ما هو حديث الصيحة في رمضان؟
ورد حديث الصيحة في رمضان في أكثر من كتاب حديثي وبأكثر من صيغة وروي عن أكثر من صحابي، وقد أخرجه الألباني في السلسلة الضعيفة عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "إذا كانت صيحةٌ في رمضانَ؛ فإنَّهُ يكونُ معمعةٌ في شوالٍ، وتميزُ القبائلُ في ذي القعدةِ، وتُسفكُ الدماءُ في ذي الحجةِ. والمُحرمُ ما المُحرمُ؟ (يقولها ثلاثًا)، هيهاتَ هيهاتَ! يقتلُ الناسُ فيها هَرْجًا هَرْجًا. قلنا: وما الصيحةُ يا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ؟ قال: هدةٌ في النصفِ من رمضانَ ليلةَ جمعةٍ؛ فتكونُ هدةٌ توقظُ النائمَ، وتُقعدُ القائمَ، وتُخرجُ العواتقَ من خدورهنَّ في ليلةِ جمعةٍ، في سنةٍ كثيرةِ الزلازلِ. فإذا صليتم الفجرَ من يومِ الجمعةِ؛ فادخلوا بيوتَكم، وأغلِقُوا أبوابَكم، وسدُّوا كواكم، ودثِّرُوا أنفسَكم، وسدُّوا آذانكم، فإذا أحسستم بالصيحةِ؛ فخرُّوا للهِ سُجَّدًا، وقولوا: سبحانَ القدوسِ، سبحانَ القدوسِ، ربُّنا القدوسُ؛ فإنَّهُ من فعل ذلك؛ نجا، ومن لم يفعل ذلك؛ هلك".[١][٢]
ما صحة حديث الصيحة في رمضان؟
حديث الصيحة في رمضان حديث موضوع، وقد حكم بوضعه الكثير من أهل العلم ومنهم الألباني في السلسلة الضعيفة،[٢] كما أخرجه الإمام السيوطي في كتابه المسمّى "اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" بجميع طرقه ورواياته وحكم عليها جميعها بالوضع وعدم الصحة،[٣] وكذا فعل ابن الجوزي -رحمه الله- في كتاب "الموضوعات" حيث أورد روايات متعدّدة تحمل بألفاظ ومعاني قريبة من الحديث السابق وبيّن أنّها موضوعة ومكذوبة على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وذكر نقد العلماء للكثير من رجال أسانيدها.[٤]
وبالعموم فإنّ الحديث الموضوع يُعرف من ركاكة ألفاظه واحتوائه على مجازفات وأشياء تتنافى مع فصاحة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وبلاغته وأسلوبه في الحديث، وقد ضعّف العلماء الأحاديث التي يكون فيها تحديد وذكر لتاريخ معيّن يحصل فيه أمر ما، فهذا لم يكن من عادة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في إخباره عن الغيب وما سيقع آخر الزمان،[٥] وممّن قال ذلك الملا علي القاري في كتابه المسمّى "كتاب الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" وحكم على روايات حديث الصيحة في رمضان بالوضع.[٦]
ما حكم تناقل حديث الصيحة؟
حديث الصيحة هو حديث موضوع كما تمّ بيانه، وقد نصّ أهل العلم على حرمة رواية ونقل الحديث الموضوع دون بيان وضعه، وهذا يشمل جميع الأحاديث سواءٌ ما كانت في مجال الأحكام أو المواعظ والترغيب والترهيب وغير ذلك، لأنّ الحديث الموضوع مكذوب على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وقد حذّر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من الكذب عليه وتوعّده بالوعيد الشديد، وقد قال الإمام النووي إنّ ذلك من أكبر الكبائر وأقبح الذنوب بإجماع المسلمين[٧] أمّا رواية الحديث الموضوع مثل حديث الصيحة مع تبيين أنّه موضوع ولا يصح وبهدف تحذير الناس من تناقله فجائز بل يمكن القول إنّه من باب نشر العلم وتصحيح المفاهيم والمعلومات لدى عموم الناس، والله أعلم.[٨]
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الضعيفة، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:6471، حديث موضوع.
- ^ أ ب ناصر الدين الألباني، كتاب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة، صفحة 1058-1059. بتصرّف.
- ↑ السيوطي، كتاب اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، صفحة 322-323. بتصرّف.
- ↑ ابن الجوزي، كتاب الموضوعات لابن الجوزي، صفحة 191-192. بتصرّف.
- ↑ القاوُقْجي، كتاب اللؤلؤ المرصوع، صفحة 232-233. بتصرّف.
- ↑ الملا علي القاري، كتاب الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة، صفحة 472. بتصرّف.
- ↑ الملا علي القاري، كتاب الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة، صفحة 40-42. بتصرّف.
- ↑ إبراهيم اللاحم، كتاب شرح اختصار علوم الحديث، صفحة 226. بتصرّف.