حكم الاستمناء في رمضان

كتابة:
حكم الاستمناء في رمضان

مفهوم الاستمناء

إنّ لفظ الاستمناء مأخوذ من المصدر استمنى، ومعناه طلب اللّذة الجنسيّة بممارسة العادة السّرية بدون جماع،[١] حيث يفعل الشّخص هذه العادة مُنفردًا بدون وطء؛ ويكون ذلك عن طريق الكفّ أو النّظر أو استخدام أدوات تزيد من الإثارة، للوصول إلى النّشوة واستنزال المنيّ، والعادة السّريّة تتمّ من خلال استثارة الأعضاء التّناسليّة للرّجال أو النّساء، ويترتّب على هذه العادة العديد من الآثار النّفسيّة والصّحيّة والجسديّة، ولفظ الاستمناء يختلف عن لفظ الإمناء، فالاستمناء معناه طلب خروج المنيّ بالتّعمُّد وفي حالة اليَقَظة، أمّا الإمناء والإنزال فقط يحصلان بدون تعمّد أو طلب؛ كالنّائم عندما يرى في منامه إثارة جنسيّة ونتيجة ذلك يخرج منه المَنيّ ففي هذه الحالة لا يؤاخذ الإنسان ويترتب عليه الغُسل فقط بدون وقوع الإثم، أمّا بالنّسبة للحكم المُترتّب على العادة السّرّيّة أو الاستمناء وخاصّة في شهر رمضان سيتمّ التّعرُّف عليه في هذا المقال، فما حكم الاستمناء في رمضان.[٢]

حكم الاستمناء في رمضان

إنّ الحكم العام للاستمناء أو العادة السّريّة، الحرمة وهذا لا يختلف عن حكم الاستمناء في رمضان، ومن الجدير بالذّكر أنّ حكم الاستمناء في رمضان يكون الإثم أضعافًا مُضاعفة؛ لأنّه شهر العبادات والطّاعات واختصّ القرآن في ذكره على أنّه من أعظم أشهر السّنة، ونتيجة الاستمناء واحدة وهي طلب نزول المنيّ والوصول إلى اللّذة الجنسيّة بغضّ النّظر عن الطّريقة المُستخدمة للاستنزال، وفيما يأتي سيتمّ توضيح حكم الاستمناء في رمضان باليد والنّظر وغيرها:

حكم الاستمناء في رمضان باليد

اتّفق جمهور الفقهاء أنّ حكم الاستمناء في رمضان باليد حرام ويُبطل الصّوم قياسًا على الجماع بدون إنزال فإنّه يفطر فمن باب أولى الإنزال بشهوة وهذا رأي الشّافعيّة والحنابلة والمالكيّة وغالب الحنفيّة، وخالف هذا الرّأي أبو القاسم من الحنفيّة وأبو بكر بن الإسكاف، فالمعتمد عندهما عدم إبطال الصوم لعدم تحقّق صورة الجماع الكاملة، واتّفق الجمهور أيضًا على عدم وجوب الكفّارة مع إبطال الصّوم؛ لأنّ الجماع الحقيقي لم يحصل ولعدم توفّر نصّ خاصّ يوجب الكفّارة، وهذا رأي الحنفيّة والشّافعيّة وقول عند المالكيّة وقول عن الحنابلة، وخالف في ذلك المالكيّة وأحمد في رواية والرّافعي؛ فالمُعتمد عندهم وجوب الكفّارة قياسًا على الجماع.[٣]

حكم الاستمناء في رمضان بالنّظر

إنّ حكم الاستمناء في رمضان بالنّظر يعتمد على عادة الشّخص، فإن كانت عادته الاستمناء بالنّظر فالصّوم يبطُل ووجبت الكفارة باتّفاق الفقهاء، فعند المالكيّة يكون الحكم على الإطلاق سواء تكرّر النّظر أم لا، وسواء كانت عادته أم لا، أمّا بالنّسبة للمعتمد عند الحنابلة، فإنّ الصّوم عندهم يبطُل عند تكرار النّظر فقط أيْ الذي اعتاد على الإنزال، وهذا قول عند الشّافعيّة أيضًا، أمّا بالنّسبة للمُعتمد عند الشّافعيّة والحنفيّة، فلا إبطال للصّوم على الإطلاق ولا كفّارة إن لم تكُن عادته الاستمناء.[٣]

حكم الاستمناء في رمضان بالتّفكير

إنّ حكم الاستمناء في رمضان بالتّفكير لا يختلف عن حكم الاستمناء بالنّظر، من حيث العادة والتّكرار وإبطال الصّوم، وهذا عند جمهور الفقهاء، الشّافعيّة والمالكيّة والحنفيّة، أمّا بالنّسبة للمُعتمد عند الحنابلة ما عدا أبي حفص البرمكيّ، فعندهم عدم إبطال الصّوم على الإطلاق مع عدم وجوب الكفّارة مُستدلّين بقول الرّسول عليه السّلام: "إنَّ اللهَ تعالى تجاوز لأُمَّتي عما حدَّثَتْ به أنفُسَها، و ما لم تتكلَّمْ به، أو تعملْ به"،[٤] ووجه الدّلالة في هذا الحديث، عدم ترتّب الحكم الشّرعي على ما يُفكّر به الإنسان إلّا إذا استرسل وطلب المنيّ للوصول إلى النّشوة والإنزال فحينها تترتّب الأحكام التي سبق ذكرها في عنوان حكم الاستمناء في رمضان بالنّظر.[٣]

حكم الاستمناء

إنّ الحكم العام للاستمناء الحرمة وهذا رأي جمهور الفقهاء؛ فلو كان في ذلك خير لأرشد إليه النّبيّ -عليه السّلام-، لكنّه رغّب الشباب بالزّواج فقط فإن لم يستطيعوا فعليهم بالصّوم، والدّليل على ذلك قول النّبيّ عليه السّلام: "يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ فإنَّه له وِجَاءٌ"،[٥]وبناءً على ذلك لا بُدّ من عدم الالتفات إلى الأقوال الضّعيفة أو المرجوحة، وفيما يأتي سيتمّ توضيح آراء الفقهاء في حكم الاستمناء:

المانعون

إنّ الأصل في الاستمناء الحرمة سواء باليد أو الوسائل الأخرى ويُعزّر فاعله ولكن ليس تعزيرًا مُغلّظًا كالزّنا، وهذا هو رأي جمهور الفقهاء، ورُوي عن الحنابلة أنّ حكم الاستمناء مكروه وليس مُحرّمًا، لكن أغلب أصحاب المذهب الحنبلي لا يُبيحونه خوفًا من العَنَت، أمّا من استمنى بدون إرادته فلا إثم عليه ويكتفي بالغُسل إذا أنزل المنيّ.[٦]

المجيزون

الاستمناء لغير الحاجة مُحرّم شرعًا لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}،[٧] ففي هذه الآية الكريمة أنّ ممارسة العادة السّرّية تنافي الحكم في هذه الآية، فحفظ الفرج يشمل عدم الزّنا وعدم قرب منطقة الفرج بالاستمناء ونحوه، وآخرون يرون الكراهة كالحنفيّة وأحمد في رواية،[٨] ولكن أباح بعض العلماء كالحنابلة وبعض الحنفيّة الاستمناء للضّرورة والحاجة؛ لتسكين شدّة الشّهوة وعدم التّطرُّق إلى الزّنا.[٩]

القائلون بالكراهة

إنّ الشّخص المُسلم واجب عليه حفظ الفرج باستثناء الزّوج وملك اليمين لذلك حُرم الاستمناء، أمّا إذا غلبت الشّهوة صاحبها ولم تكن له زوجة أو أمة فلا حرمة في ذلك وهذا قول الحنفيّة والحنابلة، فهم لا يُطلقون حكم الحرمة على من استمنى خوفًا من الوقوع في الزّنا أو الوقوع في انتكاسة صحّيّة، أمّا من اعتاد الاستمناء على الإطلاق فحكمه الحرمة باتّفاق المذاهب الأربعة، ومن الجدير بالذّكر أنّ الخلاف في إطلاق الحكم الشّرعي حاصل فقط عند وجود الضرورة أو عدمها، وخالف في ذلك ابن حزم صاحب المذهب الظّاهري، فالمُعتمد عندهم أنّ الاستمناء يُبنى على الكراهة ولا حرمة فيه قياسًا على مسّ الرّجل لعضوه التّناسلي بيده اليُسرى فإنّه مُباح بالإجماع، لذلك الاستمناء عند المذهب الظّاهري الكراهة، والمكروه هو ما يُثاب تاركه ولا يُعاقب فاعله.[٩]

المراجع

  1. "استمناء"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-3-2020. بتصرّف.
  2. "استمتاع"، www.al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-3-2020، بتصرف
  3. ^ أ ب ت "أَثَرُ الاِسْتِمْنَاءِ فِي الصَّوْمِ"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-3-2020، بتصرف.
  4. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم: 1698، حديث صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5065 ، حديث صحيح.
  6. "باب التعزير"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-3-2020. بتصرّف.
  7. سورة المؤمنون، آية: 5.
  8. "الاستمناء لخوف الزنا"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-3-2020. بتصرّف.
  9. ^ أ ب "الوطء المحرم"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-3-2020. بتصرّف.
3440 مشاهدة
للأعلى للسفل
×