حب وحرب كلمتين يفصل بينهما حرف ولكن..هل للصراعات تأثير مباشر على جميع جوانب الحياة بما فيها أيضا العلاقة الزوجية. كيف تؤثر الحرب على العلاقة الزوجية؟
أيام الحرب هي أيام توتر وأيام صراع وجودي وسعي للبقاء على قيد الحياة أيضا ، خاصة عندما يكون المنزل أو المحيط معرضا بشكل مباشر للخطر والقصف وأحيانا التهجير!
حب وحرب ! لابد بأن هناك العديد من القصص والروايات التي تطرقت لمواضيع العلاقات الانسانية خلال فترات الحروب ، ولطالما سمعنا عن قصص الحب المتزامنة مع الحروب والتي قد انتهت بعضها بصورة درامية اما ماساوية أو سعيدة.
خلال الحرب عادة ما نقول لأنفسنا بانه إذا مر كل شيء بسلام وانتهت الحرب ، فإننا سنكون أفضل في علاقتنا مع بعضنا البعض، سنتحمل أكثر، وكل الصراعات الصغيرة تتقزم فجأة، وتصبح غير مهمة في لحظتها، فقط لتمر هذه الفترة بسلام. ويزيد حينها تميزنا بين المهم والتافه.
لماذا يصبح الناس أكثر حساسية في فترات الحرب؟
بنو البشر هم الجنس الأكثر اجتماعية على وجه الأرض. ومن المعروف أن الحيوانات الاجتماعية في الطبيعة ، تعيش في قطعان بأعداد كبيرة، وبفضل عددها الكبير تتمكن من تطوير تقنيات للدفاع عن النفس (لديها كل يوم، منذ ولادتها، وحتى افتراسها في نهاية المطاف، هي أيام حرب، أو صراع البقاء على قيد الحياة). هذه الحيوانات تقترب من بعضها البعض عندما تشعر بخطر الحيوانات المفترسة. هناك حيوانات اجتماعية التي تعيش بمجموعات حتى لدى الحيوانات المفترسة مثل: الأسود، الضباع، الذئاب وغيرها. وحتى هي تقترب من بعضها أثناء الخطر، أو الصيد.
خلال الحرب نحن نكون في حالة توتر وقلق، ويتمثل ذلك بتسارع ضربات القلب، زيادة ضغط الدم وبالطبع إفراز هرمونات الإجهاد، مثل: الأدرينالين، النورادرينالين، الدوبامين، وخاصة الكورتيزول. هذه الهرمونات تؤدي لتجنيد جميع أنظمة الكائنات الحية لمواجهة الخطر المهدد للحياة.
الأشخاص الموجودون في حالة الحرب أو الضغوطات بشكل عام يشعرون بالحاجة لاستخدام الوسائل المخففة، ومن دون أن يدركوا ذلك فأنها تسبب لهم الضرر التراكمي. فهناك من يفرطون في التدخين، يبالغون في الأكل (على الرغم من انهم غير جائعين)، يشربون الكحول والقهوة بشكل مفرط وبالطبع الأدوية المهدئة. الخطر المهدد يجعلهم يقتربون من بعضهم البعض، يبحثون عن الدفء في العلاقة الزوجية، لأن الشعور بالدفء النابع من التقارب يخفف من الشعور بالخطر الوجودي.
ممارسة الجنس ممكن أن تصرف الانتباه عن حالة الضائقة وكمنفس للضغوطات (طبعا يتعلق ذلك بمستوى الضائقة). أحيانا نصادف حالات، لدى أزواج الذين كانت العلاقة الزوجية بينهم على وشك الانتهاء، أعلنوا انهم سوف يفكروا بالأمر مرة أخرى، أو على الأقل يؤخروا اجراءات الانفصال. هل هذه صدفة أنه بعد حوالي 9-10 أشهر، بعد الحرب، فإننا نواجه ظاهرة تسمى "Baby Boom" أي تزايد أعداد المواليد؟ هذا ليس بالصدفة، فهذه الظاهرة معروفة في العديد من الأماكن في الفترات التي تلي فترة التهديد الوجودي.
من ناحية أخرى، فانه يمكن أن يتم أثناء الحرب ممارسة الجنس الأكثر وحشية وخصوصا اتجاه شعب آخر فجميعنا سمعنا عن الاغتصابات الجماعية في الحرب العالمية الثانية في أوروبا وحاليا في منطقتنا في مناطق الصراعات. فقط في أوقات الحرب يمكن رؤية هذه الاختلافات بين الشعوب. من هم أكثر وحشية ومن أقل.
هل هذه التغيرات والعلاقة المتجددة المجزية تصمد حتى بعد انتهاء الحرب؟
ليس من المؤكد الاستمرار لفترة طويلة، فوفقا للإحصاءات فان نحو 30٪ من الأزواج يحافظون بالفعل على علاقتهم المتجددة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو حتى متى؟ بالنسبة للباقين الذين كانت لديهم علاقة زوجية سيئة وحصل تقارب فيما بينهم (أثناء فترة الحرب)، فإنهم على الأرجح سيعودون إلى طرقهم القديمة، أو لانفصالهم (الذي خططوا له) مع نهاية الحرب.
وبالطبع نحن لن نتجاهل حقيقة أنه يوجد أيضا حالات عكسية، فهناك أزواج التي تكون علاقتهم قبل الحرب مقبولة وبالذات خلال الحرب مع وجود حالة التوتر والضائقة فأنهم يفقدون صبرهم وتثور ثائرتهم، تصدر عنهم تصرفات سيئة تفاجئ الطرف الآخر، وحتى أنفسهم. هؤلاء يشكلون أقلية نسبيا نحو 15٪ من الأزواج فقط، ولكن لا يمكن تجاهلهم. أريد أن أؤكد ان السلوك الغير لائق (بسبب حالة الحرب)، لا ينبع بالضرورة من كلا الزوجين في نفس الوقت، فيكفي أن يتصرف أحدهم بشكل غير متوقع (أي، بعنف، بقسوة)، عندها تصدر من الطرف الآخر ردود فعل شديدة التي تفاجئه حتى هو نفسه.
ماذا يمكننا أن نتعلم مما ذكر أعلاه؟
باختصار: معظمنا نتقرب وندعم بعضنا البعض في أوقات الحرب،بسبب الخطر، التهديد الوجودي، الخ. حتى أولئك الذين لم يكونوا قريبين من بعضهم البعض، أو حتى كانوا غير مبالين، أو متخاصمين، قد يقتربوا من بعضهم البعض في بحثهم عن الدفء المريح النابع من التقارب. أقلية منا لا يفعلون ذلك، وحتى أن العلاقة تزداد سوءا بينهم. وفي الختام نأمل أن يعم الامن والسلام والحب في العالم .