حكم الاحتفال بعيد الميلاد

كتابة:
حكم الاحتفال بعيد الميلاد

الحكم الشرعي

إنَّ الحكم الشرعي عبارة عن ثمرة علم أصول الفقه، وقد تمَّ تعريفه على أنَّه: خِطَابُ اللَّهِ، الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، بِالِاقْتِضَاءِ، أَوِ التَّخْيِيرِ، أَوِ الْوَضْعِ، ومن هنا يتبيَّن أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- وحده المشرِّع وتتبيَّنُ أحكامه من خلال الكتاب أو السنَّة، فتخرج بذلك الأحكام التي تمَّ تشريعها من خلال الحكم أو العادة،[١] وسيتم تخصيص هذا المقال لبيان معنى البدعة ثمَّ للحديث عن حكم الاحتفال بعيد الميلاد حيث أنَّه أحد العادات المستحدثة في هذا الزمن الحاضر.

البدعة

إنَّ ضابط البدعة في الشرع هو أن يتعبَّد الإنسان الله -عزَّ وجلَّ- بما لم يشرعه الله من أحكامٍ، أو بما ليس عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا خلفاؤه الراشدون -رضي الله عنهم- ودليل ذلك قوله تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}،[٢] ويدخل في البدعة أيضًا التعبُّد بأسماء الله -عزَّ وجلَّ- وصفاته العليا بما لم يأتِ به الشرع، أمّا ما يتبع العرف والعادة؛ فإنَّ استحداثه ليس من البدع في الدين، وإن كان في اللغة يسمى بدعة واستحداثًا.[٣] .

حكم الاحتفال بعيد الميلاد

إنَّ الاحتفال بعيد الميلاد عبارة عن عادة مستحدثة لم تكن زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا زمن صحابته الكرام رضوان الله عليهم جميعًا،[٤] وعليه فقد تعددت أقوال العلماء في حكم الاحتفال بعيد الميلاد فمنهم من قال بحرمة ذلك، ومنهم من قال بإباحته، ولكلّّ فريقٍ منهم دليله، وسيتم في هذه الفقرة تفصيل أقوال العلماء مع أدلتهم على النحو الآتي:

عدم جواز الاحتفال بعيد الميلاد

ذهب بعض المعاصرين مثل ابن باز وابن عثيمين إلى عدم جواز الاحتفال بعيد الميلاد على اعتبار أنَّ الأعياد تعدُّ من باب الشعائر التي لا تسوِّغ ولا يجيز الشرع الإحداث فيها، بالإضافة إلى أنَّها من باب التشبُّه بالكافرين،[٥] ودليل هذا الفريق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أحدَث في أمرِنا ما ليسَ فيهِ فهوَ ردٌّ"،[٦] فكلُّ ما ليس من الدين وليس على هديِّ رسول الله ولا على هدي صحابته مردودٌ وغير جائز، كما أنَّ رسول الله نهى عن التشبُّه بغير المسلمين، حيث قال: "خَالِفُوا المُشْرِكِينَ"،[٧] ومن المعلوم أنَّ أول من أحدث الاحتفال بعيد الميلاد هم المسيحيين.[٨]

جواز الاحتفال بعيد الميلاد

وقد ذهب معاصرون آخرون إلى القول بإباحة الاحتفال بعيد الميلاد، ومن هؤلاء الدكتور سلمان العودة مشيرًا إلى أنَّ الأصل في الأمور الدنيويَّة والعادات الإذن والسماح؛ إلَّا إن اقترن بها ما يمنع السماح مثل التشبُّه، أمَّا المنع فقد جاءت به الشريعة للأمور ذات البعد الديني والعقائدي، وأعياد الميلاد هي أمرٌ شخصيّْ ليس بها أيّ بُعد ديني أو عقائدي، وهو ليس تشبُّهًا؛ لأنَّه ليس من خصوصيَّات الأمم الكافرة، وقد قال ما نصُّه: "إنَّ الذي يَظهر لي أن هذه الاحتفالات الفردية ـ وذلك مثل أن يجمع طفل أصدقاءه وأولاد عمِّه وأولاد خالِه في مجموعة ألعاب، أو على شيء من هذا القبيل، أشياء في غاية البراءة والبساطة والعفوية ـ لا تحمل أيَّ بعد عقائدي، فإن الأصل فيها هو الإذن وليس المنع،أن الأصل ـ دائمًا ـ أقوى من الشيء الطارئ على الأصل، فهو ليس من خصوصيات الأمم الكافرة، وإنما هذا موجود الآن عند معظم ـ بل كل ـ شعوب العالم"، وبذلك أفتت دائرة الإفتاء المصريَّة.[٥]

المراجع

  1. "تعريف الحكم الشرعي وأقسامه: كتاب أصول الفقه من ورقات إمام الحرمين بشرح الحطاب"، www.maaber.org، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2020. بتصرّف.
  2. سورة الشورى، آية: 21.
  3. "ما هو معنى البدعة وما هي ضوابطها؟ "، islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2020. بتصرّف.
  4. "حكم الاحتفال بعيد الميلاد على سبيل العادة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-2-2020. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "أقوال العلماء في حكم الاحتفال بأعياد الميلاد"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-2-2020. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4606، حديث صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5892، حديث صحيح.
  8. "حكم الاحتفال بعيد الميلاد"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-2-2020. بتصرّف.
3437 مشاهدة
للأعلى للسفل
×