدة؛ بأن لا تكون في معصية لله -تعالى-؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَل-).[١١][١٢]

  • التغاضي عن الخلافات

ولأن لا حياة زوجية تخلو من المشاكل والمنغصات؛ فقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبحث الرجل في زوجته عما يحب، ويتغاضى عما يكره من صفاتها، قال -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ، أَوْ قالَ: غَيْرَهُ).[١٣]

إذ ليس هنالك إنسان كامل؛ فقد يرى الزوج في زوجته خصالاً لا تنسجم مع مزاجه وطبيعته، فإن كانت هذه الخصال لا تتعارض مع أصول الشريعة أو طاعة الزوج وحقوقه، فعليه حينئذ ألا يحاول تغيير شخصيتها لتتفق مع مزاجه، وعليه أن يتذكر دائماً أن لكل من الزوجين شخصية تختلف عن شخصية الآخر، وأن يتذكر أيضاً أنه إن كان في زوجته صفات لا تعجبه، فإن فيها صفات أخرى لا بد أن تعجبه.[١٤]

طرق إظهار محبة الزوج لزوجته

إن على الرجل أن يظهر محبته لزوجته ولا يخفيها عنها؛ لتؤتي هذه المحبة ثمارها، فيكون اهتمامه بها كما يأتي:

  • أن يساعد الزوج زوجته في شؤون المنزل والاعتناء بشؤونه الخاصة؛ كإصلاح الثوب أو نحو ذلك.
  • المعاشرة بالمعروف، والإحسان إلى الزوجة بالكلام والأفعال.
  • يجدر بالزوج تخصيص وقت لملاطفة زوجته، والحديث معها والسؤال عن أحوالها.
  •  أن لا يكثر اللوم والعتاب؛ مما قد يؤدي إلى فساد العلاقة بينهما وتهديد الحياة الزوجية، فالتغافل مطلوب.
  • إظهار الكرم وإحضار الهدايا للزوجة؛ مما يرقق قلبها ويزيد من محبتها وامتنانها للزوج.
  • إكرام أهلها إذا حضروا، والسؤال عن أحوالهم إذا غابوا.
  • مشاركتها فيما تحب وتقديم النصح والمشورة إذا طلبتها، وتقديم الدعم النفسي والعون والمساعدة الدائمة للنجاح.

ثمار محبة الزوج لزوجته

حين يظهر الرجل لزوجته محبته، ويترفق بها، فإنه بذلك سيكسب قلبها ومودتها، ويبعد شبح الهموم والغموم عنهما، وهو ما سينعكس على الحياة بالاستقرار والسكينة والدفء، وعلى أطفالهما بالهدوء والراحة والحب، ليخرجوا إلى المجتمع جيلاً من الأسوياء، ويكون البيت جنة لكل أفراد المنزل.

المراجع

  1. عبد الرءوف محمد عثمان، محبة الرسول بين الإتباع والابتداع، صفحة 37. بتصرّف.
  2. سورة الروم، آية:21
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:3331، حديث صحيح.
  4. سورة النساء، آية:19
  5. سورة البقرة، آية:229
  6. الجصاص، أحكام القرآن للجصاص، صفحة 138. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5090، صحيح.
  8. رواه ابن حبان، في المقاصد الحسنة، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:198، حديث صحيح.
  9. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أنس بن مالك و عبدالرحمن الزهري وعبد الرحمن بن حسنة، الصفحة أو الرقم:720، حديث صحيح.
  10. سورة النساء، آية:34
  11. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عمران بن الحصين والحكم بن عمرو الغفاري، الصفحة أو الرقم:9884، صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 313. بتصرّف.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1469، صحيح.
  14. أمة الله بنت عبد المطلب، رفقا بالقوارير، صفحة 386. بتصرّف.
2689 مشاهدة
للأعلى للسفل
×