حركة التأليف في العصر العباسي الأول عوامل ازدهارها وحيثياتها

كتابة:
حركة التأليف في العصر العباسي الأول عوامل ازدهارها وحيثياتها




عوامل ازدهار حركة التأليف في العصر العباسي الأول

ساهمت العديد من الأسباب في ارتقاء وازدهار التأليف في العصر العباسي الأول، نذكر بعضًا منها فيما يلي:[١]


  • الاهتمام العام بالكتابة وتعليمها: فقد أدرك الخلفاء العباسيون أن ثبات دعائم الدولة لن يكون إلا بتوعية الشعب بأهمية الكتابة وأحقيتها على غيرها، ولهذا أنشأت المدارس ودور العلم المختلفة.
  • إتاحة العلم والأدب وحلقاتهما للجميع دون تمييز: حيث امتلأت المساجد بحلقات العلم والأدب والفقه وغيره، وكانت تكفي رغبة الشخص للاستماع للذهاب إليها والتبصر في موضوعاتها.
  • تشجيع الخلفاء العباسيين: من خلال دعمهم للأدب، وتقريب الأدباء من مجالسهم، واستشارتهم في العديد من الأمور، حتى أصبح المؤلفون يتنافسون فيما بينهم للفوز برضى الخلفاء والولاة لما يكتبون.
  • الرخاء الاقتصادي: وقد عمت هذه الرفاهية المالية أرجاء الدولة العباسية الأولى؛ مما حسنت من نوعية المعيشة، وسمحت بالانطلاق للتفكير في مجالات مختلفة من العلم والأدب بعيدًا عن الانغماس في تأمين الحياة الكريمة للأهل والخاصة.
  • ازدهار حركة الترجمة: فقد ساهمت هذه الحركة بشكل كبير في توسيع مدارك ووعي العلماء والأدباء من خلال نقل العلوم والآداب المختلفة من لغتها الأم إلى اللغة العربية، ككتاب كليلة ودمنة الذي نقله ابن المقفع إلى العربية، والذي أثرى الثقافة العربية، وخلق حالة من الخيال الجديد عند القاصين والمؤلفين العرب في ذلك الوقت وحتى يومنا الحاضر.
  • إنشاء بيت الحكمة: ويعد بمثابة مكتبة كبيرة ضمت معظم أنواع العلم والأدب، وأصبحت لاحقًا محطًا لطلبة العلم ومحبيه، حيث خُصص بها أماكن للدارسين، والباحثين، والمؤلفين الذين تطورت علومهم ومعارفهم كثيرًا؛ نتيجة ما حوته هذه الدار من أمهات الكتب العربية، والكتب الأعجمية المترجمة.


حيثيات حركة التأليف في العصر العباسي الأول

واحد من أهم عوامل ازدهار حركة التأليف في العصر العباسي الأول أنها طالت كل مناحي الحياة العلمية والأدبية، فقد توسعت كثيرًا ويمكن تلخيص مجالاتها بالنقاط الآتية:[٢][٣]


العلوم

وقد شمل التأليف الكثير من العلوم التي سادت في ذلك الزمن، من العربية والأعجمية، ويمكن تصنيف هذه العلوم على النحو الآتي:


  • الفلك: كان الخليفة أبو جعفر المنصور أول من اهتم بعلوم الفلك عامة وترجمة الكتب التي تناولتها خاصة، فقد كان المنصور عالمًا بذاته، محبًا للابتكار ومواكبًا للحضارة، كما أمر بترجمة العديد من كتب الفلك ومراقبة حركة الكواكب والأقمار، ومن أبرز هذه الكتب: كتاب "السند هند" الذي أُلف في الهند، وعرف عنه المنصور من وفد هندي أتاه، فأمر بتلخيص الكتاب ثم أمر بترجمته ليكون مرجعًا للعرب في علم الفلك.
  • علم الكلام والمنطق: ألفت الكثير من الكتب في ذلك العصر عن علم الكلام والمنطق والفلسفة، فقد حوى المجتمع العباسي الأول العديد من الأمور الجدلية فيما يتعلق بالمسائل العلمية، والأدبية، بل والدينية أيضًا، وقد زخرت المكتبة العربية بالعديد من الكتب الفلسفية من العصر العباسي لابن خلدون وغيره من الفلاسفة، ولا شك أن الترجمة ساهمت كثيرًا في تطور علوم الكلام والمنطق فقد أمر الخليفة المنصور بترجمة العديد من الكتب فيها إلى العربية لتكون مرجعًا للمؤلفين العرب.


الطب

ألفت العديد من الكتب في الطب في ظل العصر العباسي الأول، وقد ارتكزت معظم الكتب العربية في الطب على أسس الكتب الأعجمية، وقد كان هذا نتيجة ترجمة العديد من الكتب في هذا الاختصاص، وأهم من تُرجم من كتب الطب في العصر العباسي الأول؛ ما نقله حُنين بن إسحاق عن أبقراط وجالينوس، وقد استدعى المنصور من الطبيب جورجيس بن جبريل من جينديسابور إليه لترجمة كتب الطب على يديه من اليونانية إلى العربية، مما أثرى العلماء العرب علميًا وطبيًا.


الأدب

أما فيما يتعلق بحركة التأليف الأدبية فقد ازدهرت ازدهارًا لا مثيل له، وانتشرت فنونها النثرية والشعرية بشكل واسع، فارتقى الفن النثري وازدهر من خلال فنون الرسائل الأدبية، والإخوانية، والديوانية، وفن التوقيعات، وفنون القص، وطرائف ونوادر المجتمع، وفي الشعر فقد كثرت المواضيع الجديدة التي كتب بها الشعراء من شعر اجتماعي وغيره، إضافةً إلى تجلي شعر المدح والغزل قد فوق معظم الفنون الشعرية الأخرى في ذلك العصر.


المراجع

  1. شوقي ضيف، العصر العباسي الاول، صفحة 100-150. بتصرّف.
  2. شوقي ضيف، العصر العباسي الاول، صفحة 110-115. بتصرّف.
  3. كريم جمال (13/8/2019)، "الترجمة في العصر العباسي"، مجلة التقدم العلمي، اطّلع عليه بتاريخ 22/2/2022. بتصرّف.
11987 مشاهدة
للأعلى للسفل
×