حقوق الإنسان في الإسلام

كتابة:
حقوق الإنسان في الإسلام

حق المساواة الإنسانية في أصل الخلقة

ماذا أوجب الإسلام لضمان حق المساواة؟

إن أهم حقوق الإنسان التي شرعها الإسلام هو حق المساواة، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "النَّاسُ بنو آدمَ، وآدمُ خُلِق من ترابٍ"،[١] وخير دليلٍ على حرص الإسلام على حق المساواة هو عدل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حيث قال: "لو سرقت فاطمةُ بنتُ محمدٍ لقطعتُ يدَها"،[٢] فالناس جميعهم سواسية لا فرق بينهم، كلهم خلقوا من تراب وأبوهم هو آدم عليه السلام.[٣]


فمنع الإسلام الحظوة الخاصة، أو وجود تفرقة بسبب قرابة أو عرق أو دين، حيث قال الله تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}،[٤] كما أوجب الإسلام العدل للحفاظ على هذا الحق، حيث قال تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}،[٥] ووضع الإسلام مجموعة من القواعد والمبادئ الأساسية التي تضمن حقوق الأفراد في المساواة في جميع مجالات الحياة منها المجالات الاجتماعية والسياسية وغيرها.[٣]


حق الكرامة الإنسانية

ما هي مظاهر تكريم الإنسان في الإسلام؟

كرّم الله -تعالى- الإنسان وجعله أشرف الكائنات وأهمها، وسخّر له ما في الأرض والسماء ليستعين بهذا كله في حياته، وأعطاه الله تعالى أكبر النِعم وأعظمها وهي نعمة العقل، فالإنسان يتدبر ويتفكر دون غيره من الكائنات، فكرامة الإنسان في الإسلام تستند إلى نظرية متكاملة وواضحة، وأبرز آثار الكرامة الإنسانية هو مساواة حياة الفرد في قيمتها مع حياة النوع البشري واستمراريته، حيث قال الله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}.[٦][٧]


فأعطى الإسلام الكرامة الإنسانية والحفاظ عليها أولوية، فهي سبيل لحفظ باقي حقوق الإنسان وأهم ذلك حق الحياة، كما منع الإسلام ارتكاب أي فعل يمس بكرامة الإنسان، كالانتقاص منه أو تعذييه، أو الاعتداء عليه أو على عرضه وماله، بل لم يقف تكريم الإسلام للإنسان عند هذا الحد؛ بل احتفظ بحق الكرامة الإنسانية بعد وفاة الفرد فحرّم التمثيل بجثة الإنسان حتى في الحروب.[٧]


حق الحياة

لماذا أوجب الإسلام حد القصاص؟

حرّم الإسلام جميع الأفعال التي تؤثر على حق الإنسان في الحياة، فمنع أي فعل يؤثر في سلامة البدن، والحفاظ على حق الإنسان في الحياة، فالإسلام منع القتال إلا إذا كان دفاعًا عن حق وبعد أن يتم استخدام وسائل قبل ذلك كالإعلان عن القتال والإنكار منه، كما حرّم الإسلام القتال من أجل نيل الغانم، أو بسبب وجود تعصب سواء عرقي أو قومي، وقيّد الإسلام الأعمال التي تمارس بالحرب، فحرّم قتل الشخص الذي لا علاقة له بالحرب كالمرأة والطفل والشيخ الكبير العابد، والعامل الذي لا يقتحم ساحة المعركة، وحرّم الأسلام حتى الإصرار بقوت الفرد كإتلاف النباتات أو إهلاك المواشي. [٨]


وكانت حياة الإنسان حدًا في الشرع لا يجوز تجاوزه حفاظًا على حق الإنسان في الحياة، ودليل ذلك هو وجوب القصاص على العباد ليكون رادعًا للناس جميعهم لعدم التطاول على حياة أحد حيث قال الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}،[٩] وقال تعالى أيضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ}،[١٠][١١] ولحفظ حق الحياة أيضًا فقد حرّم الشارع على الإنسان قتل نفسه

وإهلاكها سواءً بالخمر أو أي شيئ يؤثر على عقله أو بدنه أو حواسه كاملة حيث قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}.[١٢][١٣]


حق التعليم

ما هي أهمية العلم للإنسان؟

انبثقت كل الإحاطات والمعارف العلمية بإدراك الإنسان لخالقه بدايةً، وهو أول ما يجب معرفته، كما تعد المنظور الأول لحقيقة العلم في الإسلام،[١٤] فعلم الإنسان بالصانع الذي أتقن كل شيئ سيجعله ينتفع بكل ما أوجده له، وإن لم يتعلم فكيف ينتفع بتسخير هذه الأرض له ويسعد بما فيها من خيرات، وقد حرص الإسلام على أن يكون العلم منتشرًا بين العباد والله تعالى علّم عباده ما لم يعلمون، فعلّم نوح -عليه السلام- صنع السفينة، وعلّم داود عليه السلام، صنع السلاح لما ألآن له الحديد، وأيضًا تفضّل على ذو القرنين ببناء سدٍ منيع وهذه الأفعال كلها تحتاج لعلم حتى يتم تنفيذها وقد بيّن القرآن الكريم أهمية العلم حيث قال الله تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}.[١٥][١٦]


حق العمل

ما هو حكم العمل في الإسلام؟

اهتم الإسلام بالعمل حتى جعله فرضًا على العباد، وجعل للعاملين مكانة كريمة في المجتمع، ولأهمية هذا الحق للإنسان فقد جعل الله تعالى أنبياءه جميعهم لديهم عمل يأخذون أجرهم منه، وقد جاء في كتاب الله تعالى الكثير من الآيات التي تدعو إلى العمل وتؤكد على ضرورته ومنها قول الله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}،[١٧] حيث العمل هنا تشمل عمل الدنيا أيضًا، وغيرها الكثير من الآيات.[١٨]


حق التربية

كيف أعطى الإسلام حق الحياة للأطفال؟

حرص الإسلام على حسن التنشئة؛ وذلك لحماية أصحاب الحقوق الضعيفة في هذا المجتمع ولا شك أن هذه الفئة هي الأطفال، فأوصى الإسلام بتربية الأبناء والإحسان إليهم،وألغى جميع العادات التي كانت في الجاهلية التي كان بها انتهاك لهذه الحقوق فقد جاء عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إنّه قال: "بَايِعُونِي علَى أنْ لا تُشْرِكُوا باللَّهِ شيئًا، ولَا تَسْرِقُوا، ولَا تَزْنُوا، ولَا تَقْتُلُوا أوْلَادَكُمْ"،[١٩] فبدأ الإسلام بتحريم قتل الأبناء وإعطائهم حق الحياة، ثم فرض لهم باقي الحقوق التي تتصنف تحت حق التربية، كالنفقة والرعاية وغيرها.[٢٠]


حق الحرية

ما هي حدود الحرية في الإسلام؟

يُعد الإسلام أساس الحرية، فقد أوجب الإسلام هذا الحق حفاظًا على كرامة الإنسان وعلى الكيان الذي يقوم عليه الكون وهو استخلاف الإنسان في الأرض، فسعى الإسلام إلى نشر الحرية؛ وذلك عن طريق تحرير الناس من كل ما يُقيدهم، فأعطى الإنسان قدرة على التصرف كيفما يشاء ما لم يؤذي نفسه أو غيره، وأجب على الإنسان أن يتحرر من العبودية لغير الله تعالى.[٢١]


وقد اتّبع الإسلام نهجًا لتحرير الإنسان لم يسبقه إليه أحد، فقد عمل على إلغاء نظام الرق والعبودية، مع أن هذا الأمر كان موجودًا عبر الحضارات وكان نظامًا اقتصاديُا، فبدأ الإسلام يقلّص هذا المفهوم عن طريق عدة أمور منها جعل الكفارة عتق رقبة، وغير ذلك حتى تم إلغاء هذا المفهوم،[٢١] كما أمر الإسلام بالمشاركة بالرأي وجعل الحكم بالشورى ليكون لأولي الحكمة رأي وحرية في التعبير عن رأيهم، فجعل الإسلام الحرية للفرد من غير حدود سوى حدود الله التي تتضمن أصول الدين وأركانه والقيم والحدود ومراعاة المصالح العامة.[٢٢]


حق الحماية

كيف يكون حق الحماية للإسلام؟

أكد الإسلام على ضرورة توفير حق الحماية للإنسان والحفاظ على مصالح الفرد، فأوجب على الأمة أن ينصبوا إمامًا يقوم على حماية الفرد وحماية حقوقه في ممارسة دينه، وإبعاد كل من يحاول إلخاق الاذى بالمجتمع الإسلامي، كما حثّ الإسلام على ضرورة إنصاف المظلوم وحماية مصالحه.[٢٣]


حق التملك

كيف لبّى الشارع رغبة الإنسان في التملك؟

راعى الإسلام الفطرة التي جُبل عليها الإنسان من حب للتملك؛ فأعطاه الإسلام حقه في التملك وأرشده إلى الطريق الصحيح الذي يوصله إليه فحرّم الكسب غير المشروع، وأقر التملك من الكسب المشروع، فأعطى الإنسان حقه في التملك بالسبل المشروعه التي لا يعتريها حرمة حيث قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}.[٢٤][٢٥]


حق التصرّف في الممتلكات

ما هي حدود تصرف الإنسان في الممتلكات؟

يتمثل حق التصرف في الممتلكات بما يملكه الإنسان من ممتلكات خاصة كالمال والأرض وغيرها، فلا يجوز لأحد أن يصادره ما يملك أو يتدخل في تصرفه بماله، إنما هو حقُ مشروع له دون غيره، فالله تعالى جعل سبلًا مشروعة لمثل هذا الكسب، وبما أن الإنسان لم يتجاوزها فله حرية التصرف بها فقد جاء عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال: "مَن أحيا أرضًا مَيِّتةً فهيَ لهُ"،[٢٦] فجعل الإسلام للفرد الحق في التصرف في ممتلكاته ما لم تكن من المصالح العامة للمجتمع، أو تكون فيها مصلحة للمجتمع بأكمله.[٢٧]


حق الأجر العادل للعمّال

كيف ضمن الإسلام الأجر العادل للعمّال؟

جعل الإنسان الحق للعامل في أن يختار عملًا مشروعًا يناسبه، وأوجب عليه إتقان عمله وبالمقابل حق الأجر على عمله، ويجب أن يكون أجرًا كافيًا ومناسبًا لطبيعة عمله ومقداره، وفي حال اختلاف العمال أو أصحاب العمل في توزيع الأجر للعمال فإنه يجوز للقضاء والدولة أن تحكم بينهم بما يكون فيه رفع للظلم عن جميع الأطراف، وبهذا يكون الإسلام قد ضمن حق الأجر العادل للعمّال.[٢٨]


من أين تستمد حقوق الإنسان في الإسلام؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: مصادر حقوق الإنسان الشرعية

المراجع

  1. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:43، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  2. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4916، حديث صحيح.
  3. ^ أ ب كمال الدين جعيط، الإسلام وحقوق الإنسان في ضوء المتغيرات العالمية، صفحة 9. بتصرّف.
  4. سورة الأنعام، آية:152
  5. سورة النساء، آية:58
  6. سورة المائدة، آية:32
  7. ^ أ ب عبد الله بن عبد المحسن التركي، حقوق الإنسان في الإسلام، صفحة 55. بتصرّف.
  8. عبد الله بن عبد المحسن التركي، حقوق الإنسان في الإسلام، صفحة 56. بتصرّف.
  9. سورة المائدة، آية:45
  10. سورة البقرة، آية:178
  11. عبد الله بن عبد المحسن التركي، حقوق الإنسان في الإسلام، صفحة 57. بتصرّف.
  12. سورة النساء، آية:29
  13. عبد الله بن عبد المحسن التركي، حقوق الإنسان في الإسلام، صفحة 58. بتصرّف.
  14. عبد الفتاح عشماوي، حقوق الإنسان في الإسلام، صفحة 112. بتصرّف.
  15. سورة البقرة، آية:239
  16. عبد الفتاح بن سليمان عشماوي، حقوق الإنسان في الإسلام لعبد الفتاح عشماوي، صفحة 113. بتصرّف.
  17. سورة التوبة، آية:203
  18. عبد الفتاح عشماوي، حقوق الإنسان في الإسلام، صفحة 132. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:18، حديث صحيح.
  20. طاهر أحمد جمل الليل، حقوق الإنسان في الإسلام لجمل الليل، صفحة 35. بتصرّف.
  21. ^ أ ب عبد الله بن عبد المحسن التركي، حقوق الإنسان في الإسلام، صفحة 60. بتصرّف.
  22. عبد الله بن عبد المحسن التركي، حقوق الإنسان في الإسلام، صفحة 64. بتصرّف.
  23. طاهر أحمد جمل الليل، حقوق الإنسان في الإسلام لجمل الليل، صفحة 37. بتصرّف.
  24. سورة البقرة، آية:275
  25. سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 9. بتصرّف.
  26. رواه ابن حجر العسقلاني، في الدراية، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 24، رجال إسناده ثقات.
  27. سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 12. بتصرّف.
  28. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 6452. بتصرّف.
4837 مشاهدة
للأعلى للسفل
×